يحتفل الليبيون اليوم بالذكرى الـ 68 لاستقلال البلاد، واعتراف الأمم المتحدة بها دولة ذات سيادة.
الاستقلال الذي نالته ليبيا في الـ 24 من ديسمبر عام 1951 كان تتويجاً لنضال الأجداد وجهادهم ضد قوى الاستعمار التي حاولت احتلال البلاد ونهب خيراتها إلا أن مساعيها باءت بالفشل؛ لإيمان المؤسسين لليبيا بأحقية الشعب في اختيار نمط الحياة التي يريدها دون وصاية من أحد.
محاولات الوصاية
في 17 من مارس 1949 اتفقت دول بريطانيا وإيطاليا على مشروع “بيڤن سفورزا” الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس، والبريطانية على برقة، والفرنسية على فزان، وأن تمنح ليبيا الاستقلال بعد 10 سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية.
المشروع حظي بموافقة اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في 13 من مايو 1949 وقُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه، وهناك باء بالفشل؛ لعدم حصوله على النصاب الكافي من الأصوات المؤيدة، نتيجة للمفاوضات المضنية التي قام بها وفد من أحرار ومناضلي ليبيا لحشد الدعم لاستقلال البلاد والمطالبة بوحدتها واستقلال أراضيها.
مشروع الاستقلال
بعد فشل مشروع “بيفن سيفورزا” اقترحت وفود دول الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة قرارا ينص على ضرورة نيل ليبيا استقلالها قبل الأول من يناير عام 1951.
وفي 21 نوفمبر 1949 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم “289” الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952، وكُونت لجنة لتعمل على تنفيذ القرار وبذل قصارى جهدها لتحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة.
الحراك الديمقراطي
في أكتوبر عام 1950، بدأت تظهر ملامح الحراك الديمقراطي في ليبيا بعد أن تكونت جمعية تأسيسية من 60 عضواً يمثلون أقاليم ليبيا الثلاث، واجتمعت برئاسة مفتي طرابلس في الـ 25 من نوفمبر من السنة نفسها، لتقرر شكل الدولة، وتكلف لجنة لصياغة الدستور.
درست لجنة صياغة الدستور النظم الاتحادية المختلفة في العالم وقدمت تقريرها إلى الجمعية التأسيسية في سبتمبر 1951 وتكونت أثناء ذلك حكومات إقليمية مؤقتة بليبيا.
وفي 29 مارس 1951 أعلنت الجمعية التأسيسية تشكيل حكومة اتحادية مؤقتة في طرابلس برئاسة محمود المنتصر، وفي 12 من أكتوبر نقلت إلى الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية السلطة كاملة ما عدا الأمور المتعلقة بالدفاع والشؤون الخارجية والمالية، ونقلت السلطات المالية إلى حكومة ليبيا الاتحادية في 15 من ديسمبر.
وبعد إعلان الجمعية التأسيسية تشكيل حكومة اتحادية، أُعلن في 24 ديسمبر 1951 م الدستور واختير محمد إدريس السنوسي ملكا للمملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاث ولايات (طرابلس وبرقة وفزان).
توحيد البلاد
على الرغم من محاولات بعض الدول الاستعمارية إبقاء ليبيا مقسمة تحت النظام الاتحادي، إلا أن شعب ليبيا عبر ممثليه المنتخبين استطاعوا في الـ 26 من أبريل عام 1963، تعديل الدستور وتأسيس دولة ليبيا الموحدة باسم “المملكة الليبية” وعاصمتها طرابلس.
وفي الوقت الذي يتذكر فيه الليبيون جهاد ونضال الأجداد في نيل الاستقلال والصعود بليبيا إلى مصاف الدول المتقدمة، وإنشاء دولة معاصرة في حقبة زمنية قصيرة ـ تسعى بعض الدول لدعم المشاريع العسكرية المناهضة للديمقراطية وحق الشعوب في اختيار من يحكمها عبر صناديق الاقتراع، وتحاول إعادة حقبة الانقلابات العسكرية على الحكومات والسلطات الشرعية، ووأد العملية السياسية والمناخ الديمقراطي تماماً كما هو مسجل في تاريخ جُل البلاد العربية.