منذ أكثر من عقد من الزمن، والصراع في ليبيا وإن اختلفت أشكاله فهو في مجمله يهدف للوصول إلى الثروة بمعناها الضيق وهو موارد النفط.
لم يكن يوماً الصراع في ليبيا أيديولوجيا ولا من أجل إرساء الديمقراطية أو الشورى أو لتعزيز الحريات ،،إلخ حتى وإن تم اتخاد تلك الشعارات كغطاء، ولكن الهدف غير المعلن هو الوصول إلى الثروة ومن مختلف أطراف الصراع.
دائماً وعبر التاريخ، معظم الصراع في العالم كان بغرض الوصول إلى الثروة، باستثناء الأنبياء والرسل والذين كان لهم هدف رباني في إبلاغ رسالاتهم السماوية ، فالكل كان يسعى للسيطرة على منابع الثروة.
ليبيا ليست استثناء وقد أصبحت لديّ قناعة بأن معظم من قاتل بالسلاح وصراعات الحكومات المتتالية وصولات المجالس التشريعية جميعها تسعى للحصول على ( الثروة ) ،،، ومعظمهم إن لم يكن جميعهم ،،، يخلق الخلاف والاختلاف للاستمرار في الكرسي بهدف المزيد من الاستحواذ على الثروة وبأي شكل كان ،،،،،!!! حتى الصراع على السلطة نفسه يهدف إلى ذلك ،،،،
،،، لعله لا عيب في المطالبة بتوزيع عادل للثروة بين مختلف مناطق الوطن، إذا كان الغرض والغاية فعلاً تنمية المناطق والجهويات أياً كان تسميتها، ولكن المصيبة أن هدف ( أولئك ) البعيد، ليس مناطقهم، بل جيوبهم ،،،،!!! فهم للأسف يستخدمون المناطقية والقبلية والجهوية كحصان طروادة للوصول الى منافعهم الخاصة وليست مناطقهم ،،،!!! ومن هنا فهم ميكيفاليون بكل معنى الكلمة وفي قناعتهم المخفية، الغاية تبرر الوسيلة، أياً كانت هذه الوسيلة، ولو كانت أربع أو ست أو ثمان لجان مالية ،،،،!!! أو كانت حرباً بالسلاح وبالاعلام أو عن طريق خلق النعرات الجهوية والعنصرية ،،،،الخ
هذه حقيقة مؤلمة ولا أعممها، ولكن معظمنا هو كذلك.
انظروا ما يحدث الآن، أربع لجان خلال تقريباً شهر ونصف، البرلمان والرئاسي والحارس القضائي والاقتصاد، كلها لجان تشكّلت بهدف الانقضاض على الغنيمة وباسم العدالة ،والتوزيع العادل، مازال مجلس الدولة ووزارة المالية والمصرف المركزي ، ربما في الطريق… وكل منهم يعزف على ليلاه
فهل هذا يليق بمفهوم الدولة ككيان دستوري وطني؟ شيء غريب!
من حيث المبدأ الثروات العامة ووفقاً لكل الشرائع والنواميس الوضعية هي حق لكل المناطق ولكل الليبيين، والعدالة في توزيع الثروة ضرورة اقتصادية اجتماعية دينية لا يختلف عليها اثنان!
ولكن يجب أن تكون في إطار الدولة وقوانينها وتحت رقابة سلطاتها الرقابية!
تكلمت سابقا ومنذ سنة تقريبا ،،، وفي مداخلات عدة في الصالون الاقتصادي وغيره، وأكدت على أن (إيرادات النفط) موردنا الوحيد يجب أن يخضع في سياقه التنموي إلى توزيع عادل على كل مناطق الوطن بلا استثناء ووفقا لمعايير علمية موضوعية عادلة.
حتى وإني اقترحت مجموعة من المعايير (والتي يمكن الإضافة لها أو تعديلها) وفقا لمعطيات تنموية صرفة تستند إلى أسس اقتصادية وديموغرافية وتنموية من شأنها المساهمة في خلق نموذج تنمية مستدامة في كل مناطق الوطن ووفقاً لنظام النقاط (الثابتة والمتغيرة)، ووفقاً لخطط تنموية قصيرة الآجل ومتوسطة وطويلة…
أكدت أيضا أن هذا النموذج ( التنموي ) يجب أن يتم تطويره وباستمرار من خبراء وطنيين، لا يهم من أي جزء من الوطن، ديدنهم فقط مصلحة ليبيا الوطن الواحد للجميع وبالجميع.
إن استمرار معاناتنا بهذا الشكل وفي إطار صراع ما يسمى (توزيع الثروة)، ما هو إلا انتحار اختياري لنا جميعاً وهلاك للوطن بأكمله
أدعو الله صادقاً أن يلهم مسؤولينا جميعا طريق الصواب، وأن يوفق المخلصين منهم لتنمية هذا الوطن ووحدته.
المصدر: الصفحة الشخصية للخبير الاقتصادي خالد الزنتوتي