Menu
in

الجنجاويد: من رعي الإبل إلى بلاط الجنرالات الانقلابية

تنظيم مسلح ظهر في إقليم دارفور غرب السودان في ثمانينات القرن الماضي، ويضم عددا من القبائل العربية، أبرزها قبيلة البقارة التي تقطن الإقليم والمناطق الصحراوية المجاورة له، وظل هذا التنظيم المسلح على مدى 30 عاما كفصيل مسلح موال للحكومة السودانية قبل أن تتحول فجأة إلى ذراع طويلة لنظام عمر البشير، ويغير اسمها إلى اسم قوات الدعم السريع، والتي يبلغ تعدادها نحو 32 ألف شخص.

وقام البشير بترقية زعيم هذه الميليشيا حمدان حميدتي إلى ضابط برتبة عميد أواخر عام 2002 رغم أنه لم يدخل أي كلية عسكرية، بل لم يسبق له العمل في أي مؤسسة أمنية في الأساس، وكانت مهنته تجارة الإبل والمواشي بين السودان وتشاد وليبيا.

ميليشيات الجنجاويد تشبه إلى حد كبير ميليشيا حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فهم دولة داخل دولة، تعقد الاتفاقيات مع دول أخرى، ولها ميزانية منفصلة، وتقوم بحملات تجنيد للشباب والأطفال خارج نظام المؤسسة العسكرية الرسمية.

وكان الجنجاويد طيلة هذه السنوات مجرد رصاصة مأجورة متاحة لكل من يدفع لها للمشاركة في الحروب، وقد استخدمها الرئيس التشادي إدريس دبي في حربه ضد حسين حبري في ثمانينيات القرن الماضي، وشاركت في الحروب الأهلية الإفريقية، أبرزها النزاع القبلي بإفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية.

وعرف عنها النزوع إلى النهب والسلب، وحيازة الأراضي بقوة السلاح، وقطع الطريق أمام تجار الحدود بين السودان وليبيا وتشاد.. وبعد إعلان حفتر حربه على الشرعية في ليبيا عام 2014 وجدت هذه المجموعات فرصة غير عادية للكسب والثراء السريع عبر المشاركة في الحرب مع حفتر.

وكانت أول دفعة منهم جاءت إلى ليبيا وفق اتفاق رسمي بين حميدتي وحفتر في أغسطس من عام 2017 يقضي بإرسال نحو 200 شخص منهم إلى الحقول النفطية، ومنها حقل زلة قبل أن يتجهوا إلى الجفرة بعد استقدام مجموعة أخرى جديدة يفوق عددها الآلاف.

وهكذا كانت بداية الطريق نحو ليبيا، حيث بدأوا بالتوافد بشكل مستمر إلى ليبيا دون حتى أي اتفاق رسمي مع حفتر حيث اتخذوا من الجفرة والأودية المحيطة بها مقار لهم للانطلاق نحو الطرق الرئيسة لإقامة بوابات وأخذ الإتاوات من المواطنين.

ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل تعداه الأمر إلى إقدامهم على عمليات خطف وسطو على المواطنين في الطريق الرابطة بين سبها والجفرة، وطلب فدية منهم تصل إلى ملايين الدينارات، ويشمل ذلك خطف العائلات وقتلها إذا لم يتم دفع الفدية.

إلى جانب ذلك تحول الجنجاويد إلى جيش جاهز، وتحت تصرف كل من يدفع له في الجفرة، وهذا ما حصل، حيث استدعاهم حفتر بشكل جماعي أثناء عدوانه على العاصمة طرابلس، وقد استقدم أعدادا كبيرة منهم، وزج بهم في محاور القتال جنوب طرابلس.

كما زاد عليهم نحو ثلاثة آلاف آخرين منهم بعد مضي نحو 8 أشهر من الحرب، وهؤلاء كانوا صفوة قوات الدعم السريع التي يتزعمها حميدتي، وتلقوا رعاية خاصة من قبل حفتر؛ حيث أعطوا سيارات خاصة بهم، فضلا عن أسلحة ثقيلة ومتوسطة، الأمر الذي لم يلقه أحد غيرهم من الجنجاويد الذين كان حفتر يقول لهم: “أي شيء تقع عليه أعينكم في المحاور هو حلال عليكم” لكنه لم يعطهم أي سيارات أو أسلحة خاصة بهم.

ومن الملاحظ كذلك أن الجنجاويد تطور أمرهم أكثر من ذي قبل، حيث أصبحوا إمبراطورية كبرى تشارك في أغلب الحروب بإفريقيا الوسطى إلى وقود لحرب اليمن وليبيا، فضلا عن بسط سطوتهم على القرار السياسي في السودان بعد وصول قائدهم حميدتي إلى سدة الحكم.

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version