in

اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة وانعكاساته على ملتقى الحوار السياسي

الاتفاق الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 عكس بشكل كبير وواضح رغبة الليبيين في إنهاء حالة الاقتتال والحرب، وأكّد على أن الصراع المستَعِر فيما بينهم لا يمكن أن يحلّ بالاحتكام إلى السلاح، وبالرغم من أن الاتفاق الموقّع في جنيف وتحت رعاية البعثة الأممية لم يكن مثالياً ولاقى انتقادات وملاحظات من متابعين وناشطين، فإن التأكيد على أهمية هذه الخطوة والحث على إنجاحها كان محل اتفاق لدى الأغلبية.

هواجس حول الاتفاق:

التجارب السابقة التي طُبعت بطابع الفشل جعلت المخاوف حاضرةً دائماً من فشل أي خطوة قد تنهي الصراع، وهذا ما يدفع بالكثير للتأكيد على ضرورة وجود ضمانات واضحة وفعلية لمنع أي محاولة للعرقلة أو الإفشال، ولعلّ تأكيد كلا طرفي الاتفاق على ضرورة أن يدعم الاتفاق بتضمينه في قرار أممي يصدر من مجلس الأمن وينص على معاقبة المعرقلين ويلزم الجميع محلياً ودولياً بإنجاحه قد يعتبر مؤشر طمأنة تجاه هذا التخوف.

وهناك تخوف من تكرار حفتر لمشهد 4 أبريل 2019، وإن كان هذه المرة على تخوم سرت، ويمكن القول إن هذا السيناريو مستبعد، لأن الظروف الحالية مختلفة، فحفتر بعد هزيمته المدوية في جنوب طرابلس لن يجد الدعم الكافي لأي تحرك يقوم به، كما أن إقحامه للروس عبر مرتزقة فاغنر جعل واشنطن مستاءة منه فحسب، بل من داعميه أيضاً.

ويثير بعض المتابعين ملاحظات حول نص الاتفاق من حيث صيغته الفضفاضة التي قد تفسر بعدة تفسيرات، وهو ما قد يجعل هذا الاتفاق محل نزاع مستقبلاً بين الطرفين، وهي ملاحظات مهمة ومعتبرة غير أن الزمن الذي أُنجز فيه الاتفاق، وحالة الثقة الهشّة التي صاحبت إنجازه تجعل من المتوقع أن يكون بطابع عام وفضفاض، وهنا يأتي دور اللجان الفنية المشتركة التي ستُشكَّل بناءً على هذا الاتفاق وبإشراف الأمم المتحدة لتتناول التفاصيل وفقاً لنصوص هذا الاتفاق وأهدافه.

انعكاسات الاتفاق على الحوار السياسي:

السمة الأبرز التي تضمنها اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة هو تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، وإفساح المجال للحل السياسي، وهذا يعني إقرارَ حفتر وممثليه بفشل الحل العسكري، وإصراره على أن العملية السياسية لن تكون إلا بعد تحرير العاصمة طرابلس ليس إلا وهماً وخيالات، وفي تصريح المتحدث باسم حفتر في ظهوره الأخير عن عدم نيتهم الحديث أو التفاوض حول أي مناصب خاصة منصب القائد العام دليل على فقدانهم الأدوات للحصول عليها، أيضاً فإن هذا الاتفاق يمثل تعهداً من طرف قوات الوفاق بعدم الانجرار وراء التصعيد العسكري الذي لن يُفضي إلا إلى مزيد من الدماء والفوضى والتشظي.

وتمثّل هذه السمة (الوقف الدائم لإطلاق النار) وما سيصحبها من إجراءات الضمانةَ الأبرز لإنجاح العملية السياسية التي ستتحدد ملامحها في ملتقى الحوار بتونس في نوفمبر القادم، وربما سيكون إخلاء منطقتي سرت والجفرة من السلاح وإيقاف العمليات العسكرية فيهما تمهيداً لعمل حكومة وحدة وطنية من هذه المنطقة التي ستكون ملتقى الأخوة الفرقاء.

إن الاتفاق المرتقب التوصّل إليه في تونس الأيام القادمة لن يكون مثالياً ومرضياً لأي طرف لانطوائه على تنازلات يجب أن يقدمها الجميع، ولكن ينبغي أن يكون مقبولاً من خلال محافظته على الحد الأدنى من التطلعات التي قدمت من أجلها التضحية منذ فبراير 2011 وفي مقدمتها مدنية الدولة ورفض عسكرتها، وفي هذا السياق فإن أهم ما ينبغي إنتاجه من هذا الحوار حكومة وحدة وطنية تبسط سيادتها على كامل التراب الليبي وتوحّد المؤسسات وتعيد تقديم الخدمات بما يليق بالمواطن، وتعالج الأزمات التي تخنقه، وتكون شريكاً يعتمد عليه إقليمياً في محاربة الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

الأعلى للدولة: تصريحات الرئيس الفرنسي “غير المسؤولة” إهانة لأكثر من مليار ونصف مسلم

الوطنية للنفط: انتهاء كافة الاغلاقات بالحقول والموانئ النفطية