تزداد ملامح دولة حفتر المنشودة وضوحا يوما بعد آخر، فبعد اعتماده على التحريض وجلب المرتزقة في عدوانه على المدن الليبية واحدة تلو الأخرى ـ بدأ حفتر يجمع العواجيز من حوله باسم القبيلة؛ للتحريض على المزيد من إراقة الدماء، والقفز على أي اجسام منتخبة ومصادرة حق الليبيين في عملية ديمقراطية نزيهة يختارون فيها ممثليهم.
عواجيز حفتر اجتمعوا في منطقة هراوة لتقرير مصير ليبيا، وعينوا ناقض العهد “صالح الفاندي” رئيسا لهم، وشكلوا ما يشبه الحكومة القبلية التي ضمت 23 اسما موزعين على حقائب وزارية. أسماء المرشحين أعدت مسبقا في مقر قائد مليشيات الكرامة وفق أهوائه وتطلعاته لإراقة المزيد من الدماء، وقد أعلنوا دعوة الشباب إلى الالتحاق بمحاور القتال لـ “الجهاد” ضد إخوانهم.
تجاوزها الزمن
الكاتب الصحفي عبدالله الكبير قال، إن أي محاولة لتشكيل حكومة في ليبيا خارج الأطر الدستورية والقانونية، هي عبث محض.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن تشكيل ما يسمى بمجالس أو هيئات القبائل هو محاولة لحيازة سلطة غير شرعية من شخصيات تجاوزها الزمن لا تكتسب أي سلطة شرعية ولم يفوضها الناس بالآليات المعروفة في هذا العصر.
إفشال للحلول السياسية
ورأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي علي أبوزيد، أن تحركات الفاندي تصبّ في اتجاه إفشال أي حل سياسي، وهو تهديد مبطن من حفتر لمجلس نواب طبرق إذا فكّر في المضي قُدُمًا في الحوار السياسي، باستخدام الفاندي وأتباعه لمهاجمة عقيلة ونوابه.
أبوزيد أوضح، في تصريح للرائد، أن دعوة الفاندي لإعلان الجهاد ودعوة الشباب لذلك في 4 من أبريل القادم تأتي في سياق سياسة زيادة التوريط في الدم الليبي التي ينتهجها الفاندي ومن ورائه حفتر، وهي إعلان صريح وواضح أن هذه العصابات لا تلتزم بأي هدنة ولا تعترف بأي وقف لإطلاق النار.
مسرحية هزلية
الكاتب الصحفي والباحث في الشأن العام فرج فركاش وصف، في تصريح للرائد، إنشاء مجلس لمشايخ ليبيا ـ بأنه “مسرحية هزلية” تذكّرنا بما كان يحصل في عهد النظام السابق من “ملتقيات قبلية” و “شعبية” تدعي أنها تلقائية و “بريئة” ولكنها في الواقع مدروسة وليست عبثية.
وبينّ فركاش أن الحكمة قد غابت عن الملتقى رغم حضور بعض كبار السن، وقد علا فيه صوت التحريض والمناداة بسفك الدماء بين أبناء الوطن الواحد، وتأييد إغلاق المصدر الرئيسي لرزق الليبيين، موضحًا أن المفارقة هنا هو التشابه الكبير بين ما جاء في بيان ذلك الملتقى “الكرنفالي” الصوري وبين ما يسمى “مبادرة حفتر لما بعد تحرير طرابلس”، في محاولة لإضفاء صبغة شعبية على تلك المبادرة.
وأضاف فركاش أن توجهات أغلب الحاضرين لذلك الملتقى معروفة مسبقا، فهم إما من أنصار النظام السابق المتطرفين أو من شيوخ الدفع المسبق والدفع الرباعي المدفوعين من قبل “بالعيد الشيخي” ومن على شاكلته، أو من المغيبين، وقد جَمَعهم حقد بعضهم على ثورة فبراير وحقد بعضهم الآخر على خصومهم.
وأكد فركاش أن تعيين “صالح الفاندي” رئيسا للمجلس وهو المعروف بتطرفه وخيانته للعهود التي قطعها على نفسه أمام أعيان طرابلس، ودعواته المتكررة لسفك الدماء ـ لن يجد قبولا لدى غالبية الليبيين، وقد يُستخدم هذا المجلس ورقة لتلويحها مستقبلا في وجه مجلس نواب طبرق إن لم يلتزم بالخط المرسوم له من سلطة “الرجمة”، وقد يستخدم أيضا ورقة بإقحامه في أي حوارات قادمة على أنه جسم يستمدّ شرعيته من القاعدة الشعبية، وهذا وهم لن ينطلي على أحد.