لا ريب أن اتفاق باريس الذي رعته دولة فرنسا لحل الأزمة بين الأطراف الليبية لم يكتب له النجاح؛ بسبب نكوص عدة أطراف عن تعهداتها في هذا الاتفاق.
وكانت أول الردود الرسمية حول معرقليه إلماح رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بأن بعض من حضر مؤتمر باريس استغل تباين محاولات التوافق الدولية تجاهه للتنكر لمقرراته، والتنصل من الالتزامات المتفق عليها خلال المؤتمر، مؤكدا أن هناك من خرق مقررات إعلان باريس بشكل جسيم مثلما حدث في الموانيء النفطية، وأن الانقسام السياسي لم يكن ليستمر لو وجد المعرقلون للتوافق أمامهم موقفًا دوليًّا موحدًا، حاسمًا وحازمًا.
وهذا ما أكده رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي قال، إن مجلس النواب فشل في تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر باريس، ولم يُصدر حتى الآن أيّ قاعدة دستورية تستند إليها الانتخابات، قبل موعدها المحدد في 16 ديسمبر المقبل.
وبعد إخفاق اتفاق باريس سعت إيطاليا لاحتضان مؤتمر يجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة بمدينة باليرمو في نوفمبر الحالي، فهل سينجح من عرقل اتفاق باريس، بإفشال مؤتمر باليرمو؟
العرقلة مستمرة
الكاتب والصحفي عبد الله الكبير يؤكد أن محاولات العرقلة سوف تستمر، ولكن من دون تحقيق أي نجاح إذا أصرت المجموعة الدولية على دعم الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية وتهيئة البلاد للانتخابات.
وبين الكبير في تصريح للرائد، أن الشروع في الإعداد للمؤتمر الوطني الجامع هو الآخر سوف يسحب البساط من تحت مجلس النواب ومجلس الدولة.
عوامل مشتركة أفشلت اتفاق باريس
بينما يرى المحلل السياسي فرج فركاش أن عدة عوامل ساهمت في إفشال مخرجات مؤتمر باريس، أولها عدم الإعداد الجيد له، وثانيهاعدم إشراك أطراف أخرى فاعلة أخرى في المشهد الليبي سواء الداخلية أو الخارجية مثل مصر وإيطاليا بالتمثيل الرفيع المستوى المطلوب.
وأكد فركاش في تصريح للرائد، أن النقطة الأساسية هي عدم وجود الثقة بين الأطراف المتخاصمة، التي فشلت مبادرة باريس إرسائها بين هذه الأطراف، معربا عن تمنيه أن يركز مؤتمر باليرمو عليها، الذي يبدو أن الإعداد الجيد له تفوق حتى الآن على مؤتمر باريس.
وقال فركاش، إن تمسك حفتر بحكومة الثني وعدم اعترافه بحكومة الوفاق ورفضه الانضواء تحت أي سلطة مدنية حالية كان سببا لإفشال الاتفاق، معتبرا أن ذلك ينسحب أيضا على رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وتصريحاته بعدم اعترافه بوجود حفتر رغم جلوسه على نفس الطاولة. حسب وصفه.
لا بد من إجراءات عقابية
وبيّن الكاتب الصحفي علي أبوزيد أنه ما لم يتضمّن مؤتمر باليرمو إجراءات إلزامية، وعقابية على مختلف الأطراف فإنه سيكون عرضة للتعطيل وربما الفشل.
وأضاف أبوزيد للرائد أن مؤتمر باليرمو ينبغي أن يُحدّ من التدخل السلبي للأطراف الإقليمية التي توفر حماية للمتعنتين والمعطلين.
وأكد أبوزيد أن اتفاق المجتمع الدولي حول مخرجات باليرمو المرتقبة وضغطه على كل الأطراف للإيفاء بها والالتزام بجدولها الزمني هو الضامن الأساسي لنجاحه وإلا فإنه سيكون شبيهاً بما سبقه من جولات.
يبقى السؤال هل ستتمكن الأطراف الليبية من التوصل لحل يخرج البلاد من أزمتها بعد مؤتمر باليرمو؟