انتشر جدل واسع بين المتابعين منذ انطلاق اجتماعات المسار الاقتصادي للحوار الليبي المنبثق عن مخرجات مؤتمر برلين في القاهرة بمشاركة شخصيات مالية ومصرفية تمثل المؤسسات الاقتصادية الليبية، حول مدى جدوى هذه الاجتماعات، خاصة في ظل التدخل السلبي للقاهرة في الملف الليبي.
البداية مع قمة برلين التي عقدت في 19 يناير الماضي، وخلصت إلى الخروج بـ 3 مسارات، سياسي وعسكري واقتصادي، فأما المسار العسكري والأمني فيتألف من 5 ضباط نظاميين من كل طرف وقد عقدت أولى جولاته في جنيف، وأما المسار الاقتصادي فقد بدأت أعماله في القاهرة، وبقي المسار السياسي الذي لم يبدأ حتى الآن.
خطأ من الأساس
ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمود سويسي، أن الدخول في حوار ترعاه القاهرة خطأ من الأساس؛ لأن القاهرة ساهمت بنصيب وافر في العدوان على العاصمة.
وأضاف سويسي، في تصريح للرائد، أن نتائج هذا الاجتماع لن تكون لصالح حكومة الوفاق، ولا ليبيا بالأساس، ولذلك كنا نأمل من ممثلي حكومة الوفاق أن يطالبوا بتغيير المكان.
وتابع سويسي أن ليبيا لا تعاني أزمة اقتصادية في حين تعاني مصر أزمة اقتصادية خانقة، فكيف يعالج بلد مريض بلدا آخر؟! مطالبا حكومة الوفاق بالتركيز على الحل السياسي، كما أن اجتماع القاهرة لن يحقق أي هدف، وربما يعقّد بعض الأمور أكثر.
ذو طبيعة فنية
أما الكاتب السنوسي إسماعيل فيرى أن اجتماع القاهرة سيكون ذا طبيعة فنية؛ لأن من غير الممكن مناقشة توزيع الثروة كما يشاع؛ فهو موضوع سياسي بامتياز وفيه انقسام كبير.
وأضاف إسماعيل، في تصريح للرائد، أنه بالنظر إلى كون الحاضرين من ذوي الخبرات الاقتصادية وممثلين لهيئات اقتصادية ومالية ـ فأظن أنهم سيناقشون توصيات أو مقترحات، ويعملون كلجنة خبراء لوضع تصورات للوضع الاقتصادي لا أكثر ولا أقل.
وتابع إسماعيل أن تحديد مكان الاجتماع في القاهرة هو محاولة من البعثة الأممية لإرضاء بعض الأطراف، ولكن من الأفضل أن تكون مثل هذه الاجتماعات في بلد محايد لا علاقة له بالصراع.
ترضية لعملية الكرامة
ويؤكد الكاتب عبد المجيد العويتي كذلك، أن اهتمام البعثة بالمسار الاقتصادي هو للخروج برؤية فنية للوضع الاقتصادي؛ لأن أتباع عملية الكرامة، وتحديداً من مواطني المنطقة الشرقية، يتحدثون دوما عن أن أساس الإشكال الواقع في ليبيا هو عدم التوزيع العادل للثروة على حد وصفهم.
وأضاف العويتي، في تصريح للرائد، أن اجتماع القاهرة، بحسب المعلومات الواردة، هو اجتماع فني وليس حوارا كالمسارين السياسي والأمني، وإن صح ذلك فسترفع توصيات الخبراء الاقتصاديين هناك للبعثة الأممية لوضعها في مقترحها العام للحل.
عبث وخلط للأوراق
ويؤكد الكاتب علي أبو زيد أن إقحام الجانب الاقتصادي في العملية التفاوضية هو نوع من العبث، ومحاولة لخلط الأوراق وتشتيت الجهد الذي ينبغي أن ينصب أساسًا على قاعدة دستورية تدار عليها العملية السياسية التي بحلها ستحل تلقائيًّا المشكلة الاقتصادية.
وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أن منح القاهرة حق استضافة الجانب الاقتصادي هو تَعَدٍّ على أهم جوانب التفاوض الذي ينبغي أن يكون في مكان حيادي، ومصر شريك في العدوان على طرابلس، ولا يمكن أن تكون محايدةً أو طرفًا نزيهًا أو مقبولًا في أي حوار.
وتابع أبو زيد أن ادّعاء غسان سلامة أن جزءا كبيرا من الصراع في ليبيا أساسه اقتصادي قائم على توزيع موارد الدولة ـ هو تصور مخادع، فانهيار الاقتصاد نتاج الخلل في العملية السياسية التي تعاني من ضعف السلطات
فهل يقدم اجتماع القاهرة الوصفة الناجحة للاقتصاد الليبي على الرغم من معاناة البلد المستضيف لويلات أزمة اقتصادية أم يزيد تعقيد الأزمة أكثر مما هي عليه الآن نتيجة الدعم المصري لعدوان حفتر على طرابلس المستمر منذ أكثر من 10 أشهر تقريبا؟