بعد إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة التي كان ينتظرها الليبيون آملين أن تأتي بحل يوقف الصراع الحالي، أو أن تطالب بوقف إطلاق النار وعودة المعتدي من حيث أتى، وهو ما لم يفعله سلامة ـ تعالت الأصوات المطالبة برحيله متهمة إياه بالانحياز إلى حفتر.
فقد رأى متابعون للشأن المحلي أنه تعمد فيها عدم إدانة حفتر والانتهاكات التي ترتكبها قواته من قصف للمدنيين والمنشآت المدنية ومطار معيتيقة، بل تجاوز بعضهم ذلك إلى اتهام سلامة بالضلوع في عدوان حفتر على العاصمة وطالبوا الأطراف الليبية بعدم التعامل معه، بل بمغادرته للبلاد.
الحياد المجحف
الكاتب الصحفي علي أبو زيد قال، إن المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة انطلق في إحاطته أمام مجلس الأمن من أساس خاطئ، وهو الحياد المجحف بين طرف معتدٍ وآخر معتدًى عليه، وإن ما يقدمه من قراءة أو يرفعه من تقارير لا يمكن أن تقبل في ميزان العدل والإنصاف.
ورأى أبوزيد، في تصريح للرائد، أن حديث سلامة عن الهدنة لا يمكن اعتباره إلا محاولة لتثبيت حفتر “وعصاباته” في أماكن سيطرتها، وإعطائها فرصة للتمكن و تحصين خطوط المواجهة، وهذا انحياز أيضاً من نوع آخر، حسب قوله.
وأكد أبوزيد، أن سلامة استنفد ما في جعبته السياسية، وعلى المجتمع الدولي أن يحاول بناء الثقة بينه وبين الليبيين من خلال تعيين مبعوث أممي جديد يحظى بقبول لدى مختلف الأطراف الليبية، وله وزنه في المجتمع الدولي، والتخلي عن إصراره وتمسكه بحفتر كأحد الأطراف التي ينبغي أن تكون جزءاً من المشهد؛ لأنه لا يؤمن بالشراكة السياسية، ولا يمكن أن يكون موضع ثقة لدى أي طرف سياسي.
على سلامة الرحيل
ووصف الكاتب الصحفي عبد الله الكبير من جانبه إحاطة مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة، بأنها أسوأ إحاطة قدمها منذ بداية عمله مبعوثا أمميا لدى ليبيا.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن سلامة في إحاطته جامل حفتر كثيرا، وسعى للتقليل من انتهاكات عناصره، ولم يطالب مجلس الأمن بموقف واضح من اختطاف النائبة سهام سرقيوة.
وأكد الكبير أن سلامة يستمر في موقفه بعدم إدانة المعتدي الذي نسف الملتقى الجامع، وهو الآن يريد فقط هدنة، وهذا أمر مريب، في حين كان ينبغي أن يصر على وقف الحرب، وإنهاء المظاهر المسلحة حول العاصمة، وأنه لم يعُد لديه مايقدمه لليبيين وعليه أن يرحل.
“سلامة شاهد زور”
أما عضو مجلس النواب جلال الشويهدي أفاد أن سلامة هو مبعوث دول محور الشر، وليس مبعوث الأمم المتحدة، والإحاطة التي أدلى بها أمام مجلس الأمن هي شهادة زور.
وأكد الشويهدي، في تصريح للرائد في وقت سابق، أن سلامة عبارة عن وزير خارجية لما وصفه بـ “محور الشر” الذي يقود هذه الحملة ضد الشعب الليبي في المنطقة الغربية، وهو محور الشر الذي تمثله السعودية والإمارات وفرنسا على وجه الخصوص، وهو ليس مبعوثا أمميا ولا يمثل الأمم المتحدة، حسب تعبيره.
انحياز “لمليشيات حفتر”
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، الثلاثاء، إن إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ـ أوضحت انحيازه “لمليشيات حفتر”، وخدمته لأجندات الدول التي تشاركه في عدوانه على العاصمة.
ولفت الشاطر، في تصريح للرائد، إلى أن الهدنة التي طلبها سلامة هي لإعطاء فرصة لحفتر وعناصره لتنظيم صفوفها، وأما دعوته للعودة إلى الحوار السياسي فهدفها إطالة أمد الأزمة؛ نظرا لغموضها وعدم ذكره تفاصيل عن كيفية تنفيذها.
وبين الشاطر أن قول سلامة إن الحل لا يكون عسكريا جاء بعد بشائر هزيمة حفتر على أسوار طرابلس العصية، وفق تعبيره، لافتا إلى أن إحاطته فيها افتيات على الحقيقة، وجاءت بعيدةً عن طبيعة مهمته ومخالِفةً لميثاق مبادئ الأمم المتحدة.
نسف للجهود السياسية كما وصف عضو مجلس النواب محمود سيالة، إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أمام مجلس الأمن بأنها لم تحمل معها إدانة للمعتدي على مطار معيتيقة الدولي.
وأضاف سيالة، على صفحته الرسمية، أن سلامة تحول إلى “شاهد زور” ينتقل بلا جدوى في ربوع بلاد أعيته أجندات الخارج والحروب بالوكالة، مشيرا إلى أن عجزه عن توضيح المعتدي والمعتدى عليه ينسف جهود المبعوثين السابقين طيلة السنوات الخمس الماضية التي أثمرت اتفاقا سياسيا لحل الأزمة الليبية.
تجاوز الانحياز
ورأى المحلل السياسي محمد فواد، أن سلامة تجاوز مرحلة الانحياز لحفتر بتبريره قصف مطار معيتيقة، ووصفه ما يحدث بعيدا عن وجود حكومة شرعية تعترف بها الأمم المتحدة التي يمثلها.
وأضاف فؤاد للرائد أن سلامة وضع الصراع في إطار الصراع على توزيع الثروة، متجاهلا كل الأموال التى سرقت من خزائن الدولة، مشيرا إلى أن سلامة ناقض نفسه فهو ذكر أنه طلب من حفتر إطلاق النائبة سهام سرقيوة وهو ما لم يحدث، فكيف يقول بعد ذلك إنه لا يريد للنواب أن يجتمعوا في طرابلس بعد اختطاف نائبة من بيتها في المناطق الخاضعة لحفتر والاعتداء على زوجها وابنها.
ومع خيبة الأمل من سلامة وإحاطته التي وصفت بالمنحازة إلى الطرف المعتدي وداعميه ـ تبقى قوات الجيش هي أمل الليبيين في إنهاء وجود حفتر بالمنطقة الغربية ودحر قواته.