كان واضحا منذ البداية أن الموقف الجزائري رافض للعدوان على طرابلس، حتى وإن ظل هذه الرفض حبيس التصريحات والبيانات الصحفية، ولم يتعده إلى أفعال ملموسة.
لكن يظل هذه التصريح يمثل نقطة ارتكاز للباحثين في مدلولات الدبلوماسية الجزائرية التي ترفض الحل العسكري، وتنادي دوما باستئناف المفاوضات التي تقود إلى الحل السياسي.
وربما من هذا المنطلق نستطيع فهم دعوة الجزائر لرئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح لزيارة الجزائر بعد الهزيمة العسكرية لمليشيات حفتر على أسوار طرابلس، وبعد طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مبادرة سياسية أحادية خارج إطار اتفاق الصخيرات.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون جدد، خلال لقائه بعقيلة صالح، على موقف الجزائر “الثابت الدّاعي إلى الحوار بين الليبيين؛ من أجل الوصول إلى حلّ سياسي بعيدا عن التدخلات العسكرية الأجنبية، ووفق مخرجات مؤتمر برلين” حسب بيان لرئاسة الجمهورية.
بينما قال عقيلة صالح، في تصريح للتلفزيون الجزائري، إنه “زار الجزائر بناء على دعوة الرئيس تبون؛ من أجل مناقشة كيفية حل الأزمة الليبية، مؤكدا أن تبون “اطلع على مبادرة القاهرة، وسيبذل جهده لجمع شمل الليبيين”.
لا هدف لها
الكاتب والمحلل السياسي علي أبو زيد قال: كان من المتوقع من الجزائر أن تدعم حكومة الوفاق وشرعيتها إن كانت حريصة على مصالحها بالفعل، وتريد أن تكون مؤثرة في الملف الليبي.
وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أن الجزائر لازالت تصر على عدم اتخاذ موقف يليق بحجمها وتأثيرها، وتتفاعل مع الملف الليبي من خلال مواقف الآخرين، ولذلك فإن دعوة عقيلة صالح لا هدف لها سوى إرسال رسالة للجانب المصري أنه لن تسمح لمصر بتقديم المبادرات وحدها بعيداً عن دول الجوار، ولكن إيصال هذه الرسالة بدعوة عقيلة صالح لا معنى لها.
دعائم إقليمية
الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد عويتي يرى أن عقيلة صالح يبحث عن دعائم إقليمية ودولية تسند موقفه ومكانته بديلا محتملا لحفتر على طاولة المفاوضات المقبلة، ولذلك كثر الحديث مؤخرا حول تحول مقر التفاوض الشرقي من الرجمة إلى القبة.
وأضاف العويتي، في تصريح للرائد، بأن الجزائر أيضا تبحث لها عن موطئ تأثير في الملف الليبي، ولو كان متأخراً بعض الشيء، بالذات بعد الاتفاقيات التركية الليبية التي يبدو أن الجزائر توافق عليها على مضض، ولهذا فهي تلتقي عقيلة صالح، ومن المرجح أن تكثف مجهوداتها الدبلوماسية؛ لأجل هذا الهدف.
تحفظ على مبادرة القاهرة
الكاتب الصحفي عبد الله الكبير قال بأن الزيارة تمت بدعوة من الرئيس الجزائري لسببين، الأول: لمعرفة تفاصيل الموقف الجديد كما ورد في بيان القاهرة، وتوضيح الموقف الجزائري منه لعقيلة، والآخر هو رسالة لمصر والمجتمع الدولي تعبر عن قدرة الدبلوماسية الجزائرية على التواصل مع كل أطراف النزاع في ليبيا.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، بأن الجزائر عبرت دبلوماسيا عن تحفظها على بيان القاهرة، ومن ثم ستبلغ عقيلة بأسباب هذا التحفظ وتعيد طرح مبادرتها عليه من جديد بعد أن نالت في السابق موافقة الأطراف الليبية قبل أن تجهض من قبل بعض الدول المنخرطة في الصراع.