رئيس حزب العدالة والبناء في مقابلة خاصة مع قناة ليبيا الأحرار يتحدث عن أبرز الملفات السياسية على الساحة الليبية، وتوقعاته للمؤتمر الوطني الجامع، ورأيه في اجتماع أبوظبي، وعن دور مصر في الملف الليبي ،وكانت هده المقابلة:
- كيف يمكن أن نقول، إن واقعنا في ليبيا جاء في شكل أفضل مما كان يمكن أن يكون عليه؟
نحن لسنا راضين عما يجري في ليبيا، ولكن كان من الممكن أن تكون هناك سيناريوهات أخطر، لا تزال بؤرة التوتر موجودة، ولا يزال الاقتتال في بعض الأجزاء موجودا، لكن نستطيع أن نقول، إن ما يوجد في ليبيا هو انقسام طولي، أي بمعنى انقسام في المؤسسات بين أجزاء ليبيا، وهذا يمكن أن يتم رأب الصدع فيه، ويمكن لأي مقاربة سياسية أن تنجح في توحيد المؤسسات ولم شتات ليبيا، لكن نحن لم نصل إلى الشكل الذي ربما فيه نماذج أخرى، كالتمزق الكامل والتشرذم، والآن يمكننا أن نقول، إنه هناك انقسام طولي على الاتفاق السياسي، هناك تيار ومناطق تحت مخرجات الاتفاق السياسي، وهناك مناطق لديها تحفظات، وبالتالي يجري العمل على إيجاد تسوية شاملة لإنهاء هذا الانقسام الطولي.
- بعد كل ما حدث من احتراب واقتتال أهلي داخل ليبيا في بنغازي ودرنة، هل كان هناك سيناريو أسوء من هذا كان يمكن أن يقع في ليبيا؟
نعم؛ لذلك نحن دائماً كان منطلق رؤيتنا هو الدعوة لتكثيف الجهود؛ من أجل إيقاف الاحتراب والاقتتال؛ لأن ما وصلنا إليه جعلنا لا نصل إلى شيء بالاحتراب والاقتتال، وإصرار كل طرف على حسم المعركة لصالحه.
عن لقاء أبوظبي
- ترحبيكم باللقاء كان قبل وقوعه بيوم، كيف بنى الحزب موقفه في تلك الفترة، هل كان لديكم اتصال مع أحد الطرفين، أو مع الوسيط الأممي، أم هي مسألة تقديرات؟
لا شك بأننا جزء من العملية السياسية بليبيا، ونحن على تواصل دائم مع الأطراف السياسية، ولن نحمّل هذا اللقاء أكبر من حجمه؛ لذلك رحبنا في حزب العدالة والبناء بهذا اللقاء، ودائماً كنا نرحب بأي تقارب لحل الأزمة السياسية في إطار مدنية الدولة، وإبعاد شبح عسكرة الدولة، وعلى ما تم التوافق عليه مبدئياً.
- كيف بنى حزب العدالة والبناء موقفه من لقاء أبوظبي؟
نحن في حزب العدالة والبناء نرحب بأي تقارب سياسي، وأي محاولة لإنهاء الأزمة؛ لأنه في اعتقادنا أن استمرار الانقسام السياسي واستمرار الصراع هو استنزاف لكل الإمكانيات المادية والمعنوية في ليبيا.
- علي أي أساس قدرتم حجم هذا اللقاء وتأثيره ومآلاته؟
لدينا معلومات دقيقة عما جرى في اللقاء بعد انتهائه مباشرة، وهذا اللقاء ما هو إلا جزء من سلسلة لقاءات أخرى بكل الأطراف المزمع مشاركتها في الملتقى الجامع، وهذا اللقاء تمهيدي بين طرفين رئيسين، وكان في المجمل؛ للمحافظة على الحد الأدنى، وهو الدولة المدنية، ولم تكن هناك تفاصيل عن المناصب، وكانت فيه أفكار عامة تتحدث عن مقاربة سياسية يمكن التوصل إليها.
- غسان سلامة قال، إن اللقاء اقتصر على ثلاثة أطراف فقط، ولا يمكنه الحديث عن تفاصيل اللقاء، من أين لكم المعلومات المفصلة عما دار في اللقاء؟
نحن متواصلون مباشرة مع السراج، ولدينا معلومات عما جرى تحديداً في اللقاء، وربما البداية كانت بالسراج؛ باعتبار حفتر يمثل طرفا سياسيا خارج الاتفاق السياسي.
– قلت بأنه كان لديكم تنسيق مع السراج، هذا التنسيق بدء عقب اللقاء أم قبله ؟
كنا نعلم بأنه سيكون هناك لقاء بين حفتر والسراج بأبوظبي قبيل عقد اللقاء، وعلمنا بعد ذلك من السراج، وما يثار في الإعلام من كلام وتفسيرات غير صحيح، وأن حقيقة ما جرى هو توافقات في إطار توسيع دائرة التشاور بين كل الأطراف.
– في أي مستوى علمتم بالترتيب لهذا اللقاء؟
في مستوى ما تقوم به البعثة من ترتيب بين أهم الأطراف، لا شك أن هناك انقساما في ليبيا، فهناك طرف موجود في الشرق، وواقعيا يعتبر حفتر هو الطرف الذي يمثل هذه الجزء.
– المبعوث الأممي قال بأن اللقاء بين حفتر والسراج جاء عرضا،ً ولم يتم الترتيب له، من أين لكم المعلومات عن لقاء جاء عرضاً؟
نحن علمنا باللقاء؛ لأنه تم التنسيق له قبل يوم أو يومين، وربما كلام غسان سلامة جاء في العموم، ولكننا كنا نعلم قبل سفر السراج أنه سيسافر ويلتقي بحفتر، وباعتبارنا طرفا سياسيا في ما يحدث في ليبيا اتصلنا بعد اللقاء، وتبيّنا حقيقة ما جرى في اللقاء.
وتبيّن لنا أن اللقاء لم يحمل أي ورقة مكتوبة أو توقيعا، وكان لقاءا تشاوريا، وعلمنا بوجود مقاربة سياسية، ونوع من القبول بفكرة أن يكون الجيش تحت السلطة المدنية، ولم يكن هناك تفاصيل حول قيادة الجيش أو غيرها، ولا يزعم أحد بأنه يملك الحق في أن يتحدث في مثل هذه التفاصيل، فائز السراج هو طرف مثل باقي الأطراف.
– حزب العدالة والبناء انفرد بالموقف المرحب دون عديد الأطياف التي اختلفت مواقفها بين رافض ومتحفظ؟
نحن رحبنا نصاً بالاتفاق على مدنية الدولة وأن تكون المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية.
التركيز على لقاء أبوظبي اكتسب أهميته؛ بسبب وجود طرف معارض للاتفاق السياسي، وهو حفتر الذي يعول دائما على الحل العسكري، وهناك توجه دولي بأن الحل العسكري ليس مطروحا؛ لإنهاء الأزمة الليبية، بالإضافة إلى أنه ولأول مرة حفتر يقبل بالحل السياسي، وأن يكون تحت السلطة المدنية.
– لماذا يطلعكم السراج دون غيركم عن عزمه لقاء حفتر ومن ثم يطلعكم على تفاصيل ما جرى في اللقاء؟
هذا السؤال يوجه للسراج، نحن علمنا باللقاء؛ لأنه لم يكن مكتوبا أو موقعا، وكان للنقاش، وعلمنا أن هذا اللقاء حصل؛ لتذويب الجليد، وترحيبنا به كان مشروطا بأي تقارب ينهي أي خلاف أو صراع ما دام في إطار الدولة المدنية.
– هل يمكنك إطلاعنا عن تفاصيل ما حدث في اللقاء؟
اللقاء الآن لم يعد سراً، وخرج السراج وتحدث عنه، واللقاء كان في إطار جمع الفرقاء، وربما البداية بين السراج وحفتر، وكان فيه على الأقل اتفاق مبدئي على أن تكون السلطة العسكرية تحت السلطة المدنية، وهذه النقطة تعتبر أساسية، وهي بمثابة فتح باب؛ لتوسيع دائرة التوافق مع باقي الأطراف.
- غسان سلامة قال، إن هناك معلومات أخرى لا يملك الحق في الكشف عنها سوى طرفي اللقاء؟
مهما كانت هذه النقاشات، فطبيعة الملتقى الجامع المزمع عقده لا تسمح لأي طرف بأن ينفرد بأي اتفاق ثنائي، وهذا أمر واضح، هناك أطراف لم يفصح عنها حتى الآن، ولكن على الأقل كل الأطراف ستكون موجودة، وبالتالي فما ينتج عن الملتقى الجامع ليس حكراً على ما يتوافق عليه الطرفان، ولكن من المهم أن نجمع الطرفين الأساسين، وإذا كنا نريد حل الأزمة في ليبيا، فنحن في حالة استثنائية تجعلنا نجلس مع كل الأطراف.
– هناك تخوف من اتفاق الأطراف الثلاثة في أبوظبي، ووضع سيناريو قد يمرر عبر الملتقى الجامع ويحظى بقبول إقليمي عربي، ومن ثم دعم دولي؛ ليفرض على كل الأطراف الموجودة في المشهد الليبي، وهذا التخوف يأتي مصحوباً للكشف عن تفاصيل اللقاء مما يجعل هذه المخاوف واقعية؟
نحن كحزب سياسي إذا كنا طرفا في الملتقى فلن نكون مشاركين في أي مقاربة سياسية لا تكون في إطار مدنية الدولة والتداول السلمي للسلطة، والنظام الديمقراطي، ولن نكون طرفا في الموافقة على الانفراد بالحكم، هناك صراع بين طرفين، طرف يمثله تيار الكرامة، وطرف يمثل المقاربة السياسية كلها، وهو مشروع اتفاق الصخيرات، ولن نقبل بفكرة أن المؤسسة العسكرية تكون لدى طرف من أطراف الصراع المنفصل.
– ما هي الضمانات؟
في السياسة لا يمكن أن تأتي لطرفين وتعمل مقاربة سياسية وتطلب من تيار الوفاق أن يوقع على اتفاقٍ شرط أن تكون القوة تحت حكم الطرف الآخر، هذه ليست تسوية، الأمور السياسية لا تدار بهذه الطريقة، بل تدار بتقاسم كل شيء حتى موازين القوة، لا يمكن أن تأتي لكل المنطقة الغربية، وتطلب منهم أن يسلموا كل شيء لطرف هو خصم سياسي وعسكري، وهذه التفاصيل لم يُتحدث فيها بعد، نحن تحدثنا عن مبادئ عامة، وهي أننا نرحب بأي توافق بين الليبيين؛ لأن الحرب مدمرة لكل الليبيين، ولا يمكن أن نصل لنتيجة؛ لأن الحرب مدمرة، ولا يمكن أن توصلنا لنتيجة، ونحن كحزب العدالة والبناء نرى أنه من الأفضل لنا أن نجلس على الطاولة من الآن، ونتحاور ونصل لنتيجة، فإذا ظهرت بارقة أمل وبشروط معينة فهذا ما ندعوا اليه.
- هل يمكن الحديث عن تسوية سياسية تغيب طرفي الحوار السياسي الأساسيين، المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب؟
لنا سنتان نعمل لإيجاد مقاربة سياسية، والكل يعلم أن كل المحاولات واللقاءات الماراثونية وصلت لطريق مسدود.
هل يمكننا التسليم بأن لقاء أبوظبي هو تجاوز للاتفاق السياسي، ومسار بديل عن مسار الاتفاق السياسي ؟!
بالعكس، هو ليس تجاوزا للاتفاق السياسي، ومن قدم هذه المقاربة السياسية لم يصرح بأن اللقاء هو تجاوز للاتفاق السياسي، لكن ربما هو ترميم للاتفاق السياسي؛ نظراً للانسداد الذي حصل من عجز مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة؛ عن إيجاد تسوية بإمكانها تصحيح المسار.
تصوير الأزمة على أنها بين الرئاسي بقيادة السراج وخليفة حفتر كقائد عام، ألا يبدو إعلانا لوفاة الاتفاق السياسي، واستبعادا لطرفي الاتفاق؟
لم أقل إن الأزمة أو أن الطرفين هم فقط السراج وحفتر، أنا قلت إنهما من الأطراف الرئيسية، ولكن هذه الجولة التي حصلت في أبوظبي هي خطوة في سلسلة من لقاءات.
تقول في إحدى منشوراتك في صفحة الحزب، إن الإشكالية تكمن في الوصول إلى حل من خلال مجلس النواب وإنتاج أي متغيرات في الواقع السياسي الليبي اليوم ؟
كنت أرى أن حل الأزمة في ليبيا هو باتفاق المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، وأن من مصحلة المجلسين أن يسُجل في تاريخهم أنهم أخرجوا ليبيا من هذه الأزمة، وكنت أتساءل لماذا في هذه المحطة التاريخية خذلوا الشعب الليبي، ولم أكن أريد أن أميل بالتفسير إلى أن هناك مؤامرة وأن البرلمان مختطف، وأن هناك جهات خارجية تتحكم فيه، ولكن أقولها أنا شخصياً، أحمّل المسوؤلية الكاملة لمن يتحكم في زمام مجلس النواب، وثبتت الوقائع أن مجلس النواب جسم مختطف لا يملك إدارته، ويتحكم فيه رئيس مجلس النواب مع مجموعة قليلة جداً، وجلسة بتسعة أعضاء، وشخص يقفل الجلسة، ويمنع التصويت، وهذا الأمر لا يحتاج لدليل لكي أعبر عنه وأقول مختطف.
أقولها بكل صراحة من يتحكم في المنطقة الشرقية بالكامل هو الطرف العسكري بقيادة حفتر وبدعم إقليمي معروف، وهذا واضح، ولا يحتاج لتحليل سياسي ورئيس حزب سياسي لتفسيره، هناك أطراف إقليمية معروفة، وهناك طرف يقود المجموعات المسلحة، والموضوع أصبح معروفا، والواقع يقول، إن المنطقة الشرقية بالكامل تحت سلطة حفتر.
قلت بأنه هناك طرف إقليمي متحكم في الواقع الليبي، هل يمكنك تسمية هذا الطرف؟
للأسف كررنا في أكثر من مناسبة أن مصر هي الشقيق الأكبر لليبيا، ويجب أن تحرص على أن يتحقق الاستقرار في ليبيا، وأنه لا يوجد أي تهديد أمني من ليبيا على مصر.
هناك انقسام داخلي في السلطة المصرية حول التعامل مع الملف الليبي، وأنا أخاطب صوت العقل في مصر بأن يغلّب مصالح مصر المرتبطة باستقرار ليبيا، بعيدا عن ضغوط بعض دول الخليج، وعلى مصر أن تنظر لليبيا على أنها كاملة موحدة من مساعد إلى رأس جدير.