في بلد الكتائب والثكنات العسكرية قد ترى أو تسمع عن اعتقالات لنساء وربما لأطفال، وقد تتساءل عن الأسباب وراء ذلك، ولكنك حتماً لن تجد إجابةً شافية تودي بك إلى فهم ما آلت إليه الأمور في هذا البلد؟
لم يكن لسهام سرقيوة النائبة في البرلمان الليبي أي ذنبٍ يذكر إلا انتقادها لأفعال الجيش المزعوم في المنطقة الشرقية بقيادة حفتر وأتباعه، سهام سرقيوة اليوم في عداد الموتى، ولا أحد يعلم مصيرها سوى من اعتقلوها ونفذوا العقاب فيها دون جريمة، اختفت سهام عن وجه الحقيقة وركلوها بالتغييب ولم يتوانوا حتى عن إيذاء أفراد أسرتها الذين بدورهم لم يستطيعوا أن يستنكروا ما حصل معهم ولم يصدر عنهم أي تصريح يذكر عما حدث لصاحبة الأسرة، وما الذي حدث في تلك الليلة الشعواء؟
تعرضت سهام سرقيوة إلى التعنيف بالتأكيد، وتعرض منزلها وأسرتها إلى أشد أنواع الأذى النفسي والجسدي، وقد دفعت سهام كامرأة ثمن حرية التعبير باهضاً وهو حريتها الشخصية، والاحتمال الأكبر أن تكون قد دفعت حياتها ثمناً لذلك، نحن وبالتكتم عن هذه الجريمة النكراء بحق النائبة وما لحقتها من جرائم بأيدي من يسمون أنفسهم جيشا نظاميا نساهم بصمتٍ عارٍ وصارخ عن كشف الحقيقة ونساعد نُباش القبور في مواصلة جرائمهم بحق من يقولون الحقيقة بحق من هم في سدة الحكم وحتى من يعبرون بآرائهم في صفحاتهم الشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي سيجدون أنفسهم عرضة للانتقام والاعتقال، إنها سياسة تكميم الأفواه والترهيب الإجباري وتقويض الأقلام والألسن ومنع حرية التعبير، ما الذي اقترفته النائبة ليكون مصيرها هكذا؟ أين هي الآن؟
ولماذا لم تبدأ التحقيقات المحلية والدولية عن سبب اختفائها وما الذي تعرضت له؟ وما ألمّ بها بعد تلك التصريحات على القناة التلفزيونية التابعة لأنصار حفتر؟ وما الرابط بين تصريحاتها واعتقالها؟
المرأة في ليبيا تعاني بكل معنى الكلمة في دولة تقدر ميزانيتها بأكثر من 45 مليار دينار سنوياً، فنراها تقف في طوابير طويلة أمام البنوك لتحصل على فُتات مال، ونراها في طوابير المحال التجارية لتحصل على فتات خبز ونراها حتى أمام بيوت الله تطلب العون من مرتادي المساجد، وهي تحمل طفلاً لا حول له ولا قوة؟ ونراها ممن تسلب منها الحقوق كافة حقاً بعد حق وهي تئن ولا مناص من العيش بذل في وطن مسلوب؟ من اهتم لأمر الثكالى؟
من التفت لأمهات أبناء الجبهات الذين يقارعون الصقيع والعدو في آن؟ من التفت للنازحات والمهجرات من بيوتهن وهن يعانين الأمرين لتوفير سبل العيش لهن ولأبنائهن؟
الشريحة النسوية في ليبيا غيبت جميعها قسراً، وما سهام سرقيوة إلا مثال حي أو ربما ميت يسرد بقايا ما تعيشه نساء هذا الوطن من معاناة، الوطن الذي بخل من فيه على المنّ بمن صنعه، المرأة فيه لم تتساو مع الرجل لا في الحقوق ولا الواجبات ولا حتى في حق العيش بسلم وسلام ولم يكن لها صوت يسمع أو منصب يذكر.