تشهد مدينة سبها منذ فبراير الماضي اشتباكات مسلحة، في ظل غياب تام للأجهزة الأمنية، والأجسام السياسية التى وعدت بإنهاء الصراع الحاصل في المدينة، وتشكيل لجان، وإرسال قوات لحفظ الأمن، دون أن يرى المواطن شيئا ملموسا على أرض الواقع.
فبعد أن أعلنت قوات حفتر توجهها إلى سبها لفرض الأمن بها، هاهي تنسحب وتعود أدراجها من حيث أتت، بعد تداول أخبار عن تدهور الحالة الصحية لقائدها خليفة حفتر.
في المقابل، عجز المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عن تشكيل قوات قادرة على حفظ الأمن ومواجهة الفوضى الأمنية الموجودة في المنطقة منذ مدة، بعد إعلانه تشكيل لجنة لإنهاء الاقتتال بالمنطقة.
قوات حفتر تنسحب
عميد بلدية سبها حامد الخيالي، أكد انسحاب قوات حفتر من المنطقة الجنوبية، واصفًا الأوضاع الأمنية بالصعبة، ومبينًا، في الوقت ذاته، أن الحكومات تعلم جيدًا بوجود آلاف المرتزقة في الجنوب ومع ذلك لم تحرك ساكنًا، حسب تعبيره.
وأفاد الخيالي في تصريح للرائد، بأن لجنة الجنوب التي كوّنها الرئاسي لم تقم بمهامها، وتعمل من طرابلس بدلا من أن تعمل من منطقة النزاع، ولم تنجح في إنهاء معاناة أهل الجنوب، حسب قوله.
لا وجود لقوات حفتر
في السياق ذاته، أكد رئيس المجلس الأعلى لقبائل فزان علي أبو سبيحة، أنه لا وجود لقوات الكرامة في الجنوب، مشيرًا إلى أن اللواء السادس واللواء 12 انضما إلى العملية بقرار من قادة الكرامة، وفق قوله.
وأوضح أبو سبيحة في تصريح للرائد، أن الأوضاع الأمنية والخدمية سيئة “للغاية” بالجنوب، ولا وجود لأي مظهر من مظاهر الدولة فيه، وهو ما أدى إلى إغلاق المصارف التجارية بالمنطقة؛ لقربها من مناطق الاشتباكات.
انشقاقات متوقعة
من جهة أخرى، قال الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية سليمان بن صالح، إن خروج قوات حفتر من الجنوب متوقع بعد مرض قائدها خليفة حفتر، مؤكدًا أن الأوراق اختلطت لدى “الكرامة”، وأصبحت تعاني انشقاقات في صفوفها.
ورجح بن صالح في تصريح للرائد، أن تكون قوات حفتر التي انسحبت من الجنوب ذاهبة لمساندة قوات الكرامة في المنطقة الشرقية؛ لأنها تعاني تصدعًا، وخوفًا من تطور الأوضاع في المنطقة الشرقية، متوقعًا انسحاب قواتهم من الجفرة أيضًا وتجميعها ونقلها للمنطقة الشرقية، حسب وصفه.
ووصف الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، إعلان المجلس الرئاسي تشكيل لجنة وإطلاق عملية في الجنوب بأنه “كلام للاستهلاك فقط”، مضيفًا أنه شكك منذ البداية في جدية تصريح المجلس الرئاسي بإرسال قوات إلى الجنوب، حسب قوله.
الوفود تزور فقط
ورأى المحلل السياسي السنوسي إسماعيل، أن الجنوب يحتاج إلى ترتيبات اجتماعية تصالحية تقام تحت إشراف حكومة الوفاق، وأن الوفود الوزارية تزور سبها وتغادرها فقط، تاركة المدينة في أوضاع معيشية صعبة واحتمالات غامضة، حسب وصفه.
وبيّن إسماعيل في تصريح للرائد، أنه يجب على حكومة الوفاق تعيين رئيس لديوان الحكومة في سبها يقيم في المدينة، وتوفر له الإمكانيات المادية والصلاحيات الواسعة لترتيب الأوضاع في الجنوب، وفق تعبيره.
الاشتباكات تحصد الأرواح
وخلفت الاشتباكات التي بدأت، في فبراير المنصرم، 12 قتيلا و 55 جريحا، بحسب إحصائية مركز سبها الطبي.
هذا، وتزداد أوضاع الجنوب سوءًا يومًا بعد يوم، ولم تنجح الحكومات الحالية والسالفة، في إيجاد بنية أمنية وخدمية تحفظ خاصرة ليبيا من الانتهاكات المتعددة، وتغنيه عن المساعدات الدولية والمحلية المستمرة.