بين تعثّر خارطة الطريق ورهان الحوار المهيكل
قدّمت المبعوثة الأممية لدى ليبيا هانا تيتيه، الجمعة إحاطة شاملة إلى مجلس الأمن استعرضت فيها مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي والأمني وحقوق الإنسان في البلا، محذّرة من أن استمرار التعطيل السياسي يهدد بإبقاء البلاد في حالة جمود، في وقت تراهن فيه البعثة على الحوار المهيكل كمسار جامع لكسر الانسداد
خارطة الطريق: تأخير مستمر وفشل في تنفيذ الأولويات
أكدت تيتيه أن أربعة أشهر مضت منذ طرح خارطة الطريق السياسية دون إحراز تقدم ملموس في أولى مهامها ذات الأولوية، وفي مقدمتها إعادة تشكيل مجلس المفوضية العليا للانتخابات والاتفاق على الإطار الدستوري والقانوني المنظم للانتخابات.
وأوضحت أن الاتفاق الذي توصلت إليه لجنتا المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في أكتوبر لإعادة تشكيل مجلس المفوضية خلال أسبوعين لم يُنفذ، رغم الاجتماعات المتكررة والوساطات الأممية، مشيرة إلى أن غياب الثقة والانقسامات الداخلية داخل المؤسستين لا تزال تحول دون التوافق.
كما كشفت أن الاتفاق الموقع في 28 نوفمبر بشأن آلية اختيار أعضاء مجلس المفوضية لم يُحترم هو الآخر، إذ لم تُرسل أسماء المرشحين ضمن الآجال المتفق عليها، معتبرة أن ذلك يعكس عمق الانسداد السياسي القائم.
الإطار الدستوري: فرصة جديدة وسط جدل داخلي
وفيما يخص المسار الدستوري، أشارت المبعوثة الأممية إلى إعادة تشكيل وفد المجلس الأعلى للدولة في لجنة (6+6)، معتبرة ذلك فرصة لإعادة تحريك ملف القوانين الانتخابية، رغم الجدل الداخلي الواسع، حيث عبّر أكثر من 75 عضواً عن دعمهم لأعضاء اللجنة الأصليين.
وأكدت أن استكمال هذين المسارين يُعد شرطاً أساسياً للوصول إلى انتخابات تحظى بالمصداقية والشرعية.
الحكومة والتعديل الوزاري: إعلان دون تفاصيل
وتطرقت تيتيه إلى إعلان رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديل حكومي، موضحة أن البعثة ليست على اطلاع على تفاصيل هذا التعديل أو نطاقه، لكنها أخذت علماً بالإعلان في سياق دعوات متزايدة لإجراء الانتخابات، صدرت أيضاً عن رئيس مجلس النواب عقب تظاهرات في مدن شرق البلاد.
الحوار المهيكل
ووصفت تيتيه إطلاق الحوار المهيكل يومي 14 و15 ديسمبر بأنه محطة مفصلية، كونه أول حوار وطني بهذا الحجم يُعقد داخل ليبيا، بمشاركة 124 شخصية تمثل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية واللغوية.
وأكدت أن الحوار يهدف إلى صياغة مبادئ توجيهية لبناء الدولة وتقديم توصيات سياساتية وتشريعية في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة الوطنية، مشددة على أنه مسار موازٍ لخارطة الطريق وليس بديلاً عنها، مبينة أنها ستعرض هذه الآلية في إحاطتها القادمة في فبراير المقبل.
الملف الاقتصادي: الانقسام المالي يهدد الاستقرار
وحذّرت المبعوثة الأممية من أن الانقسام المالي المستمر يقوّض الاستقرار الاقتصادي ويضعف تقديم الخدمات ويزعزع ثقة المواطنين، مرحبةً بالاتفاق الموقع بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن برنامج تنموي موحد، واعتبرته خطوة إيجابية إذا نُفذ بشفافية ورقابة فعالة ووفق المعايير الدولية.
تلويح بآلية بديلة
وقالت تيتيه إنه لا ينبغي أن تُؤخذ العملية السياسية رهينة تقاعس الأطراف السياسية الفاعلة الرئيسية، التي تبقي على الوضع الراهن، سواءً عن قصد أو غير قصد.
وأشارت تيتيه إلى ما طرحته في إحاطتها الأخيرة بشأن البحث عن آلية بديلة في مال لم يحرز مجلسي النواب والدولة تقدمًا في أول مرحلتين من خارطة الطريق مؤكدة أنها ستطلب الدعم من مجلس الأمن بالخصوص
الأمن وحقوق الإنسان: استقرار هش وقلق متزايد
وقالت تيتيه إن الوضع في طرابلس وغرب ليبيا يبقى هشاً مع اندلاع اشتباكات مسلحة متفرقة في مناطق جنوب العاصمة وغيرها. لذا،
وطالبت الأطراف المعنية بالعمل سوياً من أجل تنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها والمضي قدماً في الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار
وتابعت أن البعثة رصدت وفاة محتجز آخر في بنغازي، إثر مزاعم بتعرضه للتعذيب وحرمانه من الرعاية الطبية على يد وحدة أفيد بأنها تابعة لوزارة الداخلية في الشرق، ليرتفع إجمالي عدد الوفيات في الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد، والتي تحققت منها البعثة، إلى 24 حالة بين مارس 2024 ونوفمبر 2025.
وفي سياق متصل لفتت تيتيه إلى أن البعثة تعتزم
زيادة وجودها في شرق ليبيا وإنشاء قسم اقتصادي متخصص تابع لها ومن المقرر افتتاحه مطلع عام 2026. كما تعتزم البعثة توسيع وجودها في سبها في عام 2027 إذا سمحت الموارد بذلك.

