انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب والإخفاء القسري ليست بجديدة على ميليشيات حفتر التي تمارس هذه الافعال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولعل آخر هذه الانتهاكات كانت للصيادين الإيطاليين والتونسيين المفرج عنهم مؤخرا بعد أكثر من 100 يوم قضوها معتقلين لدى ميليشيات حفتر في بنغازي.
الصحافة الإيطالية سردت في صفحاتها ما تعرض له الصيادين الإيطاليون، الذين اعتقلتهم ميليشيات حفتر في سبتمبر الماضي، من سوء المعاملة وتعذيب على يد هذه المليشيات، بل قدم بعض الصيادين شهادتهم بما رأوه في السجن من اكتظاظ بسجناء سياسيين ومثقفين، ومنهم من ليس له تهمة واضحة، ووفاة بعضهم تحت التعذيب.
شهادات من داخل السجون
وتناقلت وسائل الإعلام الإيطالية عددا من شهادات الصيادين من بينهم تونسيون كشفوا عن حجم التجاوزات التي حدثت في السجن، والتجاوزات القانونية التي ارتكبت ضد السجناء المدنيين الليبيين ممن قابلوهم في بنغازي.
ونشرت وكالة “آكي” الإيطالية رواية أحد الصيادين التونسيين المفرج عنهم، يدعى جمال فرحات، الذي كان محتجزا مع 17 صيادا إيطاليا لدى ميلشيات حفتر في بنغازي قوله: إن الموقوفين الذين التقى بهم في سجن بنغازي يتعرضون للضرب والتعذيب.
ووفق شهادة صياد تونسي آخر يدعى الهادي بن ثامر أكد أن معهم في السجن مثقفين، وأساتذة وعلماء عديدين تعرضوا لسوء المعاملة، وقد تم القبض عليهم بدون سبب، مطالبا العالم بالتدخل؛ لإطلاق سراحهم.
وأورد موقع “ساردينا” الإيطالي أن قائد سفينة الصيد المفرج عنها تعرض للضرب المبرح، من قبل أفراد من ميليشيات حفتر نتج عنه إصابات متفرقة في وجهه وقدمه.
واتهم برلماني إيطالي الحكومة بالكذب فيما يتعلق بحالة الصيادين وظروف اعتقالهم قائلا: إنهم عاشوا مواقف صعبة ومروعة وخطيرة للغاية، وفقا لما نشرتة وكالة آكي.
توثيق دولي
تقرير خبراء الأمم المتحدة سبق أن وثق خلال السنوات الماضية حجم التجاوزات التي ارتكبتها ميليشيات حفتر بحق معارضيها، حيث أحصت تلك التقارير ما يزيد عن 6500 معتقل في سجون حفتر المعروفة والسرية، العديد منهم اعتقل باتهامات سياسية أو اقتصادية أو دينية بدون محاكمات، ويعانون من الحرمان من الحرية بشكل غير قانوني والتعذيب الذي أفضى في عديد الحالات إلى وفيات.
و لا يزال بعضهم مفقودا، وعثر على جثث بعضهم الآخر ملقاة في شارع الزيت في بنغازي، فيما صادرت ميليشيات حفتر ممتلكات ومنازل المعتقلين؛ ما اضطر أهاليهم للفرار من بنغازي.
كما وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكثر من مرة الانتهاكات المتعددة التي يتعرض لها السجناء في سجون ميليشيات حفتر.
وأكدت، في تقرير لها نشرته عام 2015 خلال زيارة المنظمة لمقرات الاحتجاز بالبيضاء وبنغازي، أن المعتقلين أرغموا تحث التعذيب على الاعتراف بجرائم خطيرة.
وكشفت المنظمة عن انتهاكات أخرى تشمل غياب الإجراءات السليمة والرعاية الطبية، والحرمان من الزيارات العائلية، وعدم إخطار العائلات باحتجازهم، ورداءة ظروف الاحتجاز، وكما من ضمن المحتجزين أطفال دون الثامنة عشر.
وطالبت المنظمة، في يونيو الماضي، بإجراء تحقيق دولي عما قامت به مليشيات حفتر من تعذيب وقتل عناصر من قوات حكومة الوفاق، والتمثيل بجثثها، واصفة ذلك بأنها “جرائم حرب”.
ودعت المنظمة المجلس الأممي لحقوق الإنسان في جنيف إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في هذه الجرائم.
وقالت حنان صلاح الباحثة الأولى المختصة بليبيا في المنظمة الحقوقية: “ينبغي على خليفة حفتر أن يُحمّل قواته المسؤولية عن أي جرائم حرب ارتكبوها أو روّجوا لها على الإنترنت”.
قضايا تعذيب
ويواجه حفتر وميليشياته قضايا قتل وتعذيب رفعتها ضده عدد من العائلات الليبية في محاكم الولايات المتحدة الأمريكية، منها عائلة بن صويد التي فقدت أربعة من أفراد من عائلتها، وتتهم بقتلتهم ميلشيات حفتر بعد تعذيبهم ورمي جثثهم في شارع أبوهديمة في مدينة بنغازي 2015 .
ورفعت أسرتان ليبيتان دعوى مدنية أمام محكمة فيدرالية أمريكية، في سبتمبر الماضي، تتهمان فيها خليفة حفتر بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان وتعذيب بين عامي 2016-2017 في بنغازي بحي قنفودة ، وهي ثالثة دعوى مرفوعة أمام محكمة أمريكية ضد حفتر.
وثيقة الحوار
وثيقة الالتزام بالاتفاق السياسي التي أقرت منتصف نوفمبر الماضي على هامش ملتقى الحوار الليبي دعت إلى الإفراج عن جميع السجناء المحتجزين بشكل تعسفي، وتمكين القضاء من التحقيق في قضايا المفقودين والمختفين قسرا، وتحديد وإغلاق أماكن الاحتجاز غير الرسمية، ومنح المحامين والمجتمع المدني حق الوصول إلى مراكز الاحتجاز.
كما شددت الوثيقة على وجوب السماح بعودة النازحين داخليا إلى ديارهم بأمان وكرامة، ومحاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة وجرائم الحرب، و منعهم من الترشح للانتخابات وتولي المناصب العليا في الأمن والعدالة في الحكومة القادمة.