قبل شهرين، أطلقت الإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية ومصر، بدعم من فرنسا، محاولة لفرض نظام عسكري دكتاتوري في ليبيا يتم تقديمه على أنه ضد الإسلاميين، أي نموذج شبيه بنظام عبد الفتاح السيسي في مصر. ولكن يبدو أن هذه المحاولة فقدت بريقها بعد أن طال أمدها.
إن هذه الحلقة من المسلسل الطويل للأزمة الليبية، الذي شهد قيام الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بإطلاق هجوم على العاصمة طرابلس، أو قبل ذلك محاصرته لحكومة الوحدة الوطنية التي يقودها فايز السراج والتي تشكلت تحت رعاية أممية لوضع حد للحرب الأهلية، تأتي هذه المرة في سنة 2019 بشكل صريح لتؤكد الطريقة التي طُبقت قبل ذلك في سوريا ومصر أيضا، حيث أصبحت الأطراف الدولية لا تمتنع عن التدخل والسيطرة على الأطراف المحلية في هذه الدول، التي أصبح هامش قدرتها على المبادرة محدودا جدا.
إلى جانب إمارات محمد بن زايد، ومملكة محمد بن سلمان، نجد بحكم المنطق عبد الفتاح السيسي على رأس النظام الذي ساهمت هاتان الدولتان في إنشائه من خلال التشويش على التجربة الديمقراطية المصرية في سنة 2011. وبما أنه قلق من الحدود المشتركة الهامة لمصر مع ليبيا، فإن السيسي أصبح في نفس الوقت حليفا نشطا ونموذجا يجب تكراره بالنسبة للمحور السعودي الإماراتي.
دون التثبت كثيرا من خلفيات الميليشيات التي تمثل غالبية قوات حفتر، فإن الخطاب الفرنسي، ومن أجل الانضمام إلى هذه المغامرة، يرتكز على نفس خزان الخطابات المتعلقة بالحرب على الإرهاب، وذلك من خلال التنديد بشكل مقتضب بالتقارب بين حكومة طرابلس وبعض المجموعات التي توصف بأنها إرهابية. وبالطبع إن باريس، كما هو الحال في اليمن، تحدد سياساتها بناء على تقاربها التجاري والاستراتيجي مع الإمارات والسعودية.
يبدو أن فرنسا التي تحاول الدفاع عن سياسة تعدد الأطراف، على عكس نهج دونالد ترامب، تقف ضد حكومة طرابلس وتسعى لحماية حفتر من أي ردة فعل لمجلس الأمن وألمانيا وإيطاليا. وعلى هذا النحو، سمح حفتر لنفسه بإظهار احتقاره المطلق لمنظمة الأمم المتحدة حين اختار أن يطلق هجوما ضد طرابلس في نفس اليوم الذي وصل فيه إلى ليبيا الأمين العام للمنظمة الأممية، أنطونيو غوتيريش.
على الصعيد الدولي، يستفيد هذا التحالف الرباعي في المقام الأول من دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الأقل في المجال الدبلوماسي، حيث أن بوتين لا يتردد في الدوس على مبدأ احترام القانون الدولي في ليبيا على الرغم من أنه يرفع هذا الشعار لتبرير تدخله الحاسم في سوريا.
أما الحليف الثاني الذي يتمتع بوزن دولي فهو الرئيس الأمريكي، باعتبار أن واشنطن تدعم بشكل طبيعي شخص الجنرال خليفة حفتر منذ سنة 1987، غداة هزيمة القوات الليبية التي كان يقودها في معركة وادي الدوم في شمال التشاد. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح هذا العسكري الذي ينحدر من مدينة سرت في خدمة جهاز الاستخبارات الأمريكي، وقد تعاون الطرفان وانتظرا لمدة حوالي 15 عاما حتى تأتي فرصةٌ لإسقاط نظام معمر القذافي.
بشكل منهجي، كرر دونالد ترامب في ليبيا نفس التحالف الذي تشكل في اليمن، مع أكبر عميل له في المنطقة، أي المملكة العربية السعودية، والأمر سيان في المجال السياسي هذه المرة، من خلال التحالف مع الثنائي السعودي الإماراتي بإقناع من حليفه الإسرائيلي بضرورة وضع خطة صارمة لاحتواء الطموحات الجغرافية الإيرانية في الشرق الأوسط.
من المؤكد أن معسكر حكومة طرابلس وآمال الثورة العربية تستفيد هي بدورها من دعم قطر وتركيا. ولكن في سنة 2019، وقبل أن تستأنف تركيا مؤخرا إمدادات الأسلحة، كان هذان البلدان قد اضطرا بسبب ظروفهما الداخلية والإقليمية (حصار قطر والأزمة السورية بالنسبة لتركيا) لخفض دورهما في الصراع الليبي.
في الواقع، تستفيد طرابلس أيضا من النوايا الطيبة للقوة الاستعمارية القديمة إيطاليا، التي تتخذ اليوم موقفا مناوئا لفرنسا. وفي النهاية، يجب أخذ موقف منظمة الأمم المتحدة بعين الاعتبار، ذلك أنها دون أن تبرز عداء كبيرا لمعسكر حفتر وعلى الرغم من عدم تقديمها دعما كاملا لحكومة طرابلس، لا تزال تدافع عن مسار الحوار السياسي الذي سعى المعسكر الإماراتي بكل السبل لوضع حد له.
الإمارات تتزعم جوقة الثورة المضادة
في مقال موجّه إلى الصحافة الفرنسية والأمريكية، كتب أنور قرقاش، وزير الشؤون الخارجية وأحد منظري الإيديولوجيا الإماراتية، أن الميليشيات المتطرفة ألحقت ضررا بجهود السلام التي يدعي قرقاش أن بلاده بذلتها منذ وقت طويل، إلى جانب غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على رأس البعثة الأممية إلى ليبيا.
إن هذه العبارات التي اختارها قرقاش لاستعراض موقفه منمقة بكل دقة من قبل مستشاريه الإعلاميين، بيد أنها توضّح ما يحدث في ليبيا منذ بداية نيسان/ أبريل، إذ أن تصريحاته تكشف عن تراتبيّة السلطة في المعسكر الذي اختارت الإمارات وباريس وواشنطن والقاهرة توحيد جهودها لدعمه. وحيال هذا الشأن، قال قرقاش بكل صراحة: “إن الإمارات ستتصرف دائما بنوايا طيبة وبالتعاون مع حلفاء مثل فرنسا التي تشاطرنا نفس الرؤيا، وذلك من أجل توفير أفضل حماية لمصالح المنطقة وشعوبها”.
وراء هذه العبارات المنمقة التي تسعى لتجميل الأوضاع على أرض الواقع، (إذا كان هناك شيء تعلمناه في الشرق الأوسط الحديث، فهو أن هذه المنطقة نادرا ما تنجح فيها الثورات والانتقال السياسي) فإنه من المهم معرفة تحركات هذا التحالف. وتدل كل المؤشرات على أن هذا المحور لا يتحرك فقط في ليبيا، بل إن معسكر الثورة المضادة سيواصل البحث عن فرض رؤيته في أماكن أخرى.
إن أهداف الإمارات وحلفائها العرب بسيطة جدا، إذ أنهم يسعون لتحقيق استقرار يناسب مصالحهم وقدراتهم على احتواء أي مطالب ديمقراطية في ممالكهم وإماراتهم، إلى جانب حماية المصالح الاقتصادية والانتخابية لزبائنهم وحلفائهم الأوروبيين.
فرنسا وعودة خيار بينوشيه العربي
يبدو أن استراتيجية الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته قد نفِذت عنها كل التبريرات الواهية. فرفعه لشعار السياسة الخارجية متعددة الأطراف فقد بريقه، تحت ضربات الحقائق العديدة التي انكشفت. فعندما توفي في تموز/ يوليو 2016 ثلاثة من عملاء وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية في حادث طائرة هيلوكوبتر في ليبيا، ادعت باريس أنها لا تدعم حفتر إلا في حدود ضيقة في إطار جهود مكافحة الإرهاب.
هذه العبارة المسماة “إرهاب”، التي أصبحت تستخدم من أجل تحقيق المصالح، تذكّرنا بما فعله حليف فرنسا عبد الفتاح السيسي، الذي استعملها لتوصيف كل خصومه السياسيين، بشكل غير مقنع.
في نيسان/ أبريل 2019، جدّ حادث آخر على الحدود التونسية، كشف هذه المرة عن تواجد عشرة من حاملي جوازات دبلوماسية فرنسية ينقلون معدات عسكرية متنوعة، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن القوات الخاصة الفرنسية كانت موجودة على أرض الميدان لتوفير توجيهات لهجوم حفتر على العاصمة.
بات هذا النفاق الفرنسي واضحا أكثر من أي وقت مضى عندما عاد رئيس الوزراء فايز السراج إلى باريس في الثامن من أيار/ مايو، باعتباره شريك إيمانويل ماكرون، وكان غاضبا مما يعتبره تواطأ الرئيس الفرنسي مع هجوم حفتر ضد طرابلس، لذلك هدد بتعليق أنشطة العديد من الشركات الفرنسية العاملة في ليبيا، ومن بينها توتال وسيمنس وألكاتيل.
اليوم، تبدو أجندات باريس غارقة في التفاهة والاعتماد على الخيار قصير المدى المتمثل في دعم الدكتاتورية والبحث عن المصالح الاقتصادية، مقابل وعود بتوقيع عقود ضخمة مع حلفائها الليبيين والإماراتيين، ليس فقط في مجال النفط. لذلك، دعمت فرنسا محاولات حفتر للمرور بالقوة على حساب الآمال الثورية لليبيين، ووقفت إلى جانب نظام يعد بالسلام والتعايش في المنطقة تماما كما وعد به عبد الفتاح السيسي في السابق. وبما أنه لا شيء سيمنع ماكرون من الحصول على عقود ضخمة في حالة فوز فايز السراج، فإنه يستعمل الذريعة الإيديولوجية، وهي محاربة الإسلاميين، من أجل تبرير دعمه لمعسكر ضد الآخر.
الإسلاموفوبيا الأوروبية في خدمة الثورة العربية المضادة
تبدو تبعات هذه الحلقة من الصراع الليبي إلى غاية اليوم غير واضحة. ولا يزال من المبكر الحديث عن فشل حفتر، باعتبار أن الميليشيات الموجودة في طرابلس والتي نجحت لحد الآن في التصدي لهجومه، لا تظهر في الجانب الآخر دعما كبيرا للسراج إلا في إطار رغبتها في الوقوف ضد “رجل أمريكا”.
فضلا عن ذلك، تبدو هذه الحلقة من التاريخ الليبي كأنها واحدة من أوجه الحراك الذي تشهده منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، لذلك من المهم جدا تفكيكها وفهمها. فأمام اندلاع الربيع العربي في سنة 2011، وبدعم صريح في بعض الأحيان من الغرب، يتم بذل جهود لاستعادة الأنظمة الدكتاتورية أو بكل بساطة القيام بثورات مضادة.
تحت الشعار الأبدي “الحرب على الإرهاب”، وبشكل عام “الحرب ضد الإسلاميين” التي لا تزال تقنع ناخبي الحلفاء الغربيين، فإن استراتيجية أتباع الثورة العربية المضادة تركز بشكل خاص على معاداة تيار سياسي محدد، هو الإخوان المسلمون، الذين يعتبرهم هؤلاء القوة الوحيدة التي تقدر على تهديد وجود أنظمتهم الحاكمة.
بشكل سري منذ سنة 2011، ثم بشكل أكثر وضوحا منذ حزيران/ يونيو 2017، أصبحت مساعي هؤلاء تشمل دولة قطر بسبب دعمها الذي قدمته للربيع العربي، وهو ما جعل الأنظمة الملكية النفطية تشعر بأنها مهددة. والخيار الذي سعت إليه الإمارات وحلفاؤها الغربيون هو إقصاء التيارات الفائزة في أول انتخابات بعد الثورة في تونس ومصر، وهو ما مثل ضربة مباشرة للانفتاح الديمقراطي في العالم الإسلامي. واليوم يبدو أن هذا الخيار هو أيضا الذي يحلم ترامب بتبنيه. وهو أيضا الخيار الذي تطالب به أغلبية كبيرة في الطبقة السياسية الفرنسية في أوساط اليمين وحتى في اليسار، مدفوعين بانتشار الإسلاموفوبيا.
اللوبيات الإعلامية تدعم القصف الجوي
أصبحت طريقة عمل هذه الثورة العربية المضادة ترتكز منذ سنوات على طيف واسع من الوسائل. وهي تتضمن بشكل خاص الاعتماد على اللوبيات الإعلامية والسياسية، التي تعتمد عليها بشكل خاص دولة الإمارات، في مساحة لا تضم فقط منطقة المغرب العربي وعلى رأسها تونس، بل أيضا فرنسا وجزءا كبير من أوروبا.
أنشأت الإمارات في ألمانيا مركزا أوروبيا لمكافحة الإرهاب ودراسات الاستخبارات. وفي فرنسا، يبدو أن مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه النائب السابق المساند للسيسي، عبد الرحيم علي، يستخدم خطابات وعبارات ثقيلة للضغط على الإخوان المسلمين وقطر.
على رأس المساهمين في مجلة لاريفيرونس التي ينشرها المركز الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط، ويشرف عليها عبد الرحيم علي، نجد دون أي مفاجآت جورج مالبرونو (الذي ساهم في كتابة ما يسمى أوراق قطر، التي تسعى لإعطاء الدوحة دورا مركزيا في الإسلام في فرنسا، دون أي حجج واقعية)، وهناك أيضا يان هاميل (وهو صحفي سويسري كان في طليعة مهاجمي طارق رمضان الذي يوصف بأنه رجل قطر)، وريتشارد لوبيفيار الذي يعد من أكبر مناصري النظام السوري. وحتى موقع موند أفريك، الذي يعتقد أنه متعاطف مع قطر رغم أنه ينتقدها باستمرار، فقد ندد بانحياز المركز الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط للوبي المصري الإماراتي.
إن أنشطة اللوبيات الإعلامية والدبلوماسية المذكورة آنفا، لا يقتصر فقط على الإعلام وتقديم الأسلحة (وهو ما يعد خرقا للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة منذ سنة 2011) بل أيضا امتدت لتشمل التغطية على تدخلات عسكرية مباشرة.
منذ سنة 2015، أصبحت هذه التدخلات في اليمن ضخمة ومفضوحة، وأدت لعواقب إنسانية وخيمة. وهي بالتأكيد لم تكن لها نفس النتائج السياسية كما في ليبيا ومصر؛ إذ أن العدو في اليمن تم تحديده على أسس طائفية، باعتبار أنه يمثل عنصر نفوذ إقليمي لإيران.
لكن حتى في هذا البلد أيضا، لم يكن شعار محاربة الإخوان المسلمين غائبا عن الأجندات العسكرية الإماراتية، إذ أن المعركة الثانية التي تخوضها أبوظبي بعد معركتها ضد الحوثيين تدور ضد العدو الذي وصل إلى درجة الهوس، وهو الإخوان المسلمين الذين يتواجدون في اليمن في صفوف حزب الإصلاح. لم تتردد الإمارات في تكليف مرتزقة أمريكيين تم تجنيدهم بالتعاون مع شركة بلاك ووتر من أجل القيام بعمليات تصفية جسدية للعديد من القادة الجنوبيين في هذا الحزب، على الرغم من أنه يقف إلى جانبهم في المعركة ضد الحوثيين.
أما في ليبيا، بات التدخل العسكري الإماراتي واضحا، أولا من خلال تجنيد وتمويل الميليشيات السلفية، التي تشكل الآن الجزء الأساسي من القوة العسكرية لمعسكر حفتر على الأرض. ولكن في هذا البلد، يبدو أن الإماراتيين تجاوزوا الخطوط الحمراء من خلال التدخل المباشر في المعارك، حيث أنهم أطلقوا منذ سنة 2014 عمليات ميدانية باستخدام طائراتهم المقاتلة، انطلاقا من مصر، ومن خلال القاعدة الجوية الخادم التي تبعد 100 كيلومتر على العاصمة، وأيضا من خلال الاعتماد على طائرات مسيرة مصنوعة في الصين والإمارات، إحداها تم إسقاطها في بداية حزيران/ يونيو فوق طرابلس.
حفتر… الخروج من الأزمة أم صعود التطرف
حتى إذا كانت الأهمية والدور الحقيقي للقوات المرتبطة بالتيار الإسلامي محل جدل كبير بسبب تنوع أدوارها وانتماءاتها، فإن عددا قليلا من الملاحظين خارج الدوائر الحكومية في باريس يقيمون أي مصداقية لخطاب معاداة الإسلاميين، ومعاداة التطرف، الذي يتبناه حفتر والإمارات، بل إنهم يرون عكس ذلك.
إن هذه الادعاءات هي في الواقع بعيدة عن الحقيقة، إذا أخذنا في الحسبان أن غالبية المجموعات المسلحة التابعة لحفتر، هي من الميليشيات المدخلية التي لا تختلف كثيرا في تطرفا الديني عن تنظيم الدولة. فهذه الميليشيات هي وليدة السلفية السعودية، التي تم خلقها بشكل يتلاءم مع حاجيات العائلة المالكة السعودية، من قبل الشيخ ربيع المدخلي؛ حيث أن هؤلاء المداخلة الذين منحت لهم الحرية للتحرك الاجتماعي والديني على الميدان، يدينون في مقابل ذلك للسلطة السياسية مهما كان اسمها، بالولاء الأعمى ويكنون العداوة لخصمها الإسلام السياسي.
لم يتوان حفتر عن محاربة البعض من خصومه في برقة، رغم أنهم من أشد خصوم تنظيم الدولة، لمجرد أنهم وقفوا في طريق طموحاته الشخصية. وعلى الرغم من ادعاءات معسكر حفتر، إلا أن المواجهات في ليبيا اليوم لا علاقة لها بالأيديولوجيا، لا في الداخل بين الميليشيات ولا بين الأطراف الأجنبية. وبلا شك فإن الفراغ الذي خلفته المواجهات العسكرية الدائرة في طرابلس هو ما سمح لتنظيم الدولة بأخذ المبادرة في الجنوب في منطقة سبها، والسيطرة على معسكر تابع لقوات حفتر.
في كل الأحوال، من المؤكد أن ما يجري الآن هو حرب ضد الثورة. وهذه الحرب تسير جنبا إلى جنب مع مساع للسيطرة على الموارد النفطية اليوم، والثروات المنجمية في المستقبل. أما التطلعات الديمقراطية، التي هي الحل الوحيد لبسط الاستقرار في المنطقة، فإنها غائبة تماما عن برنامج أنور قرقاش، وغائبة أيضا عن مشاغل وتصرفات ورؤية حلفائه.
في دبي والرياض وباريس، إن “الإطفائيين الذين هم في نفس الوقت مشعلو الحرائق”، الذين يرفعون شعارات “الحرب على الإرهاب” و”الحرب ضد الإسلاميين” لا مجال لديهم لقبول وفهم كون هذا الهدف الديمقراطي الذي يحتقرونه هو نقطة العبور الوحيدة نحو الاستقرار الذي يدعون إليه في خطاباتهم. وفي ظل عجزهم أمام القوى التي أفرزتها الانتخابات في الربيع العربي عن إيجاد انتقال واقعي في الحياة السياسية، فإن هذه الدول انخرطت، ونحن أيضا معها، في مأزق يؤدي إلى أسوأ صعود للتطرف.
المصدر : موقع نون بوست