هل يجب أن نأكل عددا أكبر من الوجبات يوميا من أجل أن نتحكم في شهيتنا ونحرق الكرش “دهون البطن” ونتخلص من الوزن الزائد، وهل ثبت علميا أن الصيام المتقطع مفيد من أجل تحسين الصحة والحفاظ على جسم رشيق؟
ففي تقرير نشرته مجلة “كويداتي بلس” الإسبانية، قالت الكاتبة جوانا غيلين فاليرا، إن الكثير من الناس يعتقدون أن تناول عدة وجبات خلال اليوم يساعدهم في إنقاص الوزن أكثر من الاكتفاء بـ 3 وجبات، وذلك لأنهم يرون أن بهذه الطريقة يتم تسريع عملية التمثيل الغذائي وحرق المزيد من السعرات الحرارية، لكن هل هذا الأمر صحيح من وجهة نظر علمية؟
عدد الوجبات والتحكم في الوزن
تنقل الكاتبة عن سارة لوبيز أوليفا، اختصاصية التغذية في معهد اختصاصيي التغذية في مدريد أن “عدد الوجبات اليومية لا يؤثر فعليا على زيادة الوزن أو فقدانه. كما أن أوقات الأكل ليست مهمة بقدر أهمية نوعية الطعام الذي نأكله”.
وقالت خوليا أوكون بريتون، اختصاصية التغذية في الجمعية الإسبانية للغدد الصماء والتغذية، إنه “لا يزال هناك جدل كبير فيما يتعلق بعدد وجبات الطعام اليومية، حيث لا توجد أدلة كافية للتوصية بتقليل الوجبات أو تناول عدد أكبر منها على مدار اليوم”.
وأشارت بريتون إلى أن عددا من الدراسات أثبتت أن “تناول الطعام مرتين أو 3 مرات في اليوم يمكن أن يؤدي إلى خسارة الوزن تماما مثل تناول 6 وجبات أو أكثر، لأن ما يحدد فقدان الوزن هو عدد السعرات الحرارية التي نتناولها على مدار اليوم، بغض النظر عما إذا كانت هذه السعرات موزعة على وجبة واحدة أو 10 وجبات”.
لكنها تقول إن دراسات أخرى خلصت إلى أن “تناول عدد أكبر من الوجبات يوميا يمكن أن يكون أكثر فائدة في الحفاظ على تركيبة الجسم الصحية، مقارنة بتناول عدد أقل من الوجبات، لأنه يساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية ويؤدي إلى إفراز مستويات ملائمة من الغلوكوز والدهون الثلاثية والكوليسترول والإنسولين”.
وتضيف بريتون أن المبدأ الأساسي وراء هذه النظرية، هو أن تناول عدد أكبر من الوجبات يوميا يؤدي إلى الإحساس بالشبع، كما يساعد في فتح الشهية والشعور بالجوع لاحقا، فضلا عنه يؤدي إلى تجنب الإفراط في تناول الطعام أو تناول الوجبات الخفيفة.
تنصح لوبيز أوليفا بأن يتبع كل شخص نظاما غذائيا خاصا به، ويحدد بنفسه عدد الوجبات اليومية، بطريقة تسمح له بتناول ما يحتاج إليه دون أن يصل إلى نقطة فقدان السيطرة على نفسه والتي يمكن أن تقوده إلى تناول الطعام بشراهة واستهلاك وجبات غير صحية.
وترى بريتون أن الأسلوب السليم يكمن في الحصول على الكميات التي تناسب احتياجاتنا، وتوزيعها بالوتيرة التي تلائمنا بصفة يومية، لكي نستطيع التحكم في الشهية ونلبي احتياجات الجسم.
حرق السعرات الحرارية
توضح بريتون أن التأثير الحراري للغذاء “يشير إلى كمية السعرات الحرارية التي تستهلكها أجسامنا لاستيعاب أو هضم الطعام الذي نتناوله”، وهذا يعني أن “الجسم يحرق السعرات الحرارية أثناء عملية الهضم”. وضمن هذه العملية، تعتبر “البروتينات هي المغذيات التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة في عملية التمثيل الغذائي”.
وفقا لهذا المبدأ، قد “يبدو أن تناول عدد أكبر من الوجبات يؤدي إلى حرق المزيد من السعرات الحرارية، ولكن الحقيقة أن زيادة عدد الوجبات اليومية لا يحسّن بشكل كبير توليد الحرارة الناجم عن النظام الغذائي” وفق الاختصاصية الإسبانية.
بعبارة أخرى، لا تؤدي زيادة عدد الوجبات إلى حرق سعرات أكثر، لأن “عدد السعرات الحرارية التي يتم حرقها لهضم الطعام يعتمد بشكل أكبر على إجمالي عدد السعرات اليومية وليس على كيفية توزيعها على مدار اليوم”.
كم وجبة في اليوم؟
تعتقد بريتون أنه لا يمكن تحديد عدد الوجبات اليومية للحفاظ على نمط تغذية صحي، لكنها تفضل وفقا للتقاليد الغذائية في إسبانيا نظام الخمس وجبات، مع العناية بوجبة الإفطار “التي ثبت أن لها فوائد صحية، وأنها تساعد على تحقيق التوازن الغذائي وتجنب الشعور بالجوع وتحسّن الأداء أثناء اليوم وتساهم في إنقاص الوزن”.
وتضيف الاختصاصية الإسبانية أن الطريقة المثلى لفقدان الوزن هي تقليل السعرات الحرارية وزيادة المجهود البدني عبر ممارسة التمارين الرياضية كوسيلة لحرق السعرات الإضافية في الجسم.
الصيام المتقطع
الصيام المتقطع يعتمد على الامتناع عن تناول الطعام لبضع ساعات في اليوم أو بضعة أيام في الأسبوع، مع تناول الطعام بشكل طبيعي في بقية الأوقات.
وحظيت حمية “الصيام المتقطع” لخسارة الوزن بشعبية كبيرة في العالم بالسنوات الأخيرة، غير أن دراسة أميركية حديثة قد كشفت عن الجانب السلبي المتعلق بهذا النوع من الأنظمة الغذائية.
وتعتبر الطريقة الأكثر شيوعا هي الامتناع عن تناول الطعام لمدة 16 ساعة متواصلة قد يتخللها فترة النوم الليلية، بعدها يتم تناول الطعام خلال 8 ساعات، وهو ما يعرف بالصيام المتقطع (16:8)، أو قد يكون عبر الامتناع عن تناول الطعام لمدة 12 ساعة، والأكل خلال الـ 12 ساعة المتبقية وهي ما يعرف بالصيام المتقطع (12:12).
ولكن على الرغم من الشعبية الكبيرة التي اكتسبها هذا النوع من الأنظمة الغذائية، فإنه يجب التفكير جيدا قبل خوض هذه التجربة، إذ كشفت دراسة حديثة أن حمية الصيام المتقطع قد تحد من الكتلة العضلية، بحسب ما نقل موقع دويتشه فيله.
ففي دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة تبين أن الصيام المتقطع وحده قد لا يكون أفضل من غيره، ففي حين تظن أنه يجعلك تفقد بعض الوزن الزائد، إلا أنك في الحقيقة قد تواجه خسارة كبيرة في كتلة العضلات.
خسارة من العضلات
وقد قارن الباحثون مجموعتين من المشاركين، تناولت إحداها نظاما غذائيا منتظما (3 وجبات في اليوم) ووجبة خفيفة، بينما تناولت المجموعة الأخرى كمية محدودة من السعرات الحرارية والتي تم تقييدها بين فترتي الظهر والساعة الثامنة مساء.
واكتشف الباحثون في نهاية الدراسة التي استمرت لحوالي 3 أشهر تقريبا، أن كلتا المجموعتين لم تظهر فرقا كبيرا من حيث فقدان الوزن وكتلة الدهون والتحكم في نسبة السكر بالدم ومستويات الكوليسترول. باختصار، وجد أن الصيام المتقطع لا يحسّن صحة التمثيل الغذائي أو فقدان الوزن.
وكان حوالي 65% من إجمالي فقدان الوزن بين المشاركين في مجموعة الصيام المتقطع من كتلة العضلات، الأمر الذي يعد أكثر بكثير من مقدار الكتلة العضلية التي قد يفقدها الشخص في نظام غذائي منتظم مقيد بالسعرات الحرارية، والذي سيكون حوالي 20-30%.
لهذا السبب ينصح قبل أن تقرر اتباع مثل هذه الإجراءات الصارمة بهدف إنقاص الوزن وخسارة كيلوغرامات إضافية، أن تفكر في تغيير نوعية ما تأكله وكميته لإنقاص هذا الوزن الزائد ومنع فقدان العضلات معا.
المصدر: الجزيرة.