ما إن دُحرت ميلشيات حفتر من المنطقة الغربية، وتحرير كامل ترابها ومدنها وقراها وقواعدها من سيطرتهم التي دامت فيها أكثر من أربعة عشر شهراً متوالية، كانت عدد من الدول العربية والغربية تدعمه فيها بكل أنواع الأسلحة المتطورة.
وما أن تأكدت الدول الداعمة وغيرها من هزيمة ميلشيات حفتر ومعهم المرتزقة الروس وشهدوا فرارهم من جنوب طرابلس، حتى تغيرت مواقف عدد منها باتجاه الدعوة للحوار والسلام، وعقد الاتفاقيات مع حكومة الوفاق.
حيث بدأت عدد من الدول في اتصالات علنية مع حكومة الوفاق وقيام مسؤوليها بزيارات للعاصمة طرابلس، دون التفات لحفتر ومقره في منطقة الرجمة الذي كانت عدد منها تزوره بعد كل زيارة لطرابلس.
الزيارات تكررت خلال الشهر الجاري والمواقف كذلك، فنجد وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، يتنصل من حفتر في تصريحات غير مسبوقة بشأن الوضع في ليبيا، انتقد فيها بشدة حفتر، والتي قال فيها “لقد اتخذ بعض أصدقائنا قرارات فردية وأحادية الجانب، ولقد رأينا ذلك مع حفتر في ليبيا…”، والتي اعتبرت بأنها تعكس تغيرا في سياسة الإمارات تجاه حفتر.
أيضاً كان للمبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، صدى آخر غير القبول والترحيب، فقد رفضتها دول وتجاوزتها أخرى، ومن أهم تلك المواقف الموقف الأمريكي، الذي عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، الذي قال إن بلاده ترى في المبادرة المصرية بشأن ليبيا بعض البنود المفيدة، لكننا نرى أن العملية التي تقودها الأمم المتحدة وعملية برلين هما أكثر الأطر البناءة لإحراز تقدم إزاء وقف إطلاق النار.
وفي سابقة على وضوح تغير الموقف الإيطالي، تصريحات السفير الإيطالي في ليبيا جوزيبي بوتشينو، التي قال فيها، إن قوات حفتر تصرفت بنفس طريقة تنظيم داعش بعد زراعتها للألغام في منازل المدنيين والمقابر الجماعية التي خلفتها وراءها في مدينة ترهونة.
مؤخرا زارت القيادة الأمريكية في إفريقيا “الأفريكوم” رفقة السفير في ليبيا ريتشارد نورلاند، مدينة زوارة؛ للقاء رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بحضور عدد من القيادات العسكرية الليبية، في إشارة واضحة لمساندة ودعم أمريكي قوي وواضح لحكومة الوفاق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، خاصة وأن الوفد الأمريكي تجاهل حفتر ولم يزره كما روج له إعلام الكرامة.
أيضاً كانت زيارة رئيس الوزراء المالطي “روبرت أبيلا” لطرابلس والتوقيع على مذكرة تفاهم مع ليبيا في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، واتفق فيها السراج وأبيلا على الإسراع بخطوات تفعيل اتفاقات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، في تجاهل عالٍ لحفتر وحكومة الثني التابعة له.
وآخر تلك المواقف الزيارة التي أداها وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إلى طرابلس، اليوم الأربعاء، والتقى خلالها مع رئيس المجلس الرئاسي، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، ووزير الخارجية محمد سيالة، التي أكد دي مايو فيها رفض التدخلات الخارجية السلبية في الشأن الليبي.