in

استقلال القضاء ووحدته تترنّح بين الدائرة والمحكمة الدستوريتين مجددا

لسنوات عديدة استمرت الأزمة الليبية وانقسمت على خلفيتها مؤسسات الدولة، فأضحت الحكومة حكومتين والجيش جيشين والمصرف المركزي مصرفين، والجسم الوحيد الذي نجا من موجة الانقسامات هو القضاء، لكنه صار في المدة الأخيرة، مهددا بالمصير ذاته على خلفية إنشاء مجلس النواب محكمة دستورية تتنازع المهام مع الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.

الأعلى للقضاء

الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا قضت اليوم الأحد، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2021 بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء الخاصة بتكليف رئيس المجلس الأعلى للقضاء.

وينص القانون 11 لعام 2021، على تولي رئيس التفتيش على الهيئات القضائية رئاسةَ المجلس الأعلى للقضاء، وأن يكون النائب العام نائبا له.

حكم معيب

في المقابل، ردّ المجلس الأعلى للقضاء على حكم الدائرة، مؤكدا أنه حكم معيب لانتفاء ولاية مُصدره بالقانون رقم 5 لسنة 2023 الصادر من مجلس النواب بشأن إنشاء المحكمة الدستورية العليا.

وأضاف مجلس القضاء أن الدائرة الدستورية انتقت هذا الطعن للحكم فيه دون غيره من الطعون، وأخلّت بحق الدفاع بعدم منح إدارة القضايا الأجل الذي طلبته للاستعداد لتحضير دفاعها.

وحذر المجلس من أنّ أقلّ النتائج المترتبة على هذا الحكم، سيكون انقسام الجهاز القضائي، مطالبا مجلس النواب بإصدار قانون لمعالجة التنازع في الاختصاص بإنشاء محكمة تنازع الاختصاص، و إرجاء التعامل مع كل المخرجات المتعلقة بدستورية القوانين إلى حين إنشاء هذه المحكمة.

“لن نتعامل مع الاثنين”

وكان رئيس المجلس الأعلى للقضاء مفتاح القوي، قد قال خلال الأيام الماضية، إنّ المجلس لن يتعامل مع أي مخرج دستوري صادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا والمحكمة الدستورية التي شكلها مجلس النواب على حد سواء.

وبيّن القوي أن هذا الخلاف يتطلب اللجوء إلى محكمة تنازع للبت فيه، لكن هذه المحكمة غير موجودة في ليبيا، موضحاً أنّ الحال سيظل كما هو عليه إلى حين إشعار آخر، مشيرا إلى أنّ مجلس النواب أخطر مجلس القضاء بعدم التعامل مع المحكمة العليا باعتبارها غير شرعية.

النأي بالقضاء

إلى ذلك، شدد عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي في حديثه للرائد، على ضرورة جعل القضاء بمنأى عن الصراعات والتجاذبات السياسية، مؤكدا ضرورة التصحيح وإعادة الأمور إلى نصابها بين مجلسي النواب والدولة للخروج من هذه الأزمة بحوار ليبي ليبي.

وأضاف “أصبحنا في وضع صعب، فمن جهة الدائرة الدستورية معطلة، ومن جهة صارت المحكمة الدستورية مشكلة بعد القرارات غير المسؤولة من النائب الثاني لرئيس مجلس النواب”.

معدومة الوجود

في المقابل، قال أستاذ القانون محمد بارة في حديث للرائد، إنه ليس من حق مجلس القضاء اتخاذ موقف سياسي واختيار مع من يتعامل خلافا للقانون، مبيناً أن الفصل في الطعون الدستورية هو اختصاص للمحكمة العليا.

وأضاف بارة “مجلس القضاء يخضع في عمله لاختصاصات محددة في قانون نظام القضاء، وهذا القانون يفرض عليه الخضوع لأحكام المحاكم، وليس له صلاحية القول بتطبيق أحكامها من عدمه، والمحكمة الدستورية معدومة الوجود ولم تمارس أعمالها بعد”.

قضاء واحد

ويتفق جميع المراقبين للمشهد السياسي الليبي على ضرورة المحافظة على وحدة القضاء الليبي، وتجنب سيناريو انقسامه إلى جسمين، وعدم جره إلى معترك السياسة والتجاذبات، فهو من سيكون الفيصل والجسم الصلب الموحد التي تتّكئ عليه البلاد عند أي خلاف أو جدال.

كُتب بواسطة إبراهيم العربي

نقيب الخبازين: لا بد من تعدد مصادر الحبوب للحفاظ على استقرار الدقيق في البلاد

“وليامز”: النخبة الحاكمة في ليبيا تميل نحو مقايضة سيادة بلادها بـ”ثمن بخس”