أفصح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن نواياه المبيّتة تحت عباءة الحرص على استقرار ليبيا الذي يتظاهر به في كل مؤتمر أو اجتماع دولي ـ وصرّح علنًا أن سرت ـ خط الدفاع الأخير لحفتر عن الموانئ النفطية ـ هي خط أحمر.
هذه التصريحات العلنية للسيسي رأى مراقبون أنها للاستهلاك الإعلامي، ولن تترجم إلى أفعال ولن يتجرأ ويتحرك عسكريًّا في ليبيا لعدة أسباب، أهمها الوجود التركي الداعم للوفاق.
اختلاق أزمة
المحلل السياسي “أحمد الروياتي” قال، إن هناك من يقول إن تصريحات السيسي هي محاولة لتصدير الأزمة المصرية بخصوص سد النهضة والرأي العام المتضارب حول هذه القضية التي قد تقضي على السلطة في مصر، باختلاق أزمة أخرى.
وأوضح الروياتي، في تصريح للرائد، أن هناك شبه اتفاق بين الأتراك والروس حول نهاية هذا الصراع الليبي الذي دخل مرحلة جمود في سرت، ومصر لديها معالم عن طبيعة الاتفاق ومضمونه؛ ولذلك يعلم السيسي أن تصريحاته اليوم لا تعدو كونها تصريحات ولن يتدخل فعليا.
وأضاف الروياتي، أن سرت والجفرة ليستا المعنيتان بتصريحات السيسي، بل الموانئ النفطية وما بعدها، وهو ما يمثل أمنا قوميا فكريا جغرافيا اقتصاديا عسكريا لمصر؛ ولذا ستذهب للخيار الصعب الخطر وهو الحل العسكري لأنها مسألة حياة أو موت لها، مبينا أن مصر، وفق تقديره، إذا ما وقعت تسوية معينة في قادم الأيام استطاعت من خلالها أن تبقي على سيطرة حليفها على المنطقة الشرقية فإنها ستتدخل عسكريا عن طريق الجو فحسب.
نصر إعلامي
الناشطة السياسية “غادة باسم” اعتقدت أن تصريحات السيسي جاءت بناء على تسريبات حول اتفاق تركي روسي بما يخص المنطقتين حتى يُنسب نصر إعلامي للسيسي، وهذا لا ينفي أن مصر مستفيدة من تهريب الوقود وغيره من المنطقة الشرقية، ناهيك عن الأطماع الجغرافية التي سوقها إعلامه طيلة السنوات الماضية.
وأضافت “غادة”، في تصريح للرائد، أن تأييد الإمارات والسعودية لخطاب السيسي من المتوقع أن تُضاف إليه دولتا الأردن واليونان لتعزيز مواقفهم السابقة ودعمهم لحفتر ومحاولة إنقاذه، منوها إلى أن حفتر سمى قواته “الجيش العربي الليبي”؛ استعدادا لهذه المرحلة من التدخل بدعوى العروبة، مستغربة من وقوع مصر في فخ الحرب كما وقعت سابقا السعودية في مستنقع اليمن وما زالت تعاني للخروج منه.
وقالت “غادة”، إن كلام السيسي عن دعم القبائل وتسليحها الآن مع أن مصر سلحتهم وأرسلت إليهم الذخائر وضباطا مصريين من قبل ـ الغرض منه إيصال رسالة أنهم لم يتدخلوا عسكريا في الشأن الليبي حتى الآن مع أنهم داعمون لكل جهود حفتر العسكرية سابقا بتحريك الطمع لدى بعض العقليات البسيطة من القبائل في ثروات البلاد لتصبح أجندة إقليمية.
طريقة كلاسيكية
ومن جانبه، وصف المحلل السياسي عبد المجيد العويتي، أن ما يفعله السيسي اليوم هو طريقة كلاسيكية عفى عليها الزمن حينما يحاول نظام سياسي ما أن يصدّر جزءاً من مشاكله الداخلية إلى دول أخرى.
وأوضح العويتي، في تصريح للرائد، أن مصر مُقبلة على سنوات عطش تواجهها جراء سد النهضة الإثيوبي، والشعب المصري قلق من هذه الأزمة المرتقبة، و لا يوجد رد فعل مصري حقيقي على الخطوة الإثيوبية وهو ما زاد القلق الشعبي وحوّله لقلق رسمي يلقي بظلاله على الدعاية المصرية حول القوات المسلحة المصرية وجاهزيتها وقوتها، تلك الدعاية التي تفتقد إلى الواقع، فأي مواجهة مسلحة مع دولة ما، ومنها أثيوبيا، ستصطدم بحقيقة ضعف قدرات القوات المصرية.