أثار قرار هيئة الرقابة الإدارية إيقاف وزير النفط محمد عون عن العمل، جدلا واسعا حول مبرراته ووقته.
وبينما بررت الرقابة الإدارية قرارها بارتكاب عون مخالفات قانونية، رأى أكثر من 50 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة أن القرار جاء ردا على مواقف عون الرافضة لكثير من الصفقات في قطاع النفط، وآخرها صفقة تطوير حقل الحمادة، وأرجع البعض القرار إلى صراع عون الطويل مع بن قدارة والدبيبة وصولا إلى قرار عزله.
قلق واستغراب
وأبدى 53 عضواً بالمجلس الأعلى للدولة استغرابهم وقلقهم من “الإجراءات المشبوهة” التي اتخذها رئيس هيئة الرقابة الإدارية بإيقاف وزير النفط عن ممارسة مهام عمله دون ذكر أسباب توقيفه.
وأرجع البيان إيقاف عون إلى معارضته الصفقات والاتفاقيات المشبوهة التي أثارت حولها الكثير من اللغط المدة الماضية، عادِّين ما وصفوه بتواطؤ المؤسسات الرقابية غير المسبوق مع الحكومة، أمرًا خطيرًا يُفقدها دورها الرقابي المنوط بها في مكافحة الفساد الإداري والمالي وتقويم عمل مؤسسات الدولة.
إيقاف وتكليف
وأصدر الدبيبة في الـ 27 من مارس الجاري، قرارا بتكليف وكيل وزارة النفط والغاز خليفة عبد الصادق بتسيير مهام الوزارة، عقب إيقاف هيئة الرقابة الإدارية وزير النفط محمد عون.
وكان رئيس هيئة الرقابة الإدارية “عبدالله قادربوه” قد أصدر قرارا بإيقاف عون عن العمل احتياطيا لدواعي ومقتضيات التحقيق بشأن وقائع القضية رقم (178) لوجود مخالفات قانونية، وفق بيان الهيئة.
ومنذ اختياره لمنصب وزير النفط في حكومة الدبيبة، حفلت مسيرة عون بكثير من المواقف التي أثارت جدلا واسعا وكان من أبرزها معارضته البارزة لقرارات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة في اكثر من مرة.
وحدات توليد سيمنس
وطلب عون في فبراير الماضي من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، المستندات الخاصة بشأن إرساء أمر شراء 7 وحدات على شركة سيمنس – الإمارات – عن طريق مناقصة محدودة وذلك بغية التأكد من أن الإجراءات المتبعة كانت وفق لائحة العطاءات والتعاقد الموحدة للشركات النفطية التابعة للمؤسسة.
وأشار عون في رسالة وجهها إلى بن قدارة، إلى اعتراض اثنين من شركاء الواحة على الحاجة إلى هذه الوحدات في الوقت الحاضر، وعدم حصول المشغل على اعتماد لجنة الملاك لشرائها.
تطوير حقل الظهرة
هذا الجدال بين عون وبن قدارة لم يكن الأول من نوعه، فقد سبقه محطات كثيرة من الأخذ والرد بينهما.
وبينما قررت المؤسسة الوطنية للنفط تكليف فرع (هاليبرتون) في الإمارات بتطوير حقل الظهرة مقابل 400 مليون دولار، طالبت وزارة النفط برئاسة عون في يناير الماضي من شركة “هاليبرتون” النفطية الأمريكية توضيح حقيقة العلاقة بينها وبين شركة “إسناد” للخدمات النفطية الليبية.
وتساءلت الوزارة في رسالة وجهتها للشركة عن سبب عدم تنفيذ هذا المشروع في فرعها بليبيا، الذي يتمتع بتاريخ طويل في ليبيا يمتد لأكثر من 40 عاما وبكفاءة فنية عالية في مجال الخدمات النفطية.
وكانت وزارة النفط قد قالت في أبريل 2023، إن المراسلات بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة “الواحة” للنفط، بخصوص تطوير حقل الظهرة النفطي لم تشر إلى أن شركة “إسناد” المكلفة بالأعمال شركة ليبية، مضيفة أن إجراء معظم الاجتماعات التشاورية مع الشركة في الإمارات ووجود شركة هناك بهذا الاسم يوضح أن الشركة إماراتية.
مخالفة صريحة
وكرر عون الموقف ذاته في ديسمبر الماضي عندما طالب المصرف المركزي بإلغاء قرار “بن قدارة”، إيداع 10 ملايين دولار في حساب شركة البحر المتوسط بدبي، وتوجيه جميع المصارف بذلك، واصفا قرار بن قدارة بأنه مخالفة صريحة وواضحة، وتصرف في الأموال العامة في غير ما خصصت له، مشيرا في الوقت ذاته الى أن بن قدارة دأب على الاستمرار في مخالفة القوانين الناظمة لقطاع النفط، وتجاهل الوزارة.
غير مسبوقة
ودعت وزارة النفط في أكتوبر 2023 إلى إعادة النظر في مفاوضات مؤسسة النفط مع ائتلاف شركات “أدنوك” الإماراتية و”إيني” الإيطالية، و”توتال” الفرنسية، لإبرام عقد تطوير حقل الحمادة النفطي والأخذ بما قدمته الوزارة في هذا الشأن من رأي فني.
وأشارت الوزارة في بيانها، إلى أن حصة الائتلاف البالغة (40%) من الحقل، تعدّ مرتفعة جدًا وغير مسبوقة مقارنة بالحصص المعمول بها في ليبيا حاليًا.
لا حاجة للتعديل
وبينما عدلت المؤسسة الوطنية للنفط اتفاقية 2008 لرفع حصة شركة “إيني” الإيطالية في حقول بحرية للغاز، اتهم عون في ديسمبر 2022 المؤسسة بمخالفة القرارات والقوانين الحاكمة لهذا الموضوع إذ إن الاتفاقية معتمدة بقرار من مجلس الوزراء ولا يجب المساس بها إلا بعد أخذ الإذن منه علاوة على أنه لا وجود لحاجة لإعادة التفاوض على شروطها.
وأشار عون في رسالة وجهها للدبيبة، إلى أن إعادة التفاوض لا يكون إلا في حالة حدوث تغير جوهري في الظروف الاقتصادية لنشاط الغاز الطبيعي، وهو ما لم يحدث بل العكس تماما فإن سوق الغاز في تحسن مستمر، كما أن مطالبة الشركة بنسبة أرباح (20) IRR) من المشروع غير معقول ويفوق المتوسط العالمي لهذه المشاريع النفطية وهو 10%، وفق قوله.