لأن حفتر كان يعلم عدم مشروعية حربه التي شنها على العاصمة لتنفيذ مصالحه ومصالح داعميه حاول تبرير هذه الحرب باستخدام الوازع الديني لعلمه بتعلق الليبيين بدينهم وتأثرهم بالفتاوى الدينية المغلوطة؛ للانجرار وراء مشروعه العسكري وإيهامهم بأنه على حق.
فعزم مشايخ حفتر على تلميع صورته وشرعنة عمليته، وجر الشباب للقتال معه تحت فتاوى الشيخ ربيع المدخلي، كما برر وأجاز بعض مشايخه استعانة حفتر بالمرتزقة الروس؛ لمساندته ضد أبناء بلده بقوله إنه أمر فقهي، وليست مسألة كُفرية على لسان عضو لجنة الإفتاء التابعة لحفتر “فرحات العمامي”.
خطاب ديني
فبدأ حفتر أول خطاباته في عدوانه على طرابلس بآية من سور الفجر (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد)
كما استشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح مكة حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: “ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قائلا من “دخل بيته فهو آمن” وختم خطابه بقوله تعالى (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
وسخر حفتر وداعموه لجنة الإفتاء التابعه لهم لدعمه وإصدار فتاوى تتماشى مع ما خلفته ميليشياتهم من قتل ودمار واستعانة بمرتزقة وواكبوها لتصحيحها بشكل ديني غير قابل للشك لدى من يفتقرون للخلفية الدينية الجيدة.
كتائب سلفية
حشد حفتر بين ميليشياته المتكونة من بقايا كتائب القذافي والخارجين عن القانون بعض الكتائب السلفية التي تحتكم للدين؛ لبث الأمل والتأثير في نفوس تابعيهم؛ لدعم حربه دينيا، فجعل كتائب السلفية في أوائل ميليشياته منها كتائب 210 وطارق بن زياد المقاتل’.
وشرعنت هذه الكتائب الحرب باستنادها على فتاوى الشيخ السعودي ربيع المدخلي، الذي طالبهم بالالتفاف حول حفتر ، ووصفهم لقوات بركان الغضب بالخوارج.
استخدام مصطلحات عفا عنها الزمن
وكان اللعب على المصطلحات التكفيرية أحد أدوات حفتر وشيوخه؛ بغرض إقناع مؤيديهم بمن يخوضون معه الحرب، وبعد فشل الخطط المختلفة عزم مشايخ لاستخدام مصطلحات قديمة لوصف قوات الجيش الليبي ،ففي أحد المقاطع المصورة لميليشيات حفتر التي لم تترك آية تدعوا للنصر والجهاد والقتال إلا واستخدمتها من أجل شرعنة حربهم، كما تم وصف قوات الجيش الليبي بالخوارج الواجب محاربتهم لنصرة الإسلام قبل الوطن، كما وصف أحد مشايخهم قوات الجيش الليبي بقوات التتار الواجب محاربتها وصدها .
كل من يدعم حفتر يمكنه الحديث في الدين
كما أن الأمر لم يعد كما كان عليه في السابق قبل هزيمة حفتر التي كان يتم الاعتماد على المشايخ؛ لتبرير حربه وشرعنتها، بل بدأ أتباعه البعيدون عن الدين بالحديث باسمه ووصف حربه بالشرعية، كحال محمود الورفلي الذي قال في مقطع مصور بوجوب حربهم وأن دخولهم لمصراتة بات واجبا دينيا، وهو أشبه بزيارة الكعبة، وفق قوله .
لعل ما لم يستطع حفتر إقناع الناس به في حربه وعدم شرعيتها وشرعيته في الأصل جعله يلجأ للشيوخ؛ للعب على وتر الدين لعلها تعطيه أفضلية أو تقدما ودعما شعبيا فقده، ولازال يفقده خصوصا بعد خسارته المتوالية.