in

ماهي الأسباب الحقيقية لعملية حفتر العسكرية في الجنوب؟

عملية عسكرية لقوات حفتر في الجنوب.. ظاهرها أمنى وباطنها سياسي!!

قبل أسبوعين أطلقت قوات حفتر عملية عسكرية بالمناطق الجنوبية الغربية ترفع شعار محاربة الجريمة والإرهاب، إلا أن هذه القوات قامت فور دخولها لمدينة سبها بأعمال تخريب، واعتقالات واقتحامات لمنازل المواطنين.

خرج بعدها بعض قبائل سبها في بيان مصور يطالبون فيه حكومة الوفاق، والآمر العسكري لغرفة عمليات الجنوب، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، والنائب العام، والجهات المختصة بالقبض على أفراد قوات حفتر التي دخلت المدينة، واعتدت على الأهالي. وإعادة المسروقات، والاعتذار الرسمي لمن اعتدوا عليهم.

انتقاد هذه العملية العسكرية أتى أيضا من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله الذي أشار إلى أن الحملة العسكرية التي أطلقتها قوات حفتر في الجنوب عقّدت مساعي إعادة تشغيل الحقل، بعد أن توسعت لتصبح محاولة للسيطرة على منطقة قد تحوي بنية تحتية للنفط، مضيفا أن ما يثير قلقه هو إطلاق هذه الحملة العسكرية لسلسلة من الأحداث التي قد تكون لها تبعات غير معروفة بالنسبة لليبيا، والوطنية للنفط.

ويتساءل مراقبون حول توقيت هذه العملية وماهية هذه العملية خاصة وأن الجنوب يعيش منذ سنوات حالة من الفوضى وانعدام الأمن وتدخلات خارجية من المجموعات المسلحة العابرة للحدود.

إثبات وجود

اعتبر الكاتب على أبوزيد أن عملية حفتر في الجنوب تأتي في سياق محاولة الرجل إثبات أنه لا زال يمثل ضرورة، وأنه صاحب الثقل العسكري الأكبر في البلاد.

وأضاف أبوزيد في تصريح للرائد أن حفتر يحاول أن يثبت أنه ضرورة أمنية بعد أن خطفت الترتيبات الأمنية في العاصمة الأضواء، وصارت هي محل الاهتمام الدولي.

وأوضح أبوزيد أن المجلس الرئاسي “يلوذ بالصمت؛ لأنه عاجز عن اتخاذ أي خطوة فاعلة فيما يتعلق بالجنوب”، كما أنه يخشى الصدام مع قوات حفتر.

وأشار أبوزيد إلى أن الرئاسي مطالب باتخاذ إجراءات “حاسمة” وتجهيز قوة تتولى تأمين الجنوب وهي فرصة مواتية لتوسيع الترتيبات الأمنية، لكن يبدو أن الرئاسي يصر على تقوقعه داخل العاصمة فقط. وفق قوله.

صناعة دكتاتور

وقال المحلل السياسي محمود الرملي، إنه من المهم جدا معرفة بداية التحركات لقوات حفتر في الجنوب، فهي لم تأت بين الفينة والأخرى، بل هي خطة رسمت؛ من أجل إعادة صناعة دكتاتور في ليبيا وإرجاع حكم العسكر.

وتساءل الرملي في تصريح للرائد عن الأسباب وراء عدم اتخاذ أي خطوات من المجلس الرئاسي تجاه ما يحدث من عمليات عسكرية في الجنوب، مضيفا أنه كان جديرا بالمجلس الرئاسي وحكومته أن يكون لهم خطوات ثابتة؛ من أجل تقديم خدمات وحل مختنقات الجنوب، وهو ما استغل من دول أخرى تستخدم ليبيا لإدارة صراعاتها باستخدام أطراف ليبية، على رأس هده الدول مصر وفرنسا التي أضحى خلافها مع إيطاليا على ليبيا هو العنوان الأبرز.

وشدد الرملي على ضرورة وضع خارطة طريق تنهي المرحلة الانتقالية، وتؤسس للدستور، وتمنع عودة الدكتاتورية، وتحاكم العسكريين المتمردين.

أوامر خارجية

ويرى المحلل السياسي فرج دردور، أن الإشكالية الحقيقية تكمن في ضرورة أن يكون هناك جيش وطني يخضع للأوامر المدنية ولا ينادي بالانتماء لا للقائد العام أو الكرامة ، مشيرا إلى أن هذه الأجسام حتى وإن قامت بإنجازات يراها البعض محمودة، فهي تحمل في طياتها أهدافا أخرى، مرجحا أنهم يتلقون أوامرهم من فرنسا في تحركاتهم الأخيرة في الجنوب، وهنا يصبح الجيش “ليس وطنيا”.

وأوضح دردور في تصريح للرائد، أنه لا أحد يرفض وجود جيش عسكري يستمد قوته من الشرعية، قائلا “ليست لدينا مشكلة مع ضباط الجيش الحقيقيين الذين ينتمون للوطن، ولا يهتفون بأسماء أشخاص ولا انتماء لهم سوى للوطن، لكن الإشكالية القائمة تكمن في أن هؤلاء الضباط ما زالوا ينادون بـ “الكرامة”، وهي تيار إقصائي فاشل يريد سحق الناس على اختلاف الرأي،” والرجوع لدولة الهتافات والدكتاتورية والتمجيد والتطبيل، وهو تيار لا ينبغي أن يكون في ليبيا على الأقل في صدارة المشهد السياسي. وفق قوله.

عملية همجية

وصف الباحث والأكاديمي محمد غريبي العملية العسكرية في الجنوب بالـ”همجية”، وأنها تهدف إلى استفزاز الخصم، وتحقيق مكاسب إعلامية وسياسية أكثر منها ميدانية.

ورأى غريبي في تصريح للرائد، أن الانتهاكات التي ترافقت مع هذه الحملة العسكرية “الغاشمة” كفيلة بتبيان الحقيقة التي يحاول أنصار الكرامة التستر عليها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والتمرد، وفرض الأمن والنظام.

وقال غريبي، إن سياسة خلط الأوراق وتنويم الخصم وأكله بالبارد هي أجندة مشبوهة يتحرك حفتر من خلالها في مشروعه “النزق” في الوصول إلى السلطة على جماجم معارضيه وخصومه.

وبين غريبي أن الإغراق والإنهاك وإشغال الناس بمعارك جانبية هي الهدف الرئيسي الذي تسعى غرفة العمليات الخارجية الموجودة في أبو ظبي إلى تحقيقه.

واعتبر غريبي أن مساحة الجنوب مترامية الأطراف ولا يمكن السيطرة عليها بسهولة، لأنه مازال منقسما على نفسه، ولوجود قوات تابعة لحكومة الوفاق ترفض الانصياع لسلطة العسكر، بالإضافة إلى أنصار القذافي الذين لهم ثقل مهم هناك.

تقصير الرئاسي مكن حفتر من التحرك في الجنوب

ورأى الصحفي والناشط السياسي إبراهيم عمر أن قائد عملية الكرامة خليفة حفتر أراد أن يتحرك في المنطقة الجنوبية المليئة بالنزاعات والإضطرابات والتدهور الأمني والاقتصادي، والتي تسهل السيطرة عليها؛ بسبب مساحتها الواسعة وتعداد سكانها البسيط، ومن جهة ثانية ليحاول أن يصنع طوقاً حول المنطقة الغربية التي ما تزال ترفضه ولاتعترف به قائداً للجيش، عينه البرلمان، في ظل خلافات واسعة عليه.

وقال عمر في تصريح للرائد، إن هذا “العبث” بمستقبل الوطن، يأتي وسط عجز المجلس الرئاسي وتقصيره في التعامل مع ملفات الجنوب الشائكة وإهماله لها حتى وجد قائد عملية الكرامة، حفتر الفرصة مواتية في نشر بعض قواته في أبرز المواقع في مدينة سبها، وفي ظل الخلافات التي تعيق عمل المجلس الرئاسي نفسه وتأخر رئيسه في إصدار القرارات اللازمة في قضايا كثيرة، أهمها تعيين حاكم عسكري للمنطقة الجنوبية أسوة بمناطق عسكرية في المنطقة الغربية.

فهل ستشهد المنطقة الجنوبية استقرارا حقيقا؟ أم أنها مجرد ورقة جديدة يطرحها حفتر؟؛ لغرض تحقيق أحلامه في السيطرة بقوة السلاح على كامل البلاد.

سيالة: الهجرة لا يمكن إيقافها بعمل أمني على حدود البلاد البحرية

“أوبك” تسجل انخفاضا غير طوعي في 3 دول بينها ليبيا