in

مرزق تلملم جراحها وتداوي نسيجها الاجتماعي الذي مزقته “الكرامة”

لطالما اشتهر أهل الجنوب بطيب معاملتهم وإكرامهم للضيف، ولطالما اعتبر كثيرون الجنوب بمثابة العائلة الواحدة ضمن بقعة جغرافية شاسعة، يميزهم الترابط وصلة القرابة على اختلاف قبائلهم وأعراقهم.

هذا الترابط تعرض لامتحان صعب فور إعلان قوات الكرامة بدء حملة عسكرية في الجنوب تحت شعار محاربة الإرهاب والجريمة والمجموعات المسلحة من دول الجوار، فقد عزفت على وتر القبيلة والمكونات الاجتماعية في المنطقة، فرفعت شأن قبائل وحاربت بها أخرى؛ لأنها لم ترحب بها أو لأنها عرفت أن ما سيحدث للجنوب لن يكون بعيدًا عمّا حدث لبعض مناطق الشرق من تفكك للنسيج الاجتماعي وسفك للدماء بين أبناء القبائل الليبية.

جيش “الإبادة العرقية”

في أول رد فعل على ما حدث في الجنوب إبان دخول قوات الكرامة، أعلن رئيس الهيئة العامة للإسكان والمرافق بالحكومة الموازية “علي كوصو” استقالته منها؛ بسبب ما وصفه بمحاولة قوات حفتر “إبادة” مكون التبو.

كوصو أوضح، في تصريح للرائد، أن القوات القادمة من الشرق روجت عبر منابرها الإعلامية لدعوى أنها جيش وطني يهدف لحماية المدنيين في الجنوب، ولكن الواقع أثبت غير ذلك، فبعد تسلمها كافة المواقع العسكرية من أبناء المنطقة اتضح أنها استعانت بالمعارضة السودانية للقضاء على مكون التبو، وفق قوله.

قوات الكرامة وتمزيق النسيج

من جانب آخر، أكد عضو ببلدية مرزق، أن العمليات العسكرية لقوات حفتر في المدينة خلفت وراءها انقساما بين مكونات المدينة، ومزقت نسيجها الاجتماعي، وولّدت روح الانتقام بين معارضي العملية ومؤيديها.

عضو بلدي مرزق الذي فضل عدم ذكر اسمه قال، في تصريح للرائد، إن أحد أفراد قوات حفتر من سكان المدينة كان يخطف ويقتل ويقبض على الهوية فتعرض لمطاردة من أفراد بالمدينة نجم عنها مقتل طفلين كانا معه في السيارة بعد تعرضه لحادث إثر المطاردة.

الصلح خير

بعد ما شهده الجنوب من فزع جراء ما روجته قوات الكرامة عبر منابرها الإعلامية من أنها في حملة ضد الإرهاب ثم ما تبين من أن الواقع مغاير لشعاراتها، وقّعت مكونات مرزق على اتفاق تهدئة فيما بينها يرفع الغطاء الاجتماعي عن كل من “أجرم في حق الآخرين”، مع العمل على حقن الدماء بين أبناء المدينة.

الاتفاق الذي رعاه أعيان ومشايخ من بلديات القطرون ووادي عتبة ومرزق، ومكتب أوقاف المنطقة الجنوبية، نص على ضرورة صيانة الأعراض والممتلكات العامة والخاصة، وحظر حمل السلاح نهائيا الناري منه والأبيض، ومصاردة الأجهزة الأمنية للسيارات المعتمة.

ودعا الاتفاق الجهات الأمنية إلى القيام بواجباتها المنوطة بها بصورة عاجلة وبكل مهنية، ووقف الحملات الإعلامية التي تبث خطاب الكراهية عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعى، داعين مكتب أوقاف مرزق إلى استخدام خطاب ديني يدعو إلى التهدئة وتهذيب السلوك المبني على قيم الإسلام.

وبعد القتل والتدمير الذي نال مناطق بالجنوب وتدخل العقلاء لصد الفتنة والمحافظة على نسيج المنطقة الجنوبية التي تعدّ من أكثر مناطق ليبيا تشابكًا وترابطًا، هل يلقى الاتفاق الذي وقع بمرزق بيئة مناسبة له في أرض الواقع؟ وهل تلتزم به كل الأطراف أم أن لقوات الكرامة رأيا آخر قد يضرب بالاتفاق عرض الحائط؟!

النقد الدولي: نصيب الفرد في ليبيا من الناتج المحلي… الأعلى في منطقة المغرب العربي

ضبط شحنة سلاح بالخرطوم تابعة لعبدالواحد نور المتعاون سابقاً مع حفتر