كشف تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مدينة بنغازي حالة الرعب والخوف التي تسود المدينةوتحدث التقرير عن حالة الهلع بين السكان؛ خوفاً من الاعتقال التعسفي على يد ميليشات حفتر، حيث لا أحد يستطيع مساءلة هذه الميليشيات الموالية للحكومة.
وتابع معد التقرير بأن بنغازي نصفها خراب وتعاني من الفساد “ويتسكع رجال الأمن فيها بملابس مدنية يسترقون السمع ويتعقبون الصحفيين الأجانب”.
التحالف مع العواقير
وتحدث تقرير الصحيفة أن أفرادا من قبيلة العواقير المتحالفة مع حفتر منذ 2013 يدعون أنهم دفعوا ثمناً باهظاً بالكثير من أبنائهم، وأنهم يريدون المكافآت حيث شكلوا “كتيبة أولياء الدم”؛ سعياً للانتقام كما اتهموا بالإخفاء القسري والقتل.
وأضاف التقرير أن حفتر قام برعاية خاصة لفرقة اغتيال “أولياء الدم”؛ لقتل خصومه السياسيين كذلك عند اختطاف النائبة بالبرلمان سهام سرقيوة، قام المهاجمون بوضع اسم “أولياء الدم” على حائط منزلها إضافة إلى أن سكان بنغازي يشتكون من الفساد والإثراء من قبل قادة ميليشيا القبائل وضباط القذافي السابقين.
يحكم بالخوف
ويرى الكاتب عبدالله الكبير أن حفتر بالفعل يحكم شرق ليبيا بالخوف، فالناس مستسلمة؛ بسبب حالة القمع التي فرضها على الجميع هناك بفعل أجهزته الأمنية.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن ما جاء في تقرير نيويورك تايمز صحيح فقبيلة العواقير ساندت حفتر في ترسيخ سلطة حفتر ببنغازي عندما قدم إليها فارا من طرابلس، وحين لم يعد بحاجة لهم تخلى عنهم ونكل ببعض قادتهم.
وتابع الكبير أنه وعلى الرغم من أن نيويورك تايمز من صحف الصف الأول في أمريكا غير أن تأثيرها في المسألة الليبية سيظل محدودا؛ لأن ما يجري في ليبيا مرصود لدى الدوائر الاستخباراتية الأمريكية التي ترسم معالم السياسة الأمريكية ومع ذلك فتقارير الصحف مهمة؛ لأن المؤسسات ستأخذها بعين الاعتبار ولن تتجاهلها.
تصم آذانها
أما الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد العويتي فيرى أن الإدارة الأمريكية تصم آذانها عن هذه الحقائق وكأنها لا تهمها، أو تريد من استمرارها مصلحة ما بالذات تلك التي تتعلق بجماعات متطرفة كالمجموعات السلفية التي تعتبر أختا غير شقيقة لتنظيمات داعش والقاعدة.
وأضاف العويتي، في تصريح للرائد، أن التقارير الأجنبية التي تتناول الوضع الأمني والاجتماعي والديني المزري في بنغازي كثيرة في ظل عهد حفتر الفوضوي، ولقد وصل إلى مسامع الصحافة الأمريكية بالذات ما هو أسوأ.
ليس غريبا
بينما يرى الكاتب محمد غميم أن ما رصدته نيويورك تايمز من حالة الشارع في بنغازي ليس بغريب على منظومات العسكرة التي لا تملك إلا الترويع والإرهاب والرعب ونشر ثقافة التجسس والريبة في أوساط المجتمع.
وأضاف غميم، في تصريح للرائد، أننا نتكلم بحرقة عن بنغازي لأنها كانت دائما سباقة في رفض الظلم والاستبداد ولديها في ذلك تاريخ مشرف منذ الجهاد ضد المستعمر وصولا إلي الثورة ضد القذافي.
فالمنظومة العسكرية التي يستخدمها حفتر والمتكونة من أفراد من النظام السابق والمخابرات المصرية كرست القبلية والخنوع والجهل عند كثير من سكان المدينة.
وتابع غميم أن ما يدور في بنغازي ليس بغريب؛ لأن تحالف العسكر مع بعض أبناء القبائل الذين شوهوا للأسف معنى القبيلة في المجتمع الليبي، وجعلوا أنفسهم عبيدا لحفتر وعصا يضرب بها من يشاء يجعل ما رصدته صحيفة التايمز انفجارا إعلاميا ضخما؛ لأنه لم يستطع أي أحد من قبل أن يوثق مثل هذه المعلومات من قبل، ولكن هذه الصحيفة بثقلها استطاعت فعل ذلك، واستطاعت تبيين أن بنغازي باتت سجنا كبيرا يقبع فيه آلاف من الناس تحت الظلم والقمع.
ويجمع متابعون أن ما حواه هذا التقرير من حقائق ومشاهد مروعة ومخيفة ليس إلا جزءا من أجزاء المأساة الحقيقة التي تعيشها كل المناطق الواقعة تحت قبضة الحكم العسكري الذي تسبب في تأخير البلاد عن ركب الحضارة أكثر من أربعين عاما، والذي مازال يهدد عاصمة البلاد منذ أبريل الماضي، ولكن هيهات وهيهات.
