في مقابلة خاصة مع شبكة الرائد الإعلامية، قال مدير عام المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية”محمد نوري العتوق” أن مركزهم رفض اعتماد شهادات بعض من أوفدوا للدراسة بالخارج وصلت الدرجة العلمية لبعضهم إلى “بروفيسور” وفيما رأى الرجل الذي يدير مركز ضمان الجودة منذ أبريل 2019م أن تصنيف مؤشر التعليم العالمي لعام 2020 الذي أخرج ليبيا من نطاق التقييم يفتقر للشواهد والأدلة، إلا أنه رأى أن تقييمهم في محله، فإلى نص المقابلة …
متى أنشئ المركز، وماذا عن المهام المناطة به؟
المركز أنشئ بقرار 164 لسنة 2006م الصادر عن اللجنة الشعبية العامة سابقاً أو مجلس الوزراء، بإنشاء المركز الوطني لاعتماد مؤسسات التعليم العالي، فيما سبق وثم عدّل هذا المركز بتسميته وصلاحياته، وفق قانون 18 لسنة 2010م بمادتيه السابعة والثامنة اللتين تنصان على أن ينشأ بموجب هذا القانون المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية.
مهام المركز كبيرة، إلا أنها تتمركز حول 3 مهام أساسية ورئيسية، هي ضمان جودة المؤسسات التعليمية والتدريبية؛ للحصول على مخرجات جيدة ومخرجات ذات جودة في سوق العمل، واعتماد المؤسسات التعليمية إن كانت في القطاع العام، أو القطاع الخاص، سيان سواء كان في التعليم الجامعي فما فوق، أو ما دون الجامعي الابتدائي والاعدادي والثانوي، أضف إلى ذلك المركز كما في مسماه معني بالمؤسسات التدريبية، تأخرنا في ذلك، لكن سنعنى بذلك بإذن الله في خطة 2020 – 2021م
يشهد المركز بين حين وآخر حصول مؤسسات تعليمية وتدريبية على الاعتماد المؤسسي والبرامجي، ما الذي يعنيه ذلك؟
قبل الحديث عن برامج الاعتماد المؤسسي لا بد من الإشارة إلى وجود ممانعة قوية لاعتماد المؤسسات التعليمية، ثمة من يقول كيف يأتي مركز ضمان الجودة ليعتمد جامعات أقدم منه مثل طرابلس أو مصراتة أو بنغازي، ليشترط ضرورة اعتمادها، صراحة اعتمادها هو أساسي؛ لأن إذن أو قرار الإنشاء هو ترخيص عمل، لكن الحفاظ على العمل يحتاج إلى اعتماد، هل العملية التعليمية تسير وفق الرغبات، أو وفق المطابقة الملائمة والجودة المرجوة، أو الحصول على الحد الأدنى من المعايير، للأسف الكل يعلم أنه لدينا عديد الجامعات، خاصة في يومنا هذا، لدينا 25 جامعة حكومية، ولم تتجاوز فيما سبق 8 جامعات، هناك جامعات انسلخت من جامعات كبرى، هناك كليات أسست في مدارس، وأخرى أسست أو في مباني لا يليق بها أن تكون كلية، أو مرفقا جامعيا، هناك بعض الجامعات أسست بقرار ورقة فقط، لا تمتلك مرافق ولا أعضاء هيئة تدريس ولا طلبة، مرد ذلك إرضاء هذا أو ذاك، وصراحة هذا الأمر لا يستقيم.
كم عدد المؤسسات التعليمية والتدريبية الحكومية والخاصة التي اعتمدتموها خلال العام الجاري، وهل انتهيتم من اعتماد كافة المدارس والجامعات الليبية بالفعل؟
رغم أنه عام جائحة كورونا، وما شهده حتى يونيو الماضي من عدوان غاشم على العاصمة طرابلس، إلا أننا استبشرنا خيراً، ودفعنا ذلك لتسمية عام 2020م بـ “عام الجودة”، وقد تمكنا خلال العام الجاري من زيارة عدة مؤسسات تعليمية للتدقيق في الحصول على اعتماد، كما أننا تمكنا خلال العام الجاري حتى الآن، من اعتماد 9 كليات و5 جامعات ليبية هي سبها ومصراتة والزاوية وطرابلس وصبراتة، أي في المجمل اعتمدنا 14 مؤسسة حكومية، هذا على صعيد التعليم الجامعي، وما دون الجامعي قمنا خلال العام الجاري حتى الآن باعتماد، 3 مدارس، 2 منها يتبعان التعليم العام الحكومي الذي لا يلقى دعما إلا ما ندر بحكم شح الميزانية، وعدم الاهتمام به، وتخصيص الميزانيات المناسبة.
نتفهم من ذلك أن الاعتماد المؤسسي يشمل حتى مؤسسات التعليم الأساسي والمتوسط؟
نعم، نحن لا نستثني حتى رياض الأطفال، أينما يكن تعليم فلا بد أن يتحصل على اعتماد مؤسسي؛ لأنه يهمنا حقيقة البيئة التعليمية الملائمة لابني وابنك وأخي وأخيك، وأبناؤنا في المستقبل الذين يجب أن يكونوا في بيئة ملائمة، تتناسب لتكون مؤسسة تعليمية، وضمان عدم تدريسهم في هناقر أو شقة بها رطوبة أو ربما مبنى آيل للسقوط.
على النقيض من ذلك نسمع بمدارس وجامعات مزورة تمنح شهادات، هل أصبحتم اليوم تعرفون جميع المدارس والكليات المزورة، واستطعتم ايقافها وربما مقاضاتها؟
سبب ذلك وجود خلل في منح إذن المزاولة، وهذا ليس رأيي الشخصي، هناك قانون أنشئ وصدر في العام 2010م ولائحته التنفيذية لا يزالان ساريان، مضمونه أنه لا يمنح إذن مزاولة لأي مؤسسة تعليمية قبل حصولها على ترخيص فني من مركز ضمان الجودة، واقع الحال لا، لديّ مذكرة من إحدى الجامعات الخاصة قطعنا فيها خطوات معينة، تقبل في طلاب، وليس لديها ترخيص فني ولا اعتماد، وللأسف كانت إدارة التعليم الخاص، بإداراتها السابقة والحالية تمنح إذن مزاولة، دون احترامها للقانون، أقولها بكل مرارة، وأتحمل كافة المسؤوليات وراء ذلك، والطالب ضحية؛ لأنه يتحجج بحصوله على شهادة من مؤسسة لديها إذن مزاولة من وزارة التعليم.
نحن أمام إدارات في الدولة تسهّل المخالفات وتُساعد على التزوير؟
بكل معنى الكلمة للأسف، ولو رجعنا لنص المادة الأولى من القانون 18 لسنة 2010م … “يجوز الترخيص للمؤهلين تربوياً بمباشرة نشاط التعليم العالي والأهلي بإنشاء جامعات أو كليات أو أكاديميات أو كليات تقنية في شكل تشاركيات أو شركات مساهمة، وفقا للتشريعات النافذة، ويصدر الترخيص بقرار من اللجنة الشعبية العامة للتعليم والبحث العلمي “وزارة التعليم” بناء على تقرير مركز ضمان الجودة، بعد التأكد من استيفاء طالبي الترخيص لشروط قيامهم بهذا النشاط”، أتساءل هل يوجد لغط في هذا الكلام، إذن المزاولة شرط للقيام بأي نشاط، المادة واضحة، وليست محل جدال، ولا يجب أن تكون كذلك.
أقولها بكل مرارة، إن المركز الوطني لضمان الجودة صمام الأمان وبوابة الأمن القومي في المؤهلات التربوية والمؤسسات للأسف من سنة 2013 لم يتحصل على فلس واحد في باب التنمية، وخلال هذا العام تحصلنا على مليون؛ لتطوير وميكنة منظوماتنا بالكامل، ونحن ماضون في طموحنا أن الطالب الذي يدخل المؤسسة التعليمية الخاصة، يجب أن يكون لديه رقم تعليمي لمتابعته حتى تخرجه، حفظاً للدولة من هذه المخرجات، وحفظاً للطالب نفسه. ماذا عن مصير من تحصل على تلك الشهادات وأصبحوا يزاولون مهاما وتقلدوا مناصب؟ هناك أشخاص ربما ضحايا، ولكن في مقابل ذلك هناك آخرون تعمدوا الدراسة في تلك المؤسسات ويعلمون أنها غير معتمدة، يظل الفيصل بيننا، هو إخضاع الخريجين من تلك الجامعات لامتحان شامل، وهذا تكفله وزارة التعليم، الامتحان هو للتأكد من امتلاك الخريجين للحد الأدنى من المعرفة، حفاظاً على حق الخريجين.
هل من بين الليبيين الذين أوفدوا للدراسة بالخارج أو تلقوا تعليمهم في الخارج على نفقاتهم الخاصة من عاد بشهادات من جامعات غير معتمدة؟
موجودة للأسف، وقد رفضنا معادلة شهادات من هذا القبيل؛ لأن شهاداتهم والعدم سيان، والمعادلة تتم من قبل لجنة بها 24 من ذوي الخبرة وصلت الدرجة العلمية لبعضهم إلى بروفيسور، لا مصلحة لأعضاء اللجنة إلا حماية الوطن والمواطن من المؤهلات المزورة.
أظهر مؤشر جودة التعليم العالمي لعام 2020م خروج ليبيا من نطاق التقييم للعام الخامس على التوالي، وذلك بسبب الافتقار لمعايير الجودة، ماذا يعني ذلك بالنسبة لكم، وما هو تعليقك؟
للأمانة تصنيف مؤشر جودة التعليم العالمي لم يأخذ بأي أساس من الأدلة والشواهد، لكن واقع الحال، تقييمهم في محله، مثلاً كلية صيدلة أو كلية طب تفتقر لمبان مؤهلة، ولا يوجد بها مرافق معملية تؤهلها أن تكون كلية، وهذا مرده أننا نسعى للكم لا للكيف، أقولها بكل مرارة، هل تعلم أنه لدينا 13 كلية صيدلة، رغم أن تونس الشقيقة التي بها أضعاف سكاننا بها كلية صيدلة واحدة، لك أن ترى جودة مخرجاتهم وتقارنها بجودة مخرجاتنا المتدني للأسف.
ماذا عن خطتكم للعام المقبل، وهل ستتضمن الخطة عودة ليبيا لنطاق التقييم بمؤشر جودة التعليم العالمي بعد خروجها منذ خمسة أعوام؟
نحن لدينا رغبة في التواصل مع الآخرين والعالم، وعرض ما نقوم به، وفي هذا الصدد نتمنى دعم الدولة في أن يكون مركز ضمان الجودة مستقلاً عن وزارة التعليم، وهذه رؤية المؤسسات الدولية حتى؛ لأن المؤسسات التعليمية ليست للتعليم فقط، هناك الداخلية والدفاع والجمارك والتخطيط والمالية لديهم أكاديميات ومؤسسات تعليمية. أهدافنا في 2020-2021م بالدرجة الأولى هي التدريب والقدرات البشرية للمؤسسات التعليمية، وقد بدأنا من الأسبوع الماضي بـ 5 جامعات ليبية هي فزان، سبها، سرت، الجفرة، السدرة، ولله الحمد، سنواصل الجهود، وصولا لكل الجامعات الليبية.
ماذا عن دعم الدولة لكم وهل هو وفق المأمول، وما الذي يعيقكم اليوم؟
الدولة بدأت تقتنع بالجودة وحتمية الجودة وضرورتها، الشارع العام بدأ يقتنع، وهذه كلها مصادر قوة لنا، في الحصول على ما نستحق من ميزانية، تؤهلنا للقيام بدورنا وواجبنا، أمام الوطن وأمام حكومتنا وشعبنا، على أكمل وجه بإذن الله.
ما يعيقنا هو قناعة بعض المؤسسات بالفساد، هناك شلة فساد تحارب الجودة ومركز ضمان الجودة، لأن الجودة ستتبع أثرهم، وستوقف نزيف الفساد، ودكاكين الشهادات، ونحن لا نتوانى بإذن الله، وقد قمنا بالتحقق من شهادات موظفي وزارة الخارجية، وتبين لنا حصول بعضهم على شهادات من مؤسسات وهمية ما يعني أنهم لا يستحقوا أن يكونوا دبلوماسيين، وذلك ينطبق على وزارات عدة في حكومة الوفاق الوطني، بينها وكيل وزارة شهادته مزورة للأسف.