Menu
in

التدخل الروسي في ليبيا.. محدداته واتجاهاته

ليبيا حليف لروسيا لعقود خلت قبل ثورة السابع عشر من فبراير، ولطالما شكل الاتحاد السوفياتي، وفي القلب منه روسيا الاتحادية، درعا يحمي النظام السابق من ضغوط الغرب ويفسح له المجال للمناورة وحتى تهديد المصالح الأمريكية والأوروبية هنا وهناك.

لماذا وقفت روسيا على الحياد في آخر أيام القذافي؟

لكن روسيا لم تحمِ حليفها من قوات الناتو ولم تحرك ساكنا وقت صدور قرار مجلس الأمن رقم 1973 القاضي بحماية المدنيين حال وقوع اعتداء من قوات القذافي، واعتبر مراقبون روس أن وقوف الرئيس الروسي “ديمتري مدفيدف” على الحياد في الأزمة الليبية العام 2011م لا يعكس توجها روسيا أصيلا، فقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا “Levada” الروسي أن 13% فقط من الروس أيدوا سياسة مدفيدف.

لذا فإن التدخل الروسي القوي والعنيف والمواجهة العنيدة لمواقف الدول الغربية في الأزمة السورية وأيضا التدخل في ليبيا لم تعكس فقط تفكير ورؤية وسلوك الرئيس “بوتين”، بل عبرت عن رأي عام روسي يرى أن حماية ودعم الحلفاء القدامى واجب.

مصالح روسية في ليبيا

بالقطع هناك مصالح اقتصادية لروسيا في ليبيا، فقد بلغت العقود التي تم توقيعها قبل تفجر الثورة نحو 8 مليارات دولار أمريكي منها اتفاقات تسليح وأخرى مشاريع بنية تحتية كالسكك الحديدية وأخرى اتفاقات اكتشاف نفطي.

إن لتدخل روسيا في ليبيا بُعدٌ يتجاوز المكاسب الاقتصادية وينحو منحى آخر في إطار الصدام مع الغرب في ملفات عدة.

غير أن البعض يرى أن المصالح الاقتصادية وحتى مشاريع الطاقة ليست هي الباعث الرئيس خلف التدخل الروسي في الصراع الليبي من خلال دعم خليفة حفتر وقواته في عملياته العسكرية المختلفة، فقد ذهب الخبير الروسي ميخائيل كروتيكن “Mikhail Krutikhin” إلى أن غاية بوتين ليس التنقيب على البترول الليبي، بل منع الأوروبيين من فعل ذلك.

صحيفة الصن “The Sun” البريطانية ذهبت إلى شيء قريب من هذا المعنى بالقول إن معلومات مصدرها المخابرات البريطانية تظهر أن موسكو أرادت اللعب بورقة الهجرة غير الشرعية في ليبيا للضغط على أوروبا أو أهم عواصمها، مما يعني أن لتدخل روسيا في ليبيا بعد يتجاوز المكاسب الاقتصادية وينحو منحى آخر في إطار الصدام مع الغرب في ملفات عدة.

وعليه فإن الصفقات التجارية ومشاريع الطاقة تتعدى الحاجة الاعتيادية في تقدير المصالح لتتحول بالنسبة للروس إلى أداة استراتيجية للضغط وورقة سياسية للتفاوض مع الأطراف النافذة على الخريطة الدولية.

موسكو لها قنوات مع حفتر وسيف الإسلام وفتحت قناة اتصال وتفاهم مع المجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج وتحاول التواصل مع “مصراتة”

التقرير الذي نشره موقع بلومبرغ “Bloomberg” حول الدور الروسي في ليبيا، والذي اعتمد في مضمونه على معلومات وتحليلات خبراء روس ودبلوماسيين غربيين وغيرهم يشير إلى أن موسكو لم تحسم أمرها في ما يتعلق بحليفها الرئيسي ولم تقطع في رهانها على من يكون النافذ في القرار السياسي الليبي وكيف.

بمعنى أن حفتر البالغ من العمر 77 عاما هو خيار للرهان في المدى القصير وليس في المدى الطويل، وأن سيف الإسلام الذي يمثل النظام السابق، الصديق القديم لروسيا، والدائرة الأهم لاختيار الحليف بالنسبة لموسكو، يواجه ملاحقة قضائية من المحكمة الجنائية الدولية تحول دون وصوله للحكم سلميا عبر انتخابات، ولا يملك قوة عسكرية ضاربة تمكنه من أن يكون بديلا فاعلا على الأرض.

هذه العوائق دفعت الروس إلى أن تتبنى موقفا سياسيا يصفه البعض بالمتوازن، ولكنه في حقيقته يعكس حالة من عدم اليقين حيال الخيار الأمثل.

فتح قناة اتصال وتفاهم مع المجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج ومحاولة التواصل مع “مصراتة” يعكس ما وصف بالتوازن، وهو في رأيي فتح المجال لكل الخيارات للتماهي مع الاتجاه الذي تفرضه الظروف المحلية والدولية، وهو موقف مؤقت يمكن أن يتغير بشكل سريع إذا ما تطور الوضع واحتدم الصراع دوليا حول ليبيا.

المصدر: العربي 21

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version