في الرابع من أبريل الماضي وخلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” إلى طرابلس، شن حفتر عدوانه على العاصمة لينسف كل الجهود السياسية والاتفاقات التي سعت لها بعثة الأمم المتحدة والتي كانت تأمل في الوصول للملتقى الوطني الجامع في غدامس منتصف أبريل.
عدوان حفتر على طرابلس والدور الباهت للبعثة الأممية وعدم الإدانة الواضحة لهذا العدوان أثار التساؤلات والشكوك حول جدوى وجدية الجهود السياسة التي يقوم بها سلامة لحل الأزمة الليبية، في ظل اتهامات من أطراف الصراع في ليبيا له بالانحياز لطرف ما، وفشل المسار السياسي الذي رعاه بعد اتفاقات باريس وباليرمو وأبوظبي مؤخرا.
فقدان الثقة
قال المحلل السياسي عبد الله الكبير، إن مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة فقد الثقة في أغلب الأطراف؛ بسبب موقفه غير الحازم من العدوان على طرابلس، واستمراره في مجاملة حفتر، وأنه لم يعد لديه ما يقدمه للعودة إلى مسار المفاوضات والحل السياسي.
ورأى الكبير، في تصريح للرائد، أن سلامة اجتهد ولكن لم يوفق وارتكب بعض الأخطاء، ولن يحالفه النجاح في أي وساطة مقبلة.
عاجز سياسيا
ورأى الكاتب السياسي علي أبو زيد أن وساطة غسان سلامة أصبحت مهزوزة، ولا يمكن التعويل عليه كثيرا؛ وذلك لأن العملية السياسية التي حاول إعادة بنائها لمدة تقارب العامين قد نسفها حفتر بعدوانه على طرابلس قبل أن تتوج بالمتلقى الوطني الجامع الذي حشد له كل دعم ممكن.
وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أن سلامة عجز عن إنقاذ العملية السياسية، وتخلي المجتمع الدولي عنها بعدم إدانته عدوان حفتر على طرابلس ـ جعل سلامة في موقف المراوح لمكانه وهو يرى مجهوداته تداس تحت مجنزرات عصابات حفتر التي تحاول اقتحام العاصمة دون أن يتمكن من إدانتها بشكل صريح.
وأضاف الكاتب أن المجتمع الدولي في حال استئناف العملية السياسية سيختار مبعوثا جديدا يسعى لإعادة الثقة فيها دون مواقف مسبقة محسوبة عليه.
استقطاب حاد
ورأى المحلل السياسي فرج فركاش، أن إعادة الثقة بين الأطراف المتحاربة التي تبددت بسبب هذه الحرب هي أصعب معضلة يواجهها سلامة، ويحتاج حلها إلى ضمانات ودعم دولي وإقليمي كبيرين؛ لكي يستطيع تحقيق أي نوع من التقدم في العملية السياسية.
وقال فركاش، في تصريح للرائد، إن سلامة يعاني ـ كما عانى سابقوه ـ من الاستقطاب الحاد في البلاد الذي ازداد حدة بعد إعلان حفتر حربه غير المبررة على طرابلس، مشيرا إلى أن سلامة كان واضحا في تصريحاته التي لام فيها الطرف المعتدي الذي ضرب بمسار البعثة السياسي عرض الحائط وخان اتفاق أبوظبي، وقد قالها صراحة في إحدى مقابلاته الإعلامية.
وأضاف فركاش أن سلامة أصبح مطلعا أكثر على الملف الليبي، ولا يمكن أن يثبت أي طرف أنه منحاز، وهو يحاول الآن توحيد الموقف الدولي لكي يبلور مسارا جديدا يمكن أن يعيد الأطراف إلى طاولة المفاوضات، مع توسيع دائرة المشاركة الداخلية والتركيز على العامل السياسي، والعامل الاقتصادي المتمثل في التوزيع العادل للثروة الذي يعتقد سلامة أنه سيكون المفتاح لإنهاء الصراع الحالي وتفادي احتمالات أي صراع مستقبلي، وفق تعبيره.
فهل يستمر سلامة في جهوده لإيقاف الحرب على طرابلس والعودة للمسار السياسي أم أن تغييره قد أصبح ضرورة حتمية بعد حرب حفتر الأخيرة التي نسفت العملية السياسية في ليبيا؟