ينتظر الليبيون دستورهم الذي انتخبوا هيئته التأسيسية منذ أربع سنوات في يونيو 2014، وما إن صاغت الهيئة التأسيسية مشروع الدستور في 29 يوليو من العام المنصرم 2017 بعد أن أقرته بأغلبية، حتى طُعن فيه أمام المحكمة الإدارية بالبيضاء التي حكمت بعدم قانونية التصويت الذي عليه.
ثم طُعن في حكمها أمام المحكمة العليا التي قضت بعدم اختصاص القضاء الإداري بالنظر في أعمال هيئة دستورية منتخبة من الشعب.
على النواب إنجاز قانون الاستفتاء
وبعد حكم العليا أصدر رئيس الهيئة التأسيسية عبدالله نوح بيانا مرحبا بحكمها، داعيا النواب إلى إنجاز قانون الاستفتاء؛ لتمكين الليبيين من الاستفتاء عليه عبر صناديق الاقتراع باعتبارهم مصدر السلطات، مناشدا المجتمع الدولي، وبعثة الأمم المتحدة، التعاون مع المؤسسات الليبية؛ لمساعدة الليبيين في بناء دولة القانون والمؤسسات.
حكم استئناف البيضاء لا قيمة له
من جهته أوضح المحامي محمد بارة، أن حكم المحكمة العليا يجعل من الحكم محكمة البيضاء الإدارية “لا قيمة له”، مشيراً إلى أنه حكم تاريخي ينهي أشهرا من الخلاف بين الليبيين.
وأضاف بارة، في تصريح للرائد، أن هذا الحكم يفتح الطريق لمجلسي النواب والدولة للتوافق على إصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور؛ للتأسيس لدولة مدنية ذات مؤسسات دستورية، معتبراً أنه يمهد لإنهاء فراغ سياسي، وازدواجية السلطات في ليبيا، وفق قوله.
إقرار قانون الاستفتاء له “تأثير إيجابي على الليبيين
بدوره قال رئيس مركز اسطرلاب للدراسات عبدالسلام الراجحي، إن الحكم متوقع، والمطلوب الآن إصدار مشروع قانون الاستفتاء، معتبرا أن مجلس النواب “مختطف من قبل رئيسه ومجموعة معه”، مرجحًا “مماطلة رئاسة النواب” في عقد جلسة مكتملة النصاب؛ لمناقشة قانون الاستفتاء، وفق تعبيره.
ويرى رئيس مركز اسطرلاب للدراسات، في تصريح للرائد، أن إقرار قانون الاستفتاء سيكون له “تأثير إيجابي كبير” على عامة الليبيين؛ لأنه سيدفعهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة “بقوة أكثر”، مشيراً إلى وجود مسودة قانون انتخابي متداولة تقسم ليبيا إلى عدة دوائر؛ ولأن مشروع الاستفتاء برأيه لا يحتاج إلا لدائرة واحدة؛ لأن الكلمة فيه فقط هي نعم أو لا مما اعتبرها مخالفة للإعلان الدستوري.
لا حجة لمجلس النواب في عدم إقرار قانون الاستفتاء
في المقابل وصفت عضو الهيئة نادية عمران حكم المحكمة العليا بالأمر الطبيعي؛ لأنها السلطة القانونية العليا في البلاد، موضحا أن الدستور الذي أقر من أعضاء الهيئة التأسيسية “صحيح ولا تشوبه شائبة”، وفق تعبيرها.
واعتبرت عمران، في تصريح للرائد، أنه لا حجة لمجلس النواب في عدم إقرار قانون الاستفتاء؛ لأنه كان ينتظر حكم المحكمة العليا في الخلاف على مشروع قانون الدستور، مضيفة أنه سبق وأن أصدرت محاكم أخرى أحكاما عدة متعلقة بالهيئة، لكن الأهم هو الحكم الأعلى.
وأوضحت عضو الهيئة التأسيسية أن الأحكام التي صدرت في حق الهيئة تعتبر في حكم العدم، وناشدت القضاء الإداري مجدداً إلى عدم عرقلة عمل الهيئة التأسيسية؛ لأنه لا اختصاص له عليها، داعية مجلس النواب للنظر في الصياغة التي سلمت إلى مقترح قانون للاستفتاء، وفق عمران.
حكم العليا حاسم ولا وصاية على الليبيين
وقال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عمر النعاس إن حكم المحكمة العليا حسم الجدل حول الدستور، مشددا على ضرورة احترام الجميع لأحكام القضاء وتنفيذها.
وأكد النعاس، في بيان له، حق الليبيين في الاستفتاء على الدستور، وعدم مصادرة حقه أو الوصاية عليه، وفق قوله.
حكم العليا يعطينا أملا جديدا في إنهاء الانقسام
ويرى مستشار رئيس المجلس الرئاسي الطاهر السني أن المحكمة العليا “حسمت جدلا” عن هيئة الدستور، معتبرا حكمها يعطي أملا جديدا لنهاية المراحل الانتقالية، وفق قوله.
ودعا السني، على حسابه بتويتر، مجلس النواب إلى الاستعجال في إقرار قانون الاستفتاء؛ لإنهاء الانقسام، مناشدا الليبيين ممارسة حقهم في الاستفتاء بـ “نعم أو لا” على للدستور وأن لا يمكنوا من وصفهم بالمعرقلين أن يسلبوهم هذا الحق، وفق السني.
يذكر أن المحكمة العليا قضت في فبراير الحالي بعدم اختصاص القضاء الإداري بأعمال الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور؛ لأنها منتخبة من الشعب.