in

كيف يؤثر الإنفاق التنموي إيجابياً على سعر صرف الدينار؟

الكثير من المواطنين يعتقدون أن الإيرادات النفطية والفائض في ميزان المدفوعات ورصيد الاحتياطي الأجنبي أهم المؤشرات التي تؤثر مباشرةً في تحديد سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية.

وصراحةً هذا الاعتقاد صحيح ولكنه يبقى غير كاف Unsufficien ، فالإنفاق الحكومي التنموي أو الاستثماري المرشد والمنظم والذي يتم وفق لدراسات وخطط واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى تأخد في الاعتبار اقتراح وتنفيذ المشروعات وفق الأولويات يلعب دورا كبيرا ومهما جداً ويؤثر إيجاباً في سعر الصرف.

وهذه حقيقة وواقع لكن يبقى السؤال كيف؟

وفيما يلي توضيح لذلك .

1- عندما تولي الحكوم أهمية قصوى لقطاع الصحة من خلال إنفاقها على إنشاء المستشفيات المركزية في مختلف التخصصات و تزودها بالكوادر الطبية المؤهلة والمتخصصة وبالأجهزة والمعدات الحديثة وبما يكفل تحسين وتطوير نظام الرعاية الصحية، فإن إنفاقها هذا حتماً سيؤدي إلى التقليل وبشكل كبير من اعتماد مواطينها على الخارج لغرض العلاج ما سيوفر كميات لا بأس بها من النقد الأجنبي كانت ستوجه إلى الإحتياطيات الأجنبية لتلك الدول.

2- الإنفاق الحكومي التنموي بهدف تطوير والرفع من كفاءة التعليم العالي والمتوسط عبر إنشاء المدارس والجامعات النموذجية في مختلف التخصصات والمجالات وتأهيل الكوادر البشرية ودعمها بالوسائل التعليمية الحديثة، هذا الإنفاق من شأنه أن يسهم في التقليل من الاعتماد على الخارج لغرض الدراسات العليا والتدريب وسيقلل من مدفوعات النقد الأجنبي للخارج ما سينعكس إيجاباً على رصيد الاحتياطي.

3- الإنفاق التنموي على إنشاء وتطوير مراكز التدريب المهني وًالحرفي في كافة التخصصات كأعمال البناء والحدادة والنجارة و الحلاقة وًالسباكة والسمكرة وميكانيكا السيارات والكهرباء وأعمال الديكور وغيرها من حرف ودعمها بالكوادر المتخصصة، هذا الإنفاق سيؤدي حتماً إلى خلق وتوفير فرص عمل حقيقية للعمالة الوطنية عوضاً عن العمالة الاجنبية وسيقلل من تدفق العملات الأجنبية إلى الخارج كما يخفف العبء عن الجهاز الإداري المترهل.

4- الإنفاق على إنشاء وتطوير المنتزهات و الشواطئ والمنشآت والمرافق السياحية بالتأكيد سيشجع السياحة الداخلية، ويقلل من الاعتماد على السياحة الخارجية ومن ثم توفير نقد أجنبي كان موجها لهذا الغرض.

5- الإنفاق التنموي على استصلاح وتعمير الاراضي الزراعية وًتوفير المياه والمستلزمات الزراعية والبذور والأسمدة وتشجيع ودعم المزارعين ومنحهم القروض اللازمة، هذا الإنفاق بالتأكيد سيسهم في زيادة الإنتاج المحلي من الحبوب، وسيقلص فاتورة استيراد الغذاء ما سيؤدي إلى دعم احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.

6 – الإنفاق التنموي عبر الاستثمار في قطاع النفط لتأهيل البنى التحتية للقطاع من شأنه أن يؤدي لزيادة الطاقة والقدرات الإنتاجية لتلك المنشآت مما يزيد من صادرات و إيرادات البلاد من النفط وهذا بالتأكيد سيعزز احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.

7- الإنفاق التنموي على قطاع الصناعة عبر تشجيع المواطنين والقطاع الخاص بمنحهم القروض والإعفاءات الجمركية والضريبة من خلال إنشاء المصانع في مجالات تصنيع المواد الغدائية والأدوية والملابس ومستلزمات الأطفال وقطع الغيار إلى جانب دعم المربين وتوفير العلف الحيواني كل هذا سيؤدي إلى تقليص فاتورة استيراد تلك السلع إلى جانب اللحوم والألبان ومشتقاتها بنسب معتبرة ما يعني تخفيف العبء على رصيد الاحتياطي.

8- الإنفاق التنموي على البنى التحتية وتطويرها من شبكات طرق ومواصلات ومطارات وموانئ وملاعب رياضية ومناطق حرة وشبكات كهرباء كل هذا سيؤدي إلى تدفق المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية للبلاد، وتدفق هذه الاستثمارات بالتأكيد ستدعم احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ودعم لقوة الدينار .

وصراحةً هناك الكثير من الطرق والمجالات التي يمكن أن يساهم فيها الإنفاق التنموي وبشكل غير مباشر في دعم قوة الدينار أمام العملات الأجنبية، بالاضافة لهذا الدور فالإنفاق التنموي على هذا النحو يلعب دوراً مهماً أيضاً في خلق الوظائف وتخفيض معدلات التضخم ورفع حجم الناتج المحلي للبلاد ومتوسط دخل الفرد وتحسين مستوى معيشة مواطينها.

وأخيراً فكل ما ذكرته ليس بالغريب أو الجديد فهذا ما تنتهجه معظم دول العالم أبرزها مصر وًتونس و المغرب وغيرها بل حتى دول الخليج النفطية أعادت مؤخراً النظر في سياساتها واستراتيجياتها في شأن تنويع مصادر دخلها عبر التقليل تدريجياً من اعتمادها على النفط بحيث يصبح دخلها القومي مع حلول 2030 م خال من إيرادات النفط. لكن للأسف حكوماتنا السابقة والمتعاقبة لا تعير أي أهمية لمثل هذه الموضوعات فجل تركيزها على النفط ثم النفط أو مفاقمة الديون واستنفاد الاحتياطيات في حال تعطله أو عدم كفاية إيراداته فهي لا تعتبره وسيلة لتنويع مصادر دخل البلاد ويبدو أنها لا تؤمن بأنه سلعة ناضبة قابلة للزوال عند زمن معين

كُتب بواسطة ليلى أحمد

نفقات الشركة العامة للكهرباء في الربع الأول من 2022

اجتماع سرت.. تجسيد للتوافق الوطني وتأكيد على دعم الحكومة