in

ماذا يريد أردوغان من طرابلس؟

تساءل الأستاذ الفاضل عبدالرزاق الداهش، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بقوله: “ماذا يريد أردوغان من طرابلس؟”، وعلى ما يبدو فإن الأستاذ الداهش؛ إما لديه معلومات مغلوطة أو أنه يفتقد لبعض المعلومات حول الموقف التركي من ليبيا والليبيين، مما اقتضى التوضيح، فماذا يريد أردوغان؟

يريد أردوغان من طرابلس ما يريده من بنغازي، أو مصراتة أو سرت أو الزنتان أو أي مدينة ليبية أخرى، فعلاقته مع ليبيا كعلاقة تركيا مع أي دولة أخرى: مدفوعة بتقديم المصلحة التركية أولا، وضمن إطار المصالح المتبادلة والدستور والقوانين التركية، ومثله مثل كل الأتراك، وطني حتى النخاع وموقفه في القضايا الوطنية التركية متطابق مع معارضته وشعبه بالحفاظ على الحرية والديمقراطية والاقتصاد في بلاده.

يلتقي أردوغان بفائز السراج كما يلتقي بلجنة الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب، وتركيا، تحديدا، حرصت منذ البداية أن لا تكون طرفا في أي اقتتال داخلي بدءا باعترافها المتأخر بالمجلس الانتقالي حرصا على عدم الاقتتال ومنعا للتدخل الخارجي، ثم بتقديمها المبادرة التي رفضها كل من المجلس الانتقالي والقذافي، وصولا إلى رفضها الاقتتال منذ عام 2014.

الجرحى والمرضى الليبيون يُعالجون في تركيا على السواء، والأتراك لا يسألون ولا يعنيهم انتماءاتك ولا مواقفك بقدر ما يعنيها تحقيق المصالح التركية وإلتزامك بالنظم والقوانين التركية. يعيش الليبيون، مقيمين وسياح ومرضى وجرحى من كل الأطراف والأطياف السياسية الليبية في تركيا، لا يعني الأتراك علاقاتهم وخلافاتهم وانتماءاتهم السياسية خارج تركيا، وإنما يعنيهم التزامهم بالقانون داخلها وعدم مخالفته.

بالطبع الأتراك يحملون عاطفة حب وبالذات تجاه ليبيا لروابط قديمة تجدها عند كل الأتراك، ويسألون عن الدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق، فتجد التركي البسيط يسأل “كيف مسلم يقتل مسلم؟”، وبالتأكيد تركيا قيادة وشعبا حزينة من هذا التقاتل وما أعلمه عن تركيا، دع عنك ما يشيعه الإعلام الموالي لأعداء تركيا، فإنها لا يمكن أن تقف مع طرف ضد طرف في ليبيا، من بوابة العاطفة والمصالح التي ذكرت.

على الصعيد الاقتصادي؛ فالملابس التركية – التي تغزو العالم بجودتها وسعرها المناسب – والأغذية التركية – التي تصدّر بمليارات الدولارات عالميا – تدخل بنغازي مثل ما تدخل طرابلس، وتجار الخردة من بنغازي ومصراته غزوا السوق التركي، وكذلك تجار العملة من الغرب والشرق، ومنها عملة المجاري من المصرف المركزي بنغازي، يشحنون العملة عبر الطائرات الليبية، لا يهمهم إن كانت مهربة طالما أنها تأتي عبر المنافذ الرسمية، وطالما لا يوجد بلاغ من السلطات الليبية، بشرط أن تدخل تركيا وفق القانون التركي.

أما شركات المقاولات التي استقبلها الليبيون فقد استقبلوها تجاريا بما أفاد الطرفين، فبدأت – مثل كل شركات العقارات – صغيرة ثم كبرت، أو كانت كبيرة وصارت أضخم، قدمت خدمة ومشاريع مقابل الأموال التي استلمتها والاستثمارات التي ضختها في ليبيا.

تركيا هي التي تعاني من علاقتها بليبيا وليس العكس، ولولا العاطفة التركية تجاه ليبيا لوجدت مئات القضايا قد رفعت ضد الحكومة الليبية، فهناك مليارات الدولارات من العقود المتعطلة وهناك مئات الملايين من الديون المتأخرة جدا للمستشفيات.

أردوغان والأتراك معنيون أولا بتركيا، وهم لا يقبلون إلا أن يكونوا ندا في علاقاتهم مع دول العالم المبنية على تبادل المصالح والاحترام المتبادل ولو مع أمريكا بل ويقفون أندادا بوجه أوروبا، وينفتحون على العالم العربي والإسلامي انطلاقا من هذه النظرة، مخلوطة بالعاطفة الأخوية.

أما أبناء جلدتنا فقد باتوا مستعدين لإدخال القريب والبعيد من أجل الوصول إلى السلطة وتحقيق مصالحهم الشخصية، فهلا سألنا الساسة والمليشيات التي تهاجم طرابلس أو تلك التي عاثت في طرابلس وأموال الليبيين نهبا وفسادا ماذا يريدون من طرابلس؟، قبل أن نسأل السيد أردوغان.

الكاتب: عبدالرزاق العرادي

كُتب بواسطة raed_admin

السودان يتولى قيادة القوات المشتركة لحماية الحدود مع ليبيا

جهاز الإسعاف: لم نتمكن من انتشال جثث القتلى من مواقع الاشتباكات