يواجه الاقتصاد الليبي ضغوطًا متزايدة على الاستقرار المالي بسبب الانخفاض المستمر في العائدات النفطية والارتفاع الحاد في الطلب على النقد الأجنبي. وقد أظهر بيان مصرف ليبيا المركزي، الصادر في 18 مارس 2025، أن قيمة مبيعات النقد الأجنبي بلغت 2.3 مليار دولار خلال أول 17 يومًا من الشهر، بينما لم تتجاوز الإيرادات النفطية المحولة إلى المصرف 778 مليون دولار فقط. هذا الخلل الواضح بين الإنفاق والعائدات يشكل تهديدًا للاستدامة المالية ويضعف قدرة الدولة على الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
التحديات الاقتصادية الراهنة
تعود الأزمة المالية الحالية إلى عدة عوامل مترابطة، أبرزها:
1. تراجع إيرادات النفط وتأخر تحصيل العائدات.
2. ارتفاع الإنفاق الحكومي: حيث يؤدي زيادة الإنفاق إلى استنزاف الاحتياطيات الأجنبية.
3. زيادة الطلب على الدولار: ما يساهم في رفع سعر الصرف في السوق الموازية، مما يزيد من التضخم وارتفاع الأسعار.
4. ضعف الإنتاج المحلي: مما يجعل البلاد تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، ما يفاقم أزمة النقد الأجنبي.
الحلول العاجلة والمتوسطة المدى
لضمان استقرار الدينار الليبي، لا بد من استراتيجيات فعالة على المستويين القصير والطويل:
الحلول العاجلة:
• ضبط سعر الصرف: عبر تدخل مدروس من المصرف المركزي لضبط تدفقات النقد الأجنبي وتقليل المضاربات.
• ترشيد الإنفاق العام: بوضع سياسات صارمة لمراقبة المصروفات الحكومية والحد منها .
• تسريع تحصيل الإيرادات النفطية: من خلال إعادة هيكلة عمليات البيع والتفاوض مع الشركاء لضمان تدفقات نقدية منتظمة.
• تعزيز الاحتياطات النقدية: عبر فرض رقابة مشددة على الاعتمادات المستندية والتحويلات غير الضرورية.
الحلول طويلة المدى:
• تنويع مصادر الدخل: عبر دعم قطاعات الصناعة، الزراعة، والسياحة لتقليل الاعتماد على النفط.
• تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي: من خلال تحسين البيئة الاقتصادية، وضمان الاستقرار السياسي والأمني.
• تطوير النظام المصرفي: بتحديث السياسات النقدية ودعم الشمول المالي.
• تعزيز الإنتاج المحلي: عبر تقديم تسهيلات للصناعات الوطنية لتقليل الحاجة إلى الاستيراد.
ختامًا
إن استقرار الدينار الليبي والحفاظ على التوازن المالي يتطلب إجراءات سريعة ومتوازنة تجمع بين الإصلاحات المالية العاجلة والرؤية الاستراتيجية طويلة الأجل. فبدون خطوات حاسمة لضبط السياسات النقدية والمالية والتنسيق بين كل الأجسام السياسية والمالية والاقتصادية للدولة سيبقى الاقتصاد الليبي معرضًا لمزيد من التقلبات التي تهدد معيشة المواطنين واستقرار السوق المحلي.