in

ما الذي تحقق بعد ثلاثة أسابيع على مؤتمر برلين؟

مرت قرابة 3 أسابيع على مؤتمر برلين في الـ 19 من يناير المنصرم، الذي ضم 12 دولة وعددا من المنظمات الدولية والإقليمية أكدت فيه التزامها بقرار حظر توريد الأسلحة، وتعزير وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه في 12 من يناير الماضي، وإطلاق حوار عسكري وسياسي واقتصادي عقب الاجتماع.

لكن مخرجات برلين لم تطبَّق على أرض الواقع فما زالت الأسلحة تتدفق إلى ليبيا، فقد أرسلت الإمارات قرابة 3 آلاف طن من العتاد العسكري لحفتر، وهو أكثر ممّا أرسلته له طوال العام الماضي، وفقا لمصادر صحفية فرنسية، يضاف إلى ذلك الاختراقات المتكررة لمليشات حفتر التي قصفت مطار معييتقة والأحياء السكنية في جنوب طرابلس وخلّفت قتلى وجرحى من المدنيين، ولا ننسى الهجوم البري والجوي الذي شنته على منطقة بوقرين وتكبدت فيه خسائر فادحة على يد قوات الجيش الليبي المرابطة هناك.

وخرج رئيس البعثة الأممية غسان سلامة من جنيف معلنا انطلاق اجتماعات اللجنة العسكرية 5+5، مشيرا إلى أن الطرفين وافقا على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاق دائم، وعودة النازحين وتبادل الأسرى، لكن الطرفين لم يتوصلا إلى تفاهم كامل حول الطرق المثلى لإعادة الحياة الطبيعية إلى مناطق الاشتباكات، مبينا أن الطرفين لم يلتقيا وجها لوجه وسيلتقيان في الجولة الأخرى يوم 18 من الشهر الحالي.

أما فيما يتعلق بالمسار السياسي، فأوضح سلامة أن سبب تأخيره هو عدم حصولهم على قائمة الأعضاء الـ 13 الذين سيمثلون مجلس النواب في الحوار؛ لصعوبة العمل المشترك بين نواب طبرق وطرابلس، حسب تعبيره، في حين أن قائمة ممثلي المجلس الأعلى للدولة جاهزة، مؤكدا أن الـ 26 فبراير سيكون موعد انطلاق أعمال المسار السياسي في جنيف، معبّرًا عن أمله في مشاركة الجميع فيه.

أما المسار الاقتصادي، فاختار سلامة أن يعقد في الـ 29 من الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة، وسيبحث ملف إغلاق النفط وإعادة توزيع عائداته، وفق قوله.

وفي ضربة جديدة لمخرجات برلين، أفشلت روسيا مشروع قرار بريطاني عرض على مجلس الأمن يعتمد مخرجات برلين ويدعو إلى ثبيت وقف إطلاق النار بسبب ورود عبارة “مرتزقة” به.

وأشارت وكالة “فرنس برس” إلى أن الولايات المتحدة الامريكية طلبت أن يتضمّن النص صراحة “المرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية”، لكنها عادت ووافقت على الاكتفاء بعبارة “مرتزقة” ليصبح النص البريطاني أمام احتمالين، إما إجراء محادثات جديدة بين أعضاء مجلس الأمن، وإما إجراء التصويت على المسودة بدون تعديل على نص القرار.

السفارة الأمريكية تحذر من تجدد الحرب

وحذرت السفارة الأمريكية من تجدد الأعمال العسكرية، مؤكدة أنها تنتهك التفاهمات التي جرى التوصل إليها في مؤتمر برلين.

وأوضحت السفارة، على حسابها الرسمي في تويتر، أنها تراقب التقارير الموثوقة التي تفيد بتخطيط كلا الطرفين لعمليات عسكرية في المستقبل القريب.

ودعت السفارة كل الأطراف وداعميهم إلى النظر بعناية في المخاطر الكامنة في مثل هذه الإجراءات، ومضاعفة الدعم للحوار الأمني الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف الذي يسعى للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، بحسب البيان.

المؤتمر يحتاج لتحرك حقيقي يلجم المعتدي

ويرى الكاتب والمحلل السياسي علاء فاروق، أن مؤتمر برلين حرك راكدًا، لكنه يحتاج إلى مصداقية وتحركات حقيقية يمكنها لجم من يبدأ العدوان ويفسد أي تسوية سياسية.

وأضاف فاروق، في تصريح للرائد، أنه على الصعيد السياسي لم يحصل أي تقدم، لكن على المستوى العسكري يمكن أن نقول إنه جرى تسليط الضوء على بعض خروق ميليشات حفتر، والحديث عن هدنة وخروقات وإرسال قوات مراقبة وهو ما أقلق بعض الدول التي كانت تراهن على حسم المعركة، سواء أكانت قوى دولية مثل فرنسا وروسيا أم إقليمية مثل الإمارات ومصر.

ويتابع فاروق أنه فيما يتعلق بالمسار العسكري فقد اجتمعت اللجنة العسكرية المشكلة من الطرفين في جنيف، وحتى الآن الأخبار شبه مطمئنة، ولهذا حدد المبعوث الأممي غسان سلامة موعداً للمسار السياسي.

مزيد من التعقيد

ويخالف فاروقَ في تفاؤله المحامي وأستاذُ القانون الدولي سامي الأطرش الذي يرى أنه لم ولن يُنجَز أي شيء من المسارات الثلاثة التي دعا إليها المبعوث الاممي عقب مؤتمر برلين؛ لأن كل هذه الإجراءات لم تُبنَ على مسار صحيح فمصيرها بالتأكيد سيكون الفشل ومزيدا من التعقيد للأزمة.

وأضاف الأطرش، في تصريح للرائد، أن الأزمات لا تُحلّ بالقفز للأمام بل يجب هضم الأمور بشكل موضوعي أولا ثم الانتقال بعد ذلك للمسارات التي تمثل عناصر حل أي مشكلة، وهي الاقتصادي والاجتماعي والأمني.

وتابع الأطرش قائلا “يبدو أن المجتمع الدولي غير جادّ حقيقة في حل الأزمة الليبية”، ولذلك فهو يهرول إلى الأمام تاركا خلفه الواقع الأمني والاعتداء على العاصمة وعلى الديمقراطية والدولة المدنية قائمًا؛ لإعطاء المزيد من المساحة للمعتدي ليرتب صفوفه ويستأنف اعتداءه.

وأوضح الأطرش أن استمرار الواقع على ما هو عليه الآن لا يشير إلى وجود أمل في نجاح المسارات التي تقوم بها الأمم المتحدة رغم تصريحات غسان سلامة العديده أمام العالم.

مهدد بالانهيار

ويؤكد الكاتب عبدالله الكبير، عدم حدوث أي جديد بعد قمة برلين سوى تخفيض حدة المواجهات المسلحة وإطلاق الحوار العسكري في جنيف، والحديث عن إطلاق بقية مسارات الحوار.

وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن ما تحقق بصورة عامة يعدّ محدودا جدا ومهددا بالانهيار، وهناك احتمال لعودة الاشتباكات من جديد.

وتابع الكبير قائلا “ولذلك فإن الحكومة الألمانية لا تزال تحاول عبر دبلوماسيتها المحافظة على عنفوان المؤتمر وتثبيت وقف إطلاق النار الذي اتفق علية في مطلع يناير الماضي، والحد من التدخل الخارجي في الأزمة الليبية”.

لم يختلف الأمر كثيرا

وقال الكاتب عبد المجيد العويتي، إن الأمر لم يختلف بعد برلين عمّا قبله، فحتى جلسة مجلس الأمن الدولي التي أريد لها أن تؤكد مخرجات برلين لم تنجح في ذلك، أما انخفاض صوت الرصاص المتقطع فهو مكسب روسي تركي وليس نتاجا أوروبيا.

وأضاف العويتي، في تصريح للرائد، أن الرابح في مسألة برلين، كما يبدو، هو من كان يقول إن مؤتمر برلين جاء قطعًا للطريق أمام تفاهم روسي تركي حيال الملف الليبي وتسوير أوروبا من ضفتها الجنوبية في شمال المتوسط، ولم يأتِ خالصا لوجه حلّ الأزمة الليبية، حسب تعبيره.

فهل نشهد تجددا للحرب قريبا، خاصة بعد تحذير السفارة الأمريكية من تخطيط الطرفين لعمليات جديدة، واستمرار اختراق مليشيات حفتر للهدنة الهشة، وتدفق السلاح المتواصل إلى ليبيا

البعثية الأممية تعلن انتهاء الجولة الأولى من اجتماعات 5+5، واتفاق الأطراف على ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار

بلدي زليتن يوقع مع الوكالة الأمريكية للتنمية ميثاقا لتحسين الخدمات بالمدينة