عقب الانتصار الكاسح للجيش الليبي، وطرد ميليشيات حفتر المدعومة من الإمارات وروسيا وفرنسا ومصر من المنطقة الغربية بعد معارك طاحنة استمرت قربة عام وشهرين أصبحت الدول الداعمة لحفتر تتسابق لطرح الحلول السياسية؛ بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشروعها في ليبيا
فخرج رئيس نواب طبرق بمبادرة سياسية عقب تيقنه من استحالة الحسم العسكري بتعديل المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين ورئيس حكومة منفصل، كما اقترح أن تكون سرت مركزا للسلطات والمؤسسات السيادية.
وطرح رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج قبله في يونيو من العام الماضي مبادرة سياسية لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية، لا يشارك فيها من تلطخت أيديهم بدماء الليبيين، وأيضا طرح عقبه رئيس المجلس الأعلى للدولة مبادرة أخرى تتكون من أربعة محاور رئيسة.
لكن السؤال أين مجلس النواب في طرابلس من كل هذه المبادرات في ظل هذا المعترك السياسي، خاصة وأن عدد النواب الموجودين في طرابلس أكثر من 70 نائبا مقابل أقل من 30 نائبا في طبرق.
فمن الغريب أن مجلس النواب بطرابلس لم يقدم أو يطرح أو حتى يتحدث عن أي مبادرات سياسية لحلحلة الوضع المتأزم الحالي، خصوصا بعد تحرير المنطقة الغربية بالكامل، وتحقيق انتصارات كبيرة من قبل الجيش الليبي راح ضحيتها الكثير من قوات الجيش ومواطنين مدنيين.
إهمال الاستحقاقات
المحلل السياسي عبد المجيد العويتي قال، إن المجهود الذي بذله بعض أعضاء مجلس النواب مع بعض التيارات السياسية والمجلس الرئاسي لإقامة جلسات نظامية في طرابلس قوبل بسلبية كبيرة من كثيرين من الأعضاء فاعتمد المجلس “طريقة الشو الإعلامي في أعماله”.
وبين العويتي، في تصريح للرائد، أن مساءلة بعض الوزراء وجلسات استماع شكلية لبعض الموكلين بمهام سيادية على مستوى السلطة التنفيذية أهملت العديد من الاستحقاقات السياسية المنوطة بأعمال المجلس، وعلى رأسها المشاركة الفعالة في رسم مستقبل التسوية السياسية للأزمة الليبية، التي تقوم معظمها على خارطة طريق تنهي هذا الجسم بشكل نهائي بفرعيه طبرق وطرابلس.
وأضاف العويتي، أنه يمكن أن يكون هذا الشعور هو الذي ولد تنافصاً للمسؤولية حتى بين أعضاء نشطين، ولهم دور ريادي في المجلس فتراجعت حماستهم تجاه تقديم المبادرات.
خارج دائرة التأثير
ومن جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي محمد غميم، إن مجلس النواب المنعقد في طرابلس للأسف غير مدرك لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فالمرحلة محتاجة إلى مواقف وطنية وتحقيق انتصارات سياسية بحجم ما حقق من انتصارات عسكرية، والتأخير في التفاعل مع الحدث سيضعك خارج دائرة التأثير.
وأضاف غميم، في تصريح للرائد، أن اجتماع مجلس النواب في طرابلس يرتكز على أساس دستوري، وبعدد أعضاء أكثر من المتبقي مع عقيلة في طبرق، إلا أنه لم يكن مقنعا للشارع الليبي، ولم يستطع فرض وجوده في المعادلة الليبية لدى الأطراف الدولية، فكانت العديد من المواقف أمام المجلس، لكنه لم يستغلها، مبينا أن المجلس واقع تحت تأثير تيار قريب من السلطة الحالية التي حتى وإن كانت ترفع شعار التسوية إلا أنها مستفيدة جدا من استمرار الحال كما هو عليه الآن، فأي تسوية ستخرجهم من المشهد، حسب تعبيره.
وأشار غميم إلى أن عقيلة قدم مبادرة تعاملت معها كل الأطراف على أنها مبادرة أقليم، وليس شخصا مستفيدا من الفراغ الحاصل، والتعاطي معها لا يعني قبولها بالمطلق، وفي المقابل مجلس النواب في طرابلس يجتمع خارج الزمن؛ ليناقش ويسمع إحاطة من رئيس رقابة أو الديوان، منوها أن هذه الأمور مهمة، ولكن لكل مقام مقال، وفق قوله.
وأكد غميم أن الحفاظ على الانتصار العسكري يتطلب مناورة ومبادرة شجاعة ووطنية، والاتفاق السياسي واضح في مواده وبنوده، فالمواطن سئم الوضع الذي يدفع ثمنه دما وصبرا وقهرا على حساب مرتبات ومزايا للمجلسين دون تحقيق أدنى نجاح، وفق تعبيره.
جمود سياسي
ورأت الناشطة السياسية غادة باسم أن هؤلاء النواب عاشوا منذ بداية المجلس مرحلة جمود سياسي والانسياق في خط واحد، “ومنهم من دعم كل قرارات عقيلة وإخفاقاته”
وأضافت باسم، في تصريح للرائد، أن النواب الآن في حرج ولا “أعتقد” أن عندهم جدية بأن يكونوا هم المجلس المنبثق من الاتفاق السياسي لتحفظ أغلبيتهم عليه… وقد يدعمون مبادرة عقيلة صالح للحل وفق قولها، مشيرة إلى أن رئيس المجلس حمودة سيالة كان له موقف بتعليق الحوار حتى يتم وقف إطلاق النار، وعودة النازحين، وفق اللجنة التي اختارتها البعثة في عهد غسان سلامة.