عاشت العاصمة طرابلس، على وقع اشتباكات مسلحة دامية أسفرت عن مقتل 55 شخصا وجرح 146، بحسب آخر إحصائية لجهاز طب الطورائ والدعم.
هذه الاشتباكات التي اندلعت على خلفية احتجاز جهاز الردع لآمر اللواء 444 قتال في مطار معيتيقة، واستمرت لنحو يومين ـ ألقت بظلالها على العملية السياسية الجارية، وطرحت التساؤلات حول مدى تأثيرها على مجرياتها، والحلول الممكنة لإنهاء الانفلات الأمني بعد فترات من الاستقرار النسبي الذي شهدته البلاد.
حكومة موحدة
رئيس حزب المستقبل عبدالغني المعاوي، رأى أن الاشتباكات والنزاعات التي شهدتها طرابلس، هي نتيجة طبيعية لحالة التشظي، وعدم وجود حكومة موحدة تضم تحتها كل التشكيلات العسكرية.
وقال المعاوي، في تصريح للرائد، إنه لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل الاشتباكات والنزاعات، ولو أجريت في ظروف كهذه فإن نتائجها ستتأثر بالسلاح والمال الفاسد.
وأردف “يجب انتخاب رئيس قوي لليبيا يتحمل مسؤولياته في بناء جيش قوي وشرطة نظامية، وسوء الأوضاع الحالية يتطلب حراكا شعبيا قوي يرفض الانفلات الأمني ويدفع نحو تجديد الشرعية وتوحيد المؤسسات”.
إفشال جهود التسوية
من جانبه، يخشى رئيس حزب اليسار الديمقراطي بنور القاضي في حوار مع الرائد، أن يُفشل الانفلات الأمني والاقتتال في طرابلس، أيَّ جهود للتسوية السياسية وإجراء الانتخابات.
وبيّن القاضي أن الحروب والاقتتال في طرابلس سببها الضعف الحكومي الذي تعيشه حكومة الدبيبة في ظل صراع النفوذ بين التشكيلات المسلحة.
وأضاف “كان يفترض أن يقدم الدبيبة استقالته مباشرة بعد الأحداث الدامية في طرابلس، خاصة أن اعتقال محمود حمزة كان في حضرته”.
تعزيز للنفوذ
وفي السياق ذاته، حذر الباحث بمركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية ناصر زهير، من تقويض مشاهد الاقتتال العملية السياسية والانتخابات ودفعها في اتجاه التأجيل.
وذكر ناصر في حديث للرائد، أن السبب الرئيسي لعودة الاقتتال من حين لآخر في العاصمة ومدن ليبية أخرى هو محاولة الأطراف المسلحة تعزيز نفوذها على الأرض، مشدداً على أن الحل لإنهاء مظاهر الاقتتال يكمن في تفعيل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية وتوحيدها.
وأشار ناصر إلى وجود مخاوف من عودة الأطراف الدولية المتدخلة في الشأن الليبي إلى دعم أطراف النزاع من التشكيلات المسلحة لتأجيج حالة الصراع بينها.
السلطة والنفوذ
ويخالف المحلل السياسي عبدالله الكبير الآراء السابقة، ويقول إن بداية الحل تكمن في إجراء الانتخابات وإيجاد سلطة منتخبة لديها شرعية وإمكانية إبعاد التدخلات الخارجية، مشدداً على أن الأطراف السياسية إذا اتفقت على المضي في اتجاه الانتخابات فلن تتمكن التشكيلات المسلحة من إفشالها.
وأوضح الكبير أن الصراع المسلح للمجموعات المسلحة تركز السنوات الأخيرة في العاصمة طرابلس،
مشيرا إلى أن السبب الرئيسي للصراع هو السلطة والنفوذ، وأحيانا يقع الصراع لأسباب تافهة.
وأردف “المجموعات المسلحة في طرابلس تفرض سيطرتها على حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي وعلى كافة أجهزة الدولة في العاصمة”.
وفي ظل هذه الأحداث يبقى السؤال، هل سينتهي الوضع بليبيا إلى برلمان ورئيس منتخب أو مزيد من الأحداث الدموية الخاسر الوحيد فيها هو المواطن الليبي؟