in

التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية وصناعة الحكام

” فرج كُندي

عضو مؤسس فى المنظمة

إن الأزمة التي يعاني منها الرئيس الأمريكي الحالي ” دونالد ترامب ” التي صاحبته مع وصوله إلى كرسي الرئاسة بعد حملة إعلامية قوية, وتصدر أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي في تأجيج الموضوع لنقله إلى موضوع قضائي وموضوع رأي عام يريد معرفة حقيقة ومدى تدخل روسيا في دعم حملته الانتخابية, تناقلت فيها وسائل الإعلام الأميركية الأنباء المتواترة عن اتصال بعض أعضاء حملته الانتخابية مع الروس حول دعم وصول ترامب إلى كرسي رئاسة الولايات المتحدة الامر الذي أدى إلى استدعاء مستشار الرئيس وصهره ( كوشنر ) للاستماع إلى شهادته حول الموضوع.

وفي إطار التحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، كُلفت لجنة للتحقيق برئاسة المستشار الخاص ” روبرت مولر ”

في جلسة استماع أمام الكونغرس الأمريكي، أجاب المحقق الخاص روبرت مولر على أسئلة متعلقة بالتحقيق حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016. فأكد مولر أن تقريره لم يبرئ الرئيس الأمريكي بشكل تام.

مع تأكيده على قيام روسيا بجهود ساعية في مساعدة ترامب للوصول إلى سدة الحكم.

وبغض النظر عن دعوات تورط الرئيس الأمريكي الحالي ” دونالد ترامب ” من عدمه سواء بطريقة مباشرة منه شخصيا أو عن طريق غير مباشر عبر أحد مساعديه في حملته الانتخابية بعلمه أو بدون علمه فهو مضوع حسمه تقرير المستشار مولر مع تأكيده على تدخل روسيا في هذه الانتخابات .

إن هذا الموضوع الذي تصدر المشهد السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة والعالم أجمع, وهو جدير بذلك لم يكن وليد اليوم بل تكرر الكلام عن التدخل الروسي – الاتحاد السوفيتي السابق – في الانتخابات الامريكية في أواخر ستينيات القرن الماضي أثناء حملة الرئيس الأمريكي الأسبق ” ريتشارد نيكسون ” .

ذكر الدكتور هنري كيسنجر السياسي الأمريكي المخضرم مستشار الرئيس الأمريكي نيكسون للأمن القومي الأمريكي حينها في الجزء الأول من مذكراته في الطبعة العربية في سياق استعراضه للعلاقات الأمريكية السوفيتية, وفي تعليقه على استعداد الرئيس ” نيكسون ” تقديم بعض التنازلات للنواب الأمريكان من ذوي الاتجاه المعتدل, وكذلك لتنمية العلاقات بين الشرق والغرب , ولتثبيت تفوقه الجديد مدى طويل , وخشية من قمة ” غلاسبورو” من أن تكون سبباً لعودة نفوذ جونسون ” ((معتقدا أن السوفييت قد اتفقوا مع الديمقراطيين على إفشاله في الانتخابات )).

وإن كان كيسنجر لم يؤكد على وجود تدخل سوفيتي لصالح الديمقراطيين ضد خصمهم الجمهوري نيكسون ألا أن كيسنجر وهو رجل السياسة الأمريكية ومستشار الأمن القومي الأمريكي المطلع على دقائق الأمور السياسية والأمنية الاستخباراتية, ولما له من فطنة ودهاء, لو كان معتقد أن اعتقاد نيكسون غير مقبول وغير متوقع ما تركها تمر ولم يعلق على عدم احتماليتها وذكرها دون تأكيدها يعطي فرضية احتمال وقوعها، خاصة أن تلك الفترة تشهد ذروة الصراع بين قطبي العالم؛ الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية, وهي فترة ما كانت تعرف بفترة الحرب الباردة بين الدولتين أو القطبين .

هذا ما يحدث بين الدول العظمي في التدخل للتأثير في اختيار أو تنصيب القادة والرؤساء فكيف يحدث مع الدول الأقل قوة ؟ بل كيف يُصنع بدول العالم الثالث الذي لا وزن له!!! فالمؤكد أن الدول العظمي تصنع له حكام لا وزن لهم. وتدخلها قديم بقدم هولا الحكام .

كانت بديات التدخل مع تعزيز التواجد الانجليزي في الخليج العربي في القرن التاسع ثم أخذت ذروة نشاطها مع اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 ميلادي وما عرف باتفاق أو مراسلات ” حسين مكماهون” الذي ينص على أن يقوم الشريف حسين بالتحالف مع الانجليز ضد الأتراك مقابل أن ينصبوه ملكا على العرب؛ تلتها تباعا مرحلة عرفت بصناعة الملوك في السعودية وسوريا والعراق الاردن, ثم جاءت مرحلة حكم الجيوش ( العسكر ) نتيجة التنافس الأمريكي البريطاني بعد صعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية وتراجع دور بريطانيا في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ميلادي .

نتج عنها العديد من الانقلابات العسكرية المتكررة على أنظمة الحكم الملكية أو انقلاب العسكر على العسكر ولم ينجح انقلاب إلا بدعم وموافقة إحدى القوى الدولية الكبرى .

وسبب نجاح هذه القوى في تنصيب الحكام على شعوب المنطقة العربية يتمثل في أن هذه البلدان غير محصنة ضد هذا التدخل في غياب الحريات وتسلط أنظمة دكتاتورية, في حين فشلها في دول العالم الحر هو ما تتمتع به هذه الشعوب من حرية ومؤسسات راسخة فاعلة تكافح أي تدخل أجنبي في إدارتها أو تقرير من يحكمها بل الحاكم يأتي عبر انتخابات حرة نزيه مع وجود مؤسسات قانونية ودستورية فاعلة تراقب وتتابع أي تدخل خارجي أو محاولة تزييف داخلي لتمنعه وتحول بينه وبين الوصول إلى غايته.

والحقيقة أن محاولات تدخل الدول الكبرى في تشكيل وصناعة الحكومات الموالية أو التي تحقق مصالها عمل طبيعي في عالم السياسة , ولكن الشعوب الحية والدول الناجحة هي من تملك الحصانة المضادة لمنع هذا التدخل أو الحد منه على أقل تقدير.

ولعل تجربة محاولات التدخل الدولي والاقليمي في العالم العربي بعد ما عرف بثورة الربيع العربي للحيلولة دون نجاح تجربة حرية الشعوب في اختيار حكامها وصناعة أنظمتها الخاصة بمحض إرادتها ودون تدخل تؤكد حتمية المواجهة لحفاظ الدول والشعوب على مكتسباتها ومقدراتها التي اكسبتها وإلا سوف يكون مصيرها أن يقودها حاكم تمت صناعته بإرادة خارجية ليكون موظفا يحقق إرادتها وينفذ تعليماتها وتوجيهاتها التي ربما تضر بالوطن والمواطن معا سواء عن وعي أو بدونه لأنه مسلوب الإرادة وإرادته رهن من أتى به إلى السلطة وهو ما سينعكس على حرية البلاد وحفظ ثرواتها وأمنها واستقرارها .

“فاقدو الأطراف” في معركة تحرير سرت من تنظيم الدولة يواصلون بناء جمعيتهم

رئيسة مجلس الشيوخ الإيطالي تدعو للبحث عن حل سياسي لليبيا