ما إن تنتهي أزمة أو تنفرج قليلاً أمام المواطن، وما أن يتنفس المواطن الصعداء، حتى تظهر نفس الأزمة أو غيرها من جديد تؤرقه وتتعبه.
أزمة السيولة من أكثر الأزمات التي أرقت المواطن الليبي وأثقلت كاهله، وتسببت في طوابير طويلة أمام المصارف من أجل سحب مئات الدينارات القليلة.
وبعد انفراجة ملحوظة، هاهي أزمة السيولة في المصارف، تًطل برأسها من جديد، لتعود الطوابير الطويلة، ولتنعدم أو تقل قيمة النقد المسموح به من المصارف.
الرائد تابعت مع عدد من خبراء الاقتصاد والمحللين في هذا المجال، آراءهم في عودة نقص السيولة بالمصارف وأسبابها وتداعياتها..
فكان رأي استاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية عبدالحميد الفضيل، في أن أزمتها لم تًحل جدرياً أو نهائياً حتى تنتهي رغم تحسنها نسبياً.
وشخص الفضيل المشكلة في تصريح خص به الرائد، في أنها مشكلة متأصلة في الاقتصاد الليبي مند سنوات، وأسبابها عديدة ومن بينها الانقسام السياسي الذي ولد انقساما اقتصاديا وكذلك تردي الوضع الأمني الذي دفع المتعاملين مع المصارف والمودعين أموالهم فيها لعدم الثقة فيها، إضافة إلى الخدمات التي تُقدم من بعض المصارف والذي نتج عنها إلى عدم الثقة فيها أيضاً.
وتابع الفضيل بالقول، إضافة إلى أنه لم يكن هناك عمل جاد لتطوير أنظمة الدفع الألكتروني من خلال توسيع انتشار البطاقات اللأكترونية وبطاقات السحب الذاتي كمحاولة للحد من الطلب على الأوراق المالية.
وأضاف الفضيل: بالنسبة لأزمة السيولة، التي أصبحت واضحة خلال الأسابيع القليلة الماضية، أتت بسبب إقفال مصرف ليبيا المركزي لحاسباته، وإيقافه بيع النقد الأجنبي.
وأيضا خلال السنوات الماضية بات واضحا أن المصدر الأجنبي للأوراق النقدية هي بيع النقد الأجنبي من خلال الاعتمادات المستندية، وهكذا دائماً مع بداية كل عام تصبح السيولة مشكلة وتصبح واضحة للجميع، وظهر ذلك بتقليص سحب قيمة السحب من المصارف.
وقال الفضيل، إن المرتبات أيضاً التي ارتفعت قيمها إلى أكثر من 47 مليار ديناير ليبي، هي سبب آخر في عجز المصارف عن توفير السيولة الكافية، والتي عليها توفير أكثر من 4 مليارات دولار شهرياً لتلبية الطلب الزائد على الوراق النقدية.
وتوقع الفضيل، إنحسار هذه الأزمة نسبياً وليس نهائياً، في المستقبل القريب لأن المركزي بدأ في فتح الاعتمادات المستندية، وهي المصدر الوحيد لتوفير النقد للمصارف.
وأشار الفضيل، إلى الحلول الجدرية التي يمكنها حل هذه المشكلة نهائياً وذلك عبر تطوير المنظومة المصرفية، وعودة التقة من المواطن والزبون مع المصارف، وتطوير وسائل الدفع الألكتروني، والاستقرار السياسي والذي سيقود إلى استقرار اقتصادي، بحسب تعبيره.
أما الكاتب والمحلل الاقتصادي وحيد الجبو فقال، إن ليبيا تستورد في 95% من حاجاباتها الضرورية من غذاء ودواء ومعدات وقطع غيار وسيارات واجهزة مختلفة وغيرها من الخارج، وبالتالي لا يمكن ان تعيش ليبيا بمعزل عن العالم في الواردات، كما لا يمكن ان تستمر التجارة مع ليبيا بدون عملة الدولار واليورو.
وأضاف الجبو في تصريح للرائد، أنه حين توقف المصرف المركزي والمصارف التجارية عن بيع العملة وعن ايقاف مؤقت لبيع العملة الصعبة والتحويلات والاعتمادات، عادت الأمور كما السابق حيث التجار والمؤسسات التجارية والافراد لا يقوموا بإيداع السيولة الليبية إلى المصارف.
وأوضح الجبو، إنه إذا استمر المصرف المركزي في التوقف عن فتح الاعتمادات المستندية، فسيقوم التجار بطلب شراء العملة من السوق السوداء والذي سيودي الي ارتفاع سعر الدولار في سوق العرض والطلب، بحسب قوله.
وأشار الجبو، إلى عدم ايداع القطاع الخاص لمدخراتهم في المصارف والذي ربما يودي الي جفاف المصارف من النقد والسيولة.
وكان الخبير والمحلل الاقتصادي أبوبكر طور قد توقع منذ أسابيع، ظهور بوادر أزمة سيولة في المصارف، وخاصة العامة منها، مع تكدس الأموال فى خزائن المصارف الخاصة.