بدأت الاثنين الماضي جلسات الحوار السياسي الليبي في تونس برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وبحضور 75 عضوا من مختلف المكونات الليبية.
الجلسات سادتها في البداية أجواء إيجابية وتوافقات نحو تشكيل سلطة تنفيذية تشرف على الاستحقاق الانتخابي وفق قاعدة دستورية متفق عليها.
وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالإنابة “ستيفاني ويليامز” إن المفاوضين اتفقوا على فصل السلطة التنفيذية عن الحكومة التي ستكون مسؤولة إلى حد كبير عن تقديم الخدمات.
ولكن كعادته خليفة حفتر يستمر في عرقلة أي مشهد سياسي ينهي حالة الانقسام، يوجد مؤسسات الدولة ويهمش طموحه في نيل السلطة بالقوة.
وقالت مصادر للرائد، إن حفتر يضغط على أعضاء المنطقة الشرقية في ملتقى الحوار الليبي المنعقد في تونس لتأجيل التسوية السياسية وخلق أسباب؛ لمنع الحوار من الاستمرار … فهل يحاول حفتر تكرار سيناريو غدامس؟
عرقلة
الكاتب عبد العزيز الغناي رأى أنه لدى حفتر شركاء في الغرب الليبي يعملون سويا على عرقلة الحوار، سواء عن طريق شخصيات خارج السلطة حاليا، وتسعى للاستئثار بها أو شخصيات تتمتع بصفة السلطة الحالية في المجلس الرئاسي.
وقال الغناي في تصريح للرائد، إن عقيلة صالح يسعى لتحقيق خروج ناعم لحفتر من المشهد العسكري، لكن حفتر ليس بالفريسة السهلة لكي يخرج بخفي حنين – حسب قوله-.
وأكد الغناي أن حفتر ومن ورائه روسيا يتحرك في خطين: الأول وصول حلفائه إلى السلطة وإلا عرقلة الحوار، أما الثاني فهو تثبيت وجوده عن طريق لجنة 5+5 كطرف قائم وواقع أصيل في المشهد الليبي، منوها بأنه إذ فشل حوار تونس نهائيا فمن غير المتوقع حدوث حرب قريبة؛ نظرا لفشل حفتر عسكريا وسياسيا في سحب السلطة من المجلس الرئاسي، وأيضا بسبب توافقات تركيا وروسيا في سوريا مؤخرا.
حالة التجاهل
الكاتب علي أبوزيد قال، إن حفتر يحاول عرقلة حوار تونس والدفع باتجاه عدم التوصل لنتائج؛ بسبب حالة التجاهل التي وضعه المجتمع الدولي فيها منذ هزيمته في جنوب طرابلس؛ لذلك فهو يسعى لإفشال هذا المسار.
واستبعد أبوزيد في تصريح للرائد، أن يكرر حفتر سيناريو غدامس؛ بسبب تغير موقف داعميه الذين أصبحوا على يقين من عجزه عن تحقيق الحسم العسكري، ولكن ربما يحاول خلال عرقلته لمسار التسوية أن ينجح الخط الذي فتحه مع عضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، ويجعله مساراً موازياً ويحشد أنصاره حوله.
بإيعاز إماراتي
الكاتب والمحلل السياسي محمد غميم، اعتبر أن حفتر بإيعاز إماراتي تسلل إلى أروقة حوار تونس، ومارس العبث عن طريق الضغط على ممثلي المنطقة الشرقية، إضافة إلى تواصله مع بعض ممثلي أطراف محسوبة على المنطقة الغربية؛ لأنه ببساطة التقت مصالحهم التي تصب في الحفاظ على استمرار الوضع كما هو عليه، والتشويش على تمكين السيد باشاغا من تولي أمور الحكومة.
وأشار غميم، في تصريح للرائد، إلى أن ما يحدث الآن من اللعب والعبث تحت إشراف الإمارات هدفه عدم الاستقرار في ليبيا، واستمرار الفوضى بعد أن فشلت في عدوانها العسكري بقيادة حفتر على طرابلس، لافتا أن دخول الروس في المعادلة العسكرية أزّم المشكل الليبي أيضا، وأربك حسابات حفتر على الأرض لاعتبار أن الروس أقرب إلى عقيلة من حفتر، وكل المعلومات الأخيرة تؤكد أن حفتر لا يملك السيطرة على المرتزقة الروس الموجودين، وبناء على هذا التحليل فلا أتوقع أن حفتر سيستطيع تكرار عدوانه العسكري.
وأوضح غميم أن التواجد العسكري القوي للحليف التركي الذي رفع من قدرات حكومة الوفاق يمنع تكرار العدوان العسكري على طرابلس، مضيفا أن العلاقة التي تربط تركيا بروسيا هي أكبر من حفتر والإمارات.
واعتبر غميم أن ما يسمى “كتائب موالية لحفتر أو جنجويد” هي عبارة عن عدد وآليات تفتقر لإمكانيات خوض أي معركة أو حتى التفكير تجاه الغرب، وإنما هي موزعة على نقاط فى الصحراء؛ لإرهاب وترويع المدنيين فى المنطقة الشرقية.
تقاسم السلطة
الكاتب الصحفي عبد الله الكبير يقول، إن فشل حوار تونس يعود لبنائه على صيغة تقاسم السلطة بين الأطراف الحالية المسبب الرئيس في الأزمات المتتالية.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن هذا ضد إرادة الشعب الذي يريد التغيير عبر الانتخابات، مشيرا إلى أن حفتر له تأثير كما للأطراف الأخرى تأثير في فشل الحوار، حسب تعبيره.