الحكومة والمركزي كما هو معروف صدعا رؤوسنا على مدار عام ونصف بمبادئ ومعايير الإفصاح والشفافية، وإن نشرهما لبيانات الإيراد والإنفاق شهرياً يأتي في إطار التزامهما بتلك المعايير والمبادئ.
لكن يبدو أنهما تناسيا أن الإلتزام بتلك المبادئ والمعايير لا يقتصر فقط على نشر قيمة الإيرادات المحصلة والنفقات المدفوعة شهرياً، وبيان ما تم تحويله من أموال للوزارات والمؤسسات والبلديات، بل يعني إزالة أي غموض من شأنه أن يكتنف تلك البيانات، سيما المتعلق بالإيرادات النفطية، وذلك التزاماً وعملاً بتلك المبادئ.
فالجميع يعلم إن الإيرادات النفطية لم تعد مجمدة في حساب المؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف العربي الخارجي منذ قرابة عام، كما أننا لم نعد نسمع عن هذا الموضوع إطلاقاً.
والجميع يعلم أن إنتاج النفط اليومي في المتوسط لا يقل عن 1.200 يوميا على مدار الأشهر الثمانية الماضية، وفقا لبيانات يومية صادرة عن المؤسسة، كما أن الجميع يعلم أيضاً أن أسعار النفط استقرت على مدار تلك الفترة ما بين 75 و80 دولارا للبرميل في المتوسط.
لكن الغريب في الأمر هو أن قيمة الإيرادات النفطية عن المبيعات وفق بيان المركزي عن الربع الأول من هذا العام والصادر أول أمس أظهر أن قيمة تلك المبيعات خلال الفترة لا تتجاوز 14.300 مليار دينار، أي ما يعادل 3.190 مليارات دولار، كما أظهر أن قيمة الإتاوات والضرائب النفطية المستحقة عن سنوات سابقة بقيمة 11.100 مليار دينار أي ما يعادل 2.477 مليار دولار.
والمشكل أن الجميع يعلم أن قيمة المبيعات النفطية والمقدرة بـ 3.190 مليارات دولار أقل بكثير مما يجب في ظل معدلات الإنتاج اليومي والأسعار السائدة في الأسواق العالمية.
فقيمة المبيعات النفطية التي يفترض أن تورد للمركزي عن الربع الاول من العام الحالي كان يجب أن تشمل مبيعات ديسمبر من العام 2022 م ومبيعات يناير وفبراير الماضيين والتي تقدرها قيمتها في المتوسط وفق الآتي:
12007590= 8.100 مليارات دولار .
وذلك دون احتساب قيمة إيرادات شهر مارس التي عادةً ما تورد خلال أبريل الحالي.
في حين لم تفصح الحكومة والمركزي عن أي تفاصيل إيضاحية حيال ظهور قيمة المبيعات بأقل مما يجب، ولم يبديا أسباب ومبررات ذلك.
فهل إجراءات حجز الإيرادات النفطية أو تجميدها لدى المصرف الخارجي لا زالت قائمة؟
وإن كانت كذلك فكيف تم توريد جزء من تلك المبيعات بالإضافة لقيمة الإتاوات والضرائب عن سنوات سابقة إلى المركزي؟
وهل مفهوم الشفافية والإفصاح لدى المؤسسة الوطنية للنفط يقتصر على نشر الكميات المنتجة يومياً فقط دون نشر قيمة المبيعات اليومية والشهرية؟
ألا يعني الإفصاح و الشفافية نشر كافة البيانات للرأي العام والجمهور، وإيضاح أي لبس أو غموض يكتنفها؟
ثم ماذا عن إيرادات الغاز التي لا تظهر إطلاقاً، لا في بيانات الحكومة ولا المركزي ولا المؤسسة، رغم أن هناك من يرى في الحكومة أن ليبيا يمكن أن تكون مورد غاز لأوروبا بديلاً عن روسيا؟
أليس من حق الليبيين معرفة تفاصيل أكثر عن مصدر دخلهم الوحيد، وأن من شان ذلك أن يشجعهم على ضرورة التفكير والبحث عن مصادر بديلة له من خلال استثمار عوائده في أوجه ومجالات مختلفة؟