بكل الشواهد والأدلة ظلت الإمارات بطائراتها تفرغ آلاف الأطنان من الذخائر في قاعدة الخادم الجوية جنوب مدينة بنغازي التي تديرها، وكذا قاعدة الجفرة أيضاً التي ظلت مربضاً دائماً للطائرات الإماراتية تنطلق منها لقصف الأحياء والقرى والمدن الليبية.
وفي تطور لافت وبعد سلسلة الهزائم الأخيرة التي لحقت بحفتر وبمشروعهم التدميري في ليبيا، والذي انتهى في المنطقة الغربية بتحرير مدينة ترهونة آخر معاقل ميلشياتهم، جعلت دولة الإمارات تغير من موقفها تجاه حفتر، معلنة عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش الذي قال، “إن حفتر اتخذ قرارات أحادية تبين لاحقا أنها كانت خاطئة” بحسب “وكالة بلومبيرغ الأمريكية”.
الإمارات تكتشف سوء اختيارها
عضو المجلس الأعلى الدولة عبدالرحمن الشاطر، بعد ما راهنت على حفتر طيلة أربع سنوات كقائد عسكري يحقق لها الهيمنة على ليبيا وأغدقت عليه كافة أنواع العتاد العسكري والضباط العسكريين وسوقت له إعلاميا بأنه الرجل القوي القادر على تحقيق مآربها اكتشفت سوء اختيارها بعدما هُزم أشد هزيمة في عدوانه على المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس على وجه التحديد.
وأضاف الشاطر في تصريح للرائد، أن الامارات العربية تبحث عن أعذار لهزيمتها الشنعاء، وتصريح قرقاش اعتراف صريح بتدخلها العسكري في الشأن الليبي بما يفضح كافة مراوغاتها بأنها تؤيد الحكومة الشرعية وتسعى للحل السلمي في ليبيا.
وأوضح الشاطر، أن الإمارات بمغامراتها في ليبيا وسياستها الرعناء فقدت ليبيا إلى الأبد وفقدت حيثياتها كدولة يمكن أن يكون لها وجود محترم في المنطقة العربية والعالم.
تصريحات قرقاش لاتعكس تحولاً في الموقف الإماراتي
ومن جهته قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالله الكبير، إن تصريحات قرقاش لا تعكس تحولا في الموقف الإماراتي بقدر ماهو تنصل من الهزيمة.
وأضاف الكبير في تصريح للرائد، أن الوزير الإماراتي يلمح إلى أن قرار حفتر بالهجوم على طرابلس تم دون علم الإمارات ومن ثم ينأون بأنفسهم عن هزيمته ويعتبرون الهجوم قرارا أحاديا خاطئا.
واوضح الكبير بأن معركة الإمارات والسعودية مع التغيير في المنطقة العربية معركة وجود، ولذلك هم يسخرون كل إمكانياتهم لعرقلتها وإعادة تدوير النظام العربي الرسمي القديم بإثارة الفوضى في بلدان الثورات.
وأكد الكبير بأنه لربما لا يدركون أنها معركة خاسرة حتما لأنها ضد حركة التاريخ، ولكن لا خيار أمامهم غير مواجهتها، لأن مد التغيير سيطيح بعروشهم وقد نجحوا حتى الآن في إبطائه قليلا بثمن باهظ.
لن يكون هناك تغير في موقف الإمارات من ليبيا
ومن جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي علي أبوزيد، إن تصريحات قرقاش الأخيرة التي نقلتها بلومبيرغ يمكن أن تكون إشارة إلى تغيير الأدوات الإماراتية، ولا أعتقد أنها تغيير لموقفها في ليبيا الذي هو جزء من مشروعها في المنطقة.
وأضاف أبوزيد في تصريح للرائد، أن تصريح قرقاش يأتي في سياق أن الإمارات بعد الخسارة التي مُنيَت بها مليشيات حفتر وتنامي الوجود الروسي في ليبيا أصبحت في حرج شديد مع حليفتها الولايات المتحدة التي أصبحت منزعجة بشكل غير مسبوق من الوجود الروسي، وهو ما قد يدفع الإمارات إلى تصدير شخصية تحتوي تداعيات هزيمة حفتر، ويبدو أن عقيلة صالح هو الشخصية المتاحة حالياً.
وفي كل الأحوال اعترفت الإمارات أم لم تعترف، تغيرت مواقفها أم لم تتغير، فلن ينسى الشعب الليبي قتلها لأبنائه بطائراتها وصواريخها، ولن تنسى هي أنه بصمود الرجال في المحاور وساحات القتال هي التي جلبت في نهايتها هزائم لحفتر ولمخططاتها ومؤامراتها، بمحاولات وأد تحرر وتقدم وتطور الشعوب العربية التي شهدت بلدانهم ثورات شعبية أطاحت بنظم دكتاتورية.