وضعت درنة بين مطرقة جيش حفتر وسندان مليشيا مجلس شورى درنة، ولا يعنينا ألبتة أثناء بحثنا عن المسارب الضيقة بين الفخ الذي وضع فيه مجلس شورى درنة المدينة، فقد جعلها لقمة سائغة لعداوة المحيط، فاستغل حفتر هذا الفخ ونصب لها فخا آخرا، وكأن الماء قد التقى على غمر المدينة وسحبها نحو الخراب اليباب.
وهنا ومن أجل مصلحة درنة فقط، يطرح السؤال الاستفساري لماذا لدرنة كمدينة أن تختلف عن البيضاء كمدينة؟ لماذا تحاصر الأولى بينما يكون في الثانية مطار دولي تقلع منه الطائرات إلى خارج البلد؟
مجلس شورى درنة هو السبب الوحيد في ذلك، هو المعطى الوحيد في توريط درنة في هذه الورطة، وإلا فليس ثمة من فارق بين الشعب الليبي في درنة والشعب الليبي في البيضاء، بل هما امتداد اجتماعي واقتصادي وروحي، ومن هنا يجب الإقرار بأن المأزق الذي علقت فيه المدينة ليس له من سبب آخر سوى وجود هذه العقدة، والتي تمثل علامة فارقة بين درنة والبيضاء.
جذور المجلس
تمثل كتيبة أبو سليم الخلايا الجذعية لمجلس الشوري، وبعد أن تأكد عناصر المجلس أنه لا مخرج لهم من الورطة التي تورطوا فيها، من أجل ذلك وكي يتمكن من توسع دائرة الصراع والتورط في حرب الفناء، أخرج مسرحية قوة حماية درنة وهى نفس المسرحية الهزيلة التي سبق أن أخرجت لبنغازي سرايا الدفاع عن بنغازي، والتي تخيل مخرجها أنها ستخرج شاهرة سيفها لمسافة ألف كليو متر في العراء وتأخذ بنغازي من يد مليشيات حفتر بخشم البندقية، دون أن يعترض طريقها معترض لا برا ولا بحرا ولا جوا، هكذا تخيل المخرج المشهد، وهو إخراج رديء تناولنا الكلام عنه من قبل، وكشفنا لمن كان له عقل حصيف ونظر سليم أنه لا يوجد شيء اسمه أخذ المدينة بخشم البندقة، وبالطريقة الساذجة التي تحلو للبعض اللعب بها، والجميع يدرك عواقب الاستهتار والطيش وعدم القدرة على تقدير المسؤوليات تجاه مثل هذه المغامرات الطائشة الهزيلة.
واليوم كأننا أمام نفس المسرحية ونفس المخرج ونفس الإخراج الهزيل، من بعد مجلس الشورى تريد كتيبة أبوسليم أن تخرج في شكل آخر وهو قوة حماية درنة، والهدف هو توسيع دائرة التورط في الحرب كي تكون هي القدر الوحيد للمدينة، والمسار الحتمي الذي تسير فيه نحو هلاكها ودمارها.
وأمام حقائق الواقع التي تدل عليها أفكار ومواقف مجلس الشورى ابتداء من موقفهم من الديمقراطية التي يعتبرونها كفرا مخرجا من الملة، واعتبار كل من يشارك فيها سواء بالترشح أو الانتخاب كافر وطاغوت بحسب زعمهم، وعدم الاعتراف بالدولة الليبية واعتبار رفع العلم إعلانا عن كفر، لأن العلم من رموز الجاهلية ولا يجوز الوقوف له ولا رفعه حتى في بياناتهم المتلفزة، ثم قتلهم لشباب درنة ممن فطنوا لوجود أحد الإرهابيين المصرية في شارع الكوى فحاولوا الوصول إليه ولكنهم لم يتمكنوا، وأمسك بهم مجلس الشورى وقام بإعدامهم بدون وجه حق، وإلا فمن أعطى لمجلس الشورى سلطة قتل شباب درنة؟ وخطف آخرين وتعذيبهم، والتسبب لهم في عاهات دائمة، ونشروا الرعب بين الناس، ولم يكتفوا بهذا، بل وصفوا النائب العام بالمرتد في حادثة توثيق ضحايا الغارة الجوية على منطقة الفتايح.
ولما أدرك المجلس أنه أصبح أمام طريق مسدود قالوا إنهم سيقاتلون حتى آخر قطرة دم، بمعنى أن الحرب بالنسبة لهم حتمية لا بديل عنها، لجأوا إلى فكرة جهنمية تقوم على أساس أنه ما دامت الحرب قادمة إذا لتوسع قاعدتها وتقحم المدينة وسطها معهم، فطرحوا فكرة ما يسمي بقوة حماية المدينة؛ لتوريط غيرهم من شباب المدينة في حربهم، وهي بالضرورة ليست حرب درنة، وإلا درنة لا تختلف عن البيضاء ولا طبرق في شيء.
المصدر : موقع ليبيا الخبر