Menu
in

الملتقى الجامع .. آمال الانعقاد ومخاوف المخرجات

يطرح المبعوث الأممي غسان سلامة مؤتمره الجامع وسط أزمة حادة، فغير خافٍ على أحد النزاعات والانقسامات العميقة التي أرهقت واقع البلد، في ضوء ازدياد في وتيرة العمل العسكري، وما يثير الاستغراب هو استمرار رفض بعض الأطراف الفاعلة وغير الفاعلة لأي حل سلمي يذيب النزاعات ويبدد الانقسامات.

بشكل عام، كل ما من شأنه تحريك الجمود السياسي الذي تمر به البلاد يعتبر أمرا مرحباً به، لا سيما أن هذا الجمود يعد سببا رئيسيا في تعزيز الفوضى وانتشار الإرهاب وتفشي الفساد، وبالتالي فمن المنطق الترحيب بعقد هذا الملتقى الجامع الذي تسعى البعثة إلى عقده دون أن تحدد زمانه أو مكانه.

غير أن هذا لا يعني التسليم بكل ما يُجهز له، أو يمنع من الخوض فيه ونقده، فربما يكون الملتقى بداية النهاية للأزمة الليبية، وربما هو سهم آخر في جسد البلاد يزيد من الآلام ويؤخر العلاج.

فكرة عقد الملتقى الجامع فكرة قديمة جديدة جاء بها سلامة بعد تعيينه ووضعها خطوةً ثالثةً في خارطة طريق لحل الأزمة، وتطورت مع تطور الأوضاع السياسية.

يقول بعض المراقبين الدوليين للشأن الليبي إن الملتقى الجامع هو الفرصة الأخيرة لغسان سلامة ليثبت نجاحه، وهو أمر مفصلي يجعل المبعوث الأممي يبذل قصارى جهده لتفادي الفشل في مهمته، ولذلك هو يقوم بما في وسعه للتحضير لهذا الملتقى حتى لو غض الطرف عن بعض المثالب والقصور الذي من الممكن أن يصاحب مخرجات الملتقى، خاصة وأن هذه المخرجات ستكون أمام طاولة مجلس الأمن الدولي لاعتمادها، ما يعني أنها ستلقى دعما دوليا كبيرا يزيد من إمكانية تنفيذها أو “فرضها” على أرض الواقع.

المأخذ الكبير على سلامة في موضوع الملتقى الجامع والذي من الممكن أن يكون عقبة في توافق الأطراف على مخرجاته هو الغموض الكبير الذي يكتنف مساعي البعثة في فترة ما قبل انعقاد الملتقى، وهو ما أثار تحفّظ عدد من الأطراف السياسية وأبرزهم المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.

يبرر سلامة هذا الغموض علناً بأن مخرجات المؤتمر الجامع ستقتصر على موعد للانتخابات وتقليص للمرحلة الانتقالية وتوحيد للمؤسسات، وسرا وفق بعض التصريحات الخاصة بأنه يتعمد هذا الغموض حتى لا يجد رفضا للمخرجات المزمع اعتمادها من الحاضرين للمؤتمر الجامع، وهو تبرير ساذج من سلامة، وعمق المعضلة وتعقدها يجعلنا نسوغ هذا التبرير “مكرَه أخاك لا بطل”.

كما أن طريقة اختيار المجتمعين التي انتهجها سلامة تكرس حالة التوجس من الملتقى، حيث أعلن أن 23 فئة من شرائح الشعب الليبي ستكون حاضرة للملتقى؛ ما يعطي انطباعا بالمشاركة الواسعة لكافة شرائح الليبيين، لكن هذه المشاركة الواسعة تخفي خلفها حقيقة أن من يحدد الأشخاص الذين يمثلون هذه الشرائح في الملتقى هو سلامة نفسه، ما يعني بداهة أن أجندة الملتقى ستمرر بدون أي يلاقي المبعوث أي عناء يذكر.

هذا لا يعني السير نحو رفض الملتقى الجامع جملة وتفصيلا، بل ينبغي التعاطي معه بحرص وذكاء؛ لأنه رغم ما يعتريه من مخاوف يظل الملتقى الجامع نافذة أمل لانفراجة سياسية بعد سنوات من الانسداد، وهو خيار جيد لضم كل الأطياف السياسية بمن فيهم أنصار النظام السابق، ووسيلة لقبول كل الأطراف لبعضها البعض وعدم إقصاء أيّ أحد، وسيكون محطة تاريخية عظيمة في تاريخ ليبيا لو أسّس لدولة مدنية تستوعب الجميع وتحقق الاستقرار.

المصدر: ليبيا الخبر

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version