قالت المنسق العام للتحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني، والعضو المشارك في الحوار المهيكل، منال أبوعميد، في تصريح للرائد إن الاجتماع الأول للحوار جاء تمهيديًا بالأساس، وركّز على وضع الإطار العام والمنهجي للحوار، مشددة على أن نجاح هذا المسار مرهون بتوفر الإرادة السياسية والتفاعل الجاد من الأطراف المؤثرة، وربط مخرجاته بآليات تنفيذ واضحة تحظى بدعم داخلي ودولي.
وأضافت أبوعميد أن الاجتماع الأول كان اجتماعًا تمهيديًا في المقام الأول، ركّز على تحديد الإطار العام للحوار، وأهدافه، ومنهجيته، ومحاوره الرئيسية، موضحة أنه لم يكن مخصصًا لاتخاذ قرارات نهائية، بل شكّل خطوة أولى لبناء الثقة بين المشاركين، وتوحيد الفهم حول طبيعة الحوار ودوره باعتباره مسارًا داعمًا للعملية السياسية، وليس بديلًا عنها.
وبينت أنه جرى خلال الاجتماع التأكيد على شمولية الحوار وضرورة تمثيل مختلف المكونات السياسية والمجتمعية.
وترى أبوعميد أن الحوار المهيكل، من حيث المبدأ، قادر على الإسهام في كسر الجمود السياسي إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية لدى الأطراف المعنية، مشيرة إلى أن الحوار بحد ذاته ليس حلًا سحريًا، لكنه يوفّر مساحة للتواصل وتقريب وجهات النظر، خصوصًا في ظل انسداد المسارات الرسمية، مؤكدة أن نجاحه يبقى مرهونًا بمدى تفاعل الفاعلين المؤثرين واستعدادهم لتقديم تنازلات متبادلة.
وذكرت أبوعميد أن رؤيتهم للتسوية السياسية تقوم على قاعدة التوافق الوطني، وتوحيد المؤسسات، والذهاب إلى انتخابات شاملة تستند إلى أساس دستوري واضح.
واعتبرت أن الحوار المهيكل يمكن أن يلعب دورًا داعمًا لهذه التسوية من خلال بلورة أفكار توافقية وضاغطة باتجاه الحل، مقدّرة نسبة نجاح هذا المسار بأنها متوسطة، مع إمكانية ارتفاعها في حال تم ربط مخرجات الحوار بمسارات تنفيذية واضحة تحظى بدعم داخلي ودولي.
وفيما يتعلق بالمدة التي أعلنتها المبعوثة الأممية، والبالغة ما بين أربعة إلى ستة أشهر، اعتبرت أبوعميد أنها مدة واقعية نسبيًا، وليست طويلة إذا ما أُحسن استغلالها.
وأشارت إلى أن الحوارات الوطنية العميقة تحتاج إلى وقت كافٍ للنقاش وبناء التوافق، موضحة أن الإشكال لا يكمن في طول المدة بقدر ما يكمن في فاعلية إدارتها، وضمان عدم تحوّلها إلى عامل إضافي للمماطلة السياسية.
وحول الضمانات الكفيلة بتحقيق مخرجات الحوار، رغم ما أعلنته البعثة من عدم إلزاميتها، أكدت أبوعميد أن الضمان الحقيقي لا يقتصر على الإلزام القانوني، بل يكمن في حجم التوافق الوطني الذي تحظى به المخرجات، ومدى تبنّي الرأي العام والقوى المؤثرة لها.
وأضافت أن وجود دعم دولي متماسك، وربط المخرجات بحوافز أو ضغوط سياسية، قد يمنحها وزنًا عمليًا رغم عدم إلزاميتها الشكلية.
وأوضحت أبوعميد أن تركيبة المشاركين في الحوار المهيكل تهدف إلى تحقيق التنوع، وتشمل فاعلين سياسيين، وممثلين عن المجتمع المدني، وشخصيات أكاديمية، إضافة إلى الشباب والنساء وبعض الفاعلين المحليين. وبيّنت أن اختيار الأعضاء تم عبر آلية انتقائية اعتمدتها البعثة، استنادًا إلى معايير التوازن الجغرافي والتنوع المجتمعي والقدرة على الإسهام الفاعل في الحوار، وهو ما أثار بعض الانتقادات، لكنه يظل – بحسب قولها – محاولة لتحقيق الشمول.
وحول مكان انعقاد الجلسات، قالت أبوعميد إن النية المعلنة هي عقد جلسات الحوار داخل ليبيا كلما سمحت الظروف الأمنية واللوجستية بذلك، لما يحمله ذلك من رمزية وأهمية على المستويين السياسي والمعنوي.
واختتمت أبوعميد حديثها بالإشارة إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الحوار تتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف، واستمرار الانقسام السياسي والمؤسسي، وتأثير المصالح الضيقة لبعض الفاعلين، إلى جانب التدخلات الخارجية وضعف ضمانات تنفيذ المخرجات. كما لفتت إلى أن حالة الإرهاق الشعبي من تكرار المسارات الحوارية قد تؤثر سلبًا على الزخم والدعم المجتمعي لهذا المسار.

