أظهرت بيانات المصرف المركزي للأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، انخفاضا حادا في الإيرادات العامة للدولة خارج إيرادات النفط، المحولة إلى حساب المصرف المركزي من مؤسسات وهيئات عامة تتبع الحكومة، أبرزها ثلاثة هي الضرائب والاتصالات وبيع المحروقات في السوق المحلي، وهي مؤسسات منحها القانون الاختصاص الحصري لجباية رسوم أو بيع بعض الخدمات والمواد الإستراتيجية المدعومة.
ومقارنة بمتوسط تحويلات الشهور الأولى من عام 2023، فإن الفاقد الإجمالي في الإيرادات المحولة فعليا خلال العام الجاري إلى حساب المصرف المركزي يتجاوز 330 مليون دينار إلى غاية نهاية شهر مايو.
وأشار المركزي، في أكثر من مناسبة، إلى هذا الانخفاض باعتباره إخلالا بتسيير المالية العمومية، واضطرت سابقا القابضة للاتصالات مثلا للدفاع وتبرير موقفها.
وتظهر البيانات أن هذا الانخفاض الحاد في الإيرادات العامة المحلية، تزامن مع بداية ظهور الخلاف السياسي والمالي بين الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ما يطرح أكثر من سؤال، على رأسها هل يكون حجب هذه الإيرادات نتيجة لهذا الصراع؟
المسار الطبيعي والقانوني لوصول هذه الإيرادات إلى المصرف المركزي يُظهر أن الحكومة هي من تملك القرار في تنفيذه أو قطعه، إذ يبدأ من تحصيلها من المؤسسات الثلاثة قبل أن تصل إلى حسابات مؤقتة في وزارة المالية التي تحولها إلى حساب المصرف المركزي.
وتتوزع الإيرادات “المحجوبة” عن المصرف المركزي، على 140 مليون دينار لم تحول من إيرادات الضرائب، و مثلها من إيرادات الاتصالات، وأكثر من 50 مليون دينار لم تدخل حتى الآن حسابات المصرف المركزي من إيرادات بيع المحروقات في السوق المحلي.
ويشير المصرف المركزي إلى أن إيرادات بيع المحروقات في السوق المحلي، المحولة إلى حساب المصرف المركزي، بدأت بالانخفاض التدريجي في الأشهر الأخيرة من سنة 2023، ثم انخفضت بشكل حاد منذ مطلع العام الجاري، قبل أن تتوقف تقريبا منذ شهر أبريل، مُلامِسةً مبلغا ضئيلا لا يتجاوز 32 مليون دينار، في حين بلغ إجمالي قيمتها 792 مليون دينار خلال سنة 2023.