in

اتجاه التدخل الروسي في ليبيا وحراك برلين

في أسبوع واحد غطت صحيفتان من أهم الصحف الأمريكية التدخل الروسي في ليبيا في شكله الجديد، ذلك أن موسكو كانت داعمة لحفتر منذ العام الأول لعملية الكرامة، والجديد أن الدعم انتقل إلى مرحلة إرسال جنود روس، يعملون في شركة خاصة لكن تستخدمهم موسكو في العمليات العسكرية المهمة.

فقد تحدثت صحيفة الواشنطن بوست ونيويورك تايمز عن وجود ما بين 200 و300 عنصر من مرتزقة فاغنر يقومون بإدارة جزء من المعارك وينفذون أعمالا قتالية كان لها أثرها الظاهر في سير المواجهات في محورين من بين المحاور السبع الرئيسية التي تشهد الاشتباكات منذ أشهر.

وبحسب الصحيفتين، فإن قادة محاور القتال التابعين لحكومة الوفاق لاحظوا تغير الأسلوب القتالي في المحورين الذين ينشط فيهما الجنود الروس، وعلقت الصحف المذكورة عن أن تجهيزات المقاتلين وأسلحتهم من النوع الخاص جدا والفعال، ومن بين هؤلاء قناصة يستخدمون بنادق وذخيرة متطورة.

عدد محدود لسد فجوة كبيرة

هذا العدد، القليل نسبيا الفعال عمليا، كان ضروريا بالنسبة لحفتر الذي تشهد قواته تناقصا في العدد وتراجعا في القوة القتالية، فقد باءت أغلب محاولات حفتر لتجنيد مقاتلين ضمن المناطق التي تخضع له بالفشل، وكانت الحصيلة أعدادا قليلة لا تفي بالغرض. ولم يكن للمرتزقة الذين تم جلبهم من تشاد أو السودان تأثير مهم في سير المعارك، فأصبح الاعتماد على الروس حيويا جدا في هذه المرحلة الحرجة من عمر هجومه على طرابلس.

يبدو أن واشنطن، في حكم ترامب، لا تتعامل مع التوسع الروسي اليوم وفق الرؤية الاستراتيجية الأمريكية المعهودة

غير أن 200- 300 مقاتل لا يمكن أن يؤدوا دور القوات البرية القادرة على كسر الحاجز الذي صنعته القوات المدافعة عن العاصمة، وبرغم كفاءتهم العالية سواء على مستوى تدريب المنظمين الجدد لجبهات القتال أو مهارتهم في القنص وفي الرماية بالمدفعية والقذائف، فإن تخطي القوة المدافعة يتطلب عشرة أضعاف هذا الرقم على أقل تقدير، ونقل هذا العدد إلى طرابلس لابد وأن يكون له أصداء كبيرة في المحيط الليبي ولدى العواصم الغربية التي يهمها الوضع في ليبيا بدرجة كبيرة.

هل تُقْدم موسكو على تكثيف حضورها في النزاع الليبي؟

هناك خياران أمام موسكو بعد إنزالها الجنود الروس وتقديمها بعض الأسلحة المهمة لحفتر خلال الأسابيع الست الماضية، الأول هو المحافظة على الوجود المحدود الذي يطيل عمر النزاع بما يحقق لموسكو هدف إزعاج الأوروبيين ومضاعفة الضغوط عليهم ومن ثم تعزيز حضورها في مفاوضات وقف الحرب وتسوية النزاع.

الاحتمال الثاني هو تقديم أسلحة نوعية بكميات أكبر، وأن يصبح العدد الحالي من المقاتلين باكورة تصعيد تدريجي يكون هدفه ترجيح كفة حفتر في المعارك وتضييق الخناق على العاصمة وربما دخولها، أو فرض تسوية يكون حفتر هو المستفيد الأكبر فيها وموسكو هي المتحكم في القرار، وذلك في تخريجة شبيهة بما هو واقع اليوم في سوريا.

هل يمكن لجم التدخل الروسي؟

ربما تستطيع أوروبا، خاصة العواصم التي ترتبط مصالحها الاقتصادية والأمنية بليبيا، التكيف مع السيناريو الأول السابق عرضه إلى حين، أما السيناريو الثاني فإن المنطق يقول إنه يدخل في دوائر التهديد المباشر لها، وبالتالي ستوظف كل ما تملك من أوراق لمنع وقوعه، حيث إنه سيناريو لم يقع حتى في أيام الحرب الباردة وذلك عندما كان النظام الليبي تحت مظلة الاتحاد السوفييتي.

لذا لا أشك في أن حراك مؤتمر برلين يتهيأ للحيلولة دون تطور الوضع وفقا للسيناريو سابق الذكر، ويهدف إلى توحيد الموقف الأوروبي تجاه التهديد الروسي المحتمل، والذي يعكسه اللقاءات التي تجمع مندوبين عن العواصم الأوروبية الخمس الكبرى، وكذلك المباحثات مع الأطراف المنخرطة في النزاع ومن بينها روسيا.

موسكو كانت داعمة لحفتر منذ العام الأول لعملية الكرامة، والجديد أن الدعم انتقل إلى مرحلة إرسال جنود روس، يعملون في شركة خاصة لكن تستخدمهم موسكو في العمليات العسكرية المهمة.

غير أن أي حراك أوروبي لا يستند إلى الرافعة الأمريكية هو حراك محدود الأثر والتأثير، ويبدو أن واشنطن، في حكم ترامب، لا تتعامل مع التوسع الروسي اليوم وفق الرؤية الاستراتيجية الأمريكية المعهودة، والدليل على ذلك ما وقع في سوريا والذي انتهى بانسحاب أمريكي وتعزيز النفوذ الروسي أكثر.

وإذا تأكد انسحاب واشنطن، فإن هذا في حد ذاته يمثل ضربة قوية للقارة الضعيفة سياسيا، ومن المرجح أن تعجز بروكسيل عن لجم التدخل الروسي أو مكافأته عسكريا، ويبقى الباب مفتوحا لدخول بعض العواصم الأوروبية على الخط، منفردة، ودعم حكومة الوفاق، مما يعني انتقال الحرب إلى مرحلة أشد خطورة.

كُتب بواسطة raed_admin

الحرس البلدي يغلق مستودعا للغاز بالشمع الأحمر في النوفليين

تقرير الخبراء يكشف تورط الإمارات والسودان في دعم العدوان على طرابلس