Menu
in

مقابلة خاصة مع الرئيس السابق للأركان العامة للجيش الليبي “يوسف المنقوش”

في مقابلة خاصة مع الرائد رأى رئيس الأركان السابق يوسف المنقوش أن عملية بركان الغضب أفشلت مخططا كبيرا يهدف إلى احتلال العاصمة، مشيدا بدور حكومة الوفاق في صد عدوان حفتر على طرابلس.

كيف تقيّم عملية بركان الغضب، وهل تتفق مع ما يتداول من أنها جاءت متأخرة؟

بدؤها متأخرة تحكمه الظروف، ولكن تقييمي لعملية بركان الغضب أنها استطاعت إفشال مخطط كبير يهدف لاحتلال العاصمة طرابلس في غضون 7 أيام، بدءاً من تجميع القوات في الجفرة ثم اقترابها من غريان ثم دخولها طرابلس مع تحريك قوات محلية وخلايا نائمة، فقد جرى امتصاص الهجوم وإفشاله استراتيجياً من الأسبوع الأول، وهي قادرة على إنهاء المعركة وحسمها.

ولكن أود أن أشير إلى نقطة وهي أن انتصار بركان الغضب يجب أن يستغل سياسيًّا، فقد كان من المفترض عقد مؤتمر صحفي كبير جداً لرئيس المجلس الرئاسي أو وزير الخارجية، يكشف فيه عن الأسلحة المعثور عليها، وعلى ضوئها تتخذ قرارات حازمة مع الدول المتورطة.

توليت رئاسة أركان الجيش الليبي لأكثر من عام، فهل قمتم بأي جهود لبناء المؤسسة العسكرية؟

طبعاً، أنا أول رئيس أركان للجيش بعد انتصار الثورة، وعُينت بعد بقاء المنصب شاغراً إثر مقتل اللواء “عبد الفتاح يونس”، ولم يكن هناك جيش ولا توجد أي مؤسسات عسكرية، وكان هناك حالة من الفراغ.

ومع تسلمنا للمهام بدأنا العمل لتجميع هذه المؤسسة المتشظية، واستطعنا خلال عام ونصف إبراز كيانها بإنشاء رئاسات الأركان المختلفة، وإنشاء المناطق العسكرية والإدارات والهيئات والقيام بأعمال كبيرة جداً في صيانة المقرات وتجميع المنتسبين، وتوفير الاحتياجات المختلفة، كما جرى التركيز على النشاط البنيوي بعقد ورش العمل والندوات للخروج بتصورات وأفكار في كيفية إعادة بناء هذا الجيش.

أيضاً كان من أبرز التحديات التي واجهتها رئاسة الأركان هو كيفية استيعاب المسلحين في ذلك الوقت، وتبنت رئاسة الأركان القرار الصادر عن القائد الأعلى في ذلك الوقت، وهو رئيس المجلس الانتقالي، بإنشاء قوة تسمى “قوة درع ليبيا”، وهي بحسب قرار إنشائها قوة احتياطية مؤقتة للجيش ورئاسة الأركان مكلفة بتنظيمها ووضع هياكلها، وفعلاً بدأنا في هذا العمل باستيعاب كل الثوار والخروج بتشكيلات تستطيع أن تحافظ على الأمن ضمن تراتبية وتبعية محددة.


كانت خطتنا مقسمة على ثلاث مراحل، الأولى مرحلة الاستيعاب، وكان الغرض منها استيعاب كل حَمَلة السلاح ووضعهم في قاعدة بيانات؛ لمعرفة أعدادهم الحقيقية، وإخراج مزدوجي العمل منهم، وتسجيل سلاحهم وتحديد القوة الفعلية لهم.


وتستهدف المرحلة الثانية تسجيل المعدات والأسلحة، ووضع هيكلية مبدئية، وأيضاً وضع معايير للانتساب لهذه الوحدات.
أما المرحلة الثالثة فهي البدء بتنفيذ هذه الهيكليات ومن تنطبق عليه المعايير، والخروج بهذه التشكيلات والوحدات المنظمة، ووضع حلول لمن لا يرغبون في العمل في المجال الأمني أو العسكري أو الذين لا تنطبق عليهم المعايير.


وخلال رئاستي للأركان أنشأنا إدارة من أهم الإدارات وهي إدارة التدريب التي كانت ناجحة بشهادة الملحقين العسكريين الأجانب، والفضل في ذلك يعود للعميد الراحل “محمد سالم النعيرية” الذي كان ـ رحمة الله عليه ـ بالفعل الرجل المناسب في المكان المناسب، واستطاع أن يبني الإدارة على أعلى مستوى.



هل من يتبعون لخليفة حفتر هم جيش فعلاً؟



حينما نقول جيش، فإننا نعني بذلك مؤسسة لها ملامح، ملامح هذه المؤسسة تبدأ بالهيكلية، والامتثال للقانون، وتطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني، وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ الحرب، والالتزام بقواعد الاشتباك وقانون القتال، وأي مؤسسة تلتزم بذلك فهي جيش، أما إذا لم تقم بذلك فهي ليست بجيش مهما كانت تسميتها.


ولو ألقيت نظرة على من يتبعون حفتر ستراهم لا يلتزمون بذلك، فلا تراتبية عسكرية لديهم ولا قيادات بالأقدمية، بل إن قادة كتائبهم من المدنيين، علاوة على أن أعمالهم القتالية لا تلتزم بمبادئ الحرب ولا بالقانون الدولي الإنساني، فهم ينبشون القبور ويعذبون ويقتلون الأسرى، فمن يتبعون حفتر ليسوا إلا عصابات وميليشيات تنتحل اسم الجيش.



أنت اليوم مُقرّب من حكومة الوفاق، لماذا لم تسمِّ هذه الحكومة الدول المتورطة في دعم خليفة حفتر على العاصمة طرابلس بعد توافر الأدلة؟



أنا لست مقرباً من حكومة الوفاق، حتى أنني لا أحمل أي منصب فيها، ولكنني بعد العدوان على العاصمة طرابلس انخرطت مثل بقية الناس للقيام بما أستطع القيام به، وأنا مقتنع أن الحكومة عندما بدأ الهجوم على طرابلس قامت بدور مهم ومميز، إذ أعلنت حالة النفير، وكلفت القوات الجوية بالتصدي، ودعمت الجبهات، وهو في الحقيقة عمل تشكر عليه الحكومة، ويجب علينا الوقوف وراءها ومساندتها، كما يجب أن نقوّمها وننصحها، فالملاحظ حالياً أن الأداء السياسي لا يتماشى مع الأداء العسكري.


فالأداء العسكري في الحقيقة مميز، إذ استطاعت القوات إفشال الهجوم على طرابلس من الأسبوع الأول، ورغم ذلك فموقف الحكومة متماسك، إذ إن لديها إصرارا على صد المعتدين، وهذا شيء إيجابي.


لماذا لا يخضع خليفة حفتر للسلطة السياسية، وبم تفسر عدوانه على العاصمة طرابلس في وقت كان يتهيأ فيه الليبيون للمؤتمر الجامع بغدامس؟



“خليفة حفتر” لا يريد أن يخضع لأي سلطة، يريد أن يكون هو فقط، مع أنا لو نظرنا لتفاهمات أبوظبي لوجدنا أنها أتاحت له نصيبا وافرا في السلطة، لكنه ضرب بذلك عرض الحائط؛ لأنه لا يؤمن بالدولة المدنية.


حفتر يحمل أفكار معمر القذافي نفسها، فحفتر يريد أن يكون هو الحاكم فقط ولا يقبل أن يكون شريكا في السلطة.



ما مصداقية ما يتداول عن نهب 23 مليون قطعة سلاح من ليبيا، خاصة وأنك أشرت في تصريحات سابقة إلى أن ليبيا كانت تمتلك ترسانة من السلاح أثناء الثورة وانتقلت أعداد كبيرة منها خارج البلاد؟



في حقيقة الأمر “معمر القذافي” جعل من ليبيا مخزن سلاح كبيرا، وعقد صفقات سلاح لا تحتاجها ليبيا، وهي عبارة عن أكوام من الخردة حالياً، حتى أن ليبيا تحتاج مئات الملايين حالياً للتخلص منها، وجعل ليبيا ممتلئة بمستودعات الأسلحة والذخائر، وهذه إحدى المشاكل التي ورثناها من نظام القذافي.


وبعد ثورة السابع عشر من فبراير قلّت سيطرة الدولة، وفعلاً هناك أسلحة تسربت ولكن لا تصل إلى 23 مليون.



ثمة لوم على الحكومات الليبية المتعاقبة بما فيها من رئاسات أركان ووزارات دفاع لعدم دمجها القوات الاحتياطية أو القوات المساندة في مؤسسات الدولة، فهل أخفقت تلك الحكومات في ذلك فعلاً؟



استيعاب ودمج التشكيلات المساندة في مؤسسات الدولة أمر ليس بالسهل، خاصة أنه بعد انتهاء العمليات العسكرية في ثورة السابع عشر من فبراير، تضاعفت الأعداد بدرجة كبيرة جداً، ففي أثناء أحداث الثورة جبهات القتال لم يكن بها أكثر من 30 ألفا، وبعد إعلان حرب التحرير أصبحنا نتحدث عن 160-170 ألفا في اللجنة الأمنية العليا، إضافة إلى 75 ألفا في الدروع، وهذا العدد كان كبيرا جداً، وبرامج الاستيعاب كانت تشكل صعوبة.



كما أن الفرصة لم تتح للسلطات المتعاقبة الممثلة في رئاسة الأركان، حتى وزارة الداخلية، أن تقوم ببرامج حقيقية للاستيعاب، رغم إنشاء هيئة للمحاربين عملت بمستوى تنظيمي بدرجة كبيرة جداً، فاستيعاب المسلحين هو مشروع دولة، يجب أن تشترك فيه كل مؤسسات الدولة، وليس الأمنية والعسكرية فحسب.



قلت في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام إن عملية إعادة بناء الجيش تحتاج كثيراً من الجهد والوقت، لكن ألم تكفِ 8 سنوات لذلك؟



هل بدأت العملية أساسا لتُستكمل؟! لم تبدأ العملية خاصة بعد الانقسام السياسي في 2014م، وإعادة البناء تحتاج مدة طويلة جداً، وإذا وضعنا البرامج اللازمة فستستغرق سنوات، على الأقل كل عام يكون هناك تطور في هذا الاتجاه، فعملية إعادة البناء معقدة جداً.



وأنت أمام حل من اثنين، لديك مؤسسات قائمة بإمكانك تفعيلها أو إعادة بنائها، فهذه المؤسسات المترهلة الضخمة مهما قمت بضخ الإمكانيات فيها فلن تستطيع القيام بمهامها، والسبب الظروف التي مرت بها عند تكوينها خلال 42 عاماً.


والحل الثاني إزالة المؤسسة وبناء مؤسسة جديدة على أنقاضها، وهنا يجب أن تذهب إلى مقاربة أخرى وهي عملية إصلاح كبيرة، مضمونها أخذ نسبة معينة من المؤسسة القائمة للبناء عليها، لكن في المقابل يجب وضع الحلول.


شاركت في الحرب الليبية – التشادية خلال الثمانينات، والتي أسر فيها “خليفة حفتر”، كيف كان دور الأخير في الحرب، وهل تملك أي معلومات بشأن نقله لأمريكا؟



“خليفة حفتر” كان آمراً للمحور الشرقي بعد سيطرة القوات التشادية على مدينة “فادا”، وكانت مهمته استرجاع المدينة، وجرى تحشيد القوات في وادي الدوم، ولكن في الحقيقة حدثت بعض الأخطاء على ثلاثة مستويات، بينها الاستراتيجية التي دخلت بها القوات الليبية لتشاد من ناحية عسكرية كانت استراتيجية خاطئة، بمعنى أن تشاد أرض صحراوية مفتوحة ليس للأرض أي قيمة فيها، فكان ينبغي أن تبنى الاستراتيجية على الحفاظ على القوة وتدمير قوة الخصم، لكن الاستراتيجية التي اتخذت كانت للحفاظ على الأرض.



الخطأ الآخر على المستوى العملياتي ويتحمل مسؤوليته بالكامل آمر المحور وقتذاك خليفة حفتر، وهو أن القوات عندما كانت تتجهز للذهاب إلى “فادا”، حصلت معركة في المنطقة بين وادي الدوم وفادا، وهناك كتيبة استطلاع تعرضت لهجوم وأبيدت، فلم يرسل “حفتر” القوات بشكل جماعي وإنما أرسلها على مجموعات فكانت لقمة سائغة للعدو في معركة مكتوب لها الفشل من البداية، أضف إلى ذلك أخطاء أخرى تكتيكية تتعلق بالمقاتلين أنفسهم.



لا أملك أي تفاصيل بشأن نقل “خليفة حفتر” لأمريكا ولكن ما علمته أنه وقع في الأسر مع آخرين، ثم نقل من تشاد إلى إحدى الدول الإفريقية، وهناك قُسم الأسرى فمنهم من نقل لأمريكا ومنهم من عاد لليبيا.

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version