in

انطلاق الحوار المُهيكل … هل يكسر الجمود السياسي أم يعيد تدوير الأزمة؟

وسط حالة الانسداد السياسي المستمرة، وتراجع الثقة في المسارات السابقة، يعود ملف التسوية إلى الواجهة مجددًا مع انطلاق ما يُعرف بـ”الحوار المُهيكل” برعاية البعثة الأممية في ليبيا.

حوارٌ تقول البعثة إنه شامل وتمثيلي، بينما يرى منتقدوه أنه تكرار لمسارات لم تُفضِ إلى حلول حقيقية، فهل يشكّل هذا الحوار فرصة واقعية لكسر الجمود، أم محطة جديدة في مسار طويل من التعقيد؟

إطلاق الحوار… أرقام ورسائل أممية

افتتحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، في طرابلس أعمال الحوار المُهيكل، مؤكدة أنه يُعد إحدى الركائز الأساسية لخارطة الطريق التي تيسّرها الأمم المتحدة.

وكشفت تيتيه أن عدد المشاركين بلغ 124 شخصًا من مختلف المناطق والخلفيات، من بينهم 81 رجلًا و43 امرأة، إضافة إلى 13 شابًا، وممثلين عن المكونات الثقافية واللغوية، وأشخاص من ذوي الإعاقة. وأوضحت أن نسبة مشاركة النساء بلغت 35% (34.6%)، في إطار ما وصفته بالتزام البعثة بمبدأي الشمول والتنوع.

آلية الاختيار
وأشارت المبعوثة الأممية إلى أن اختيار المشاركين كان بترشيح من البلديات، والأحزاب السياسية، والجامعات، والمؤسسات الفنية والأمنية، والكيانات الثقافية، إلى جانب أكثر من ألف ترشيح طوعي من مواطنين ليبيين.

وأكدت أن معايير الاختيار ارتكزت على الخبرة، والقدرة على بناء التوافق، وتغليب المصلحة الوطنية.

محاور وجدول

أعلنت تيتيه أن جلسات الحوار ستنطلق فعليًا في يناير 2026، وتمتد من أربعة إلى ستة أشهر، لمناقشة أربعة محاور رئيسية، هي الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، المصالحة الوطنية وحقوق الإنسان،

وتهدف هذه الجلسات، بحسب البعثة، إلى بلورة توصيات عاجلة لتحسين الحوكمة وتهيئة البيئة الملائمة للانتخابات، إلى جانب مقترحات سياسية وتشريعية تعالج جذور النزاع.

توسيع المشاركة

واستانف بعثة الأمم المتحدة فعاليات الحوار اليوم، بعقد جلستين متزامنتين لمساري الحوكمة والأمن، على أن تُعقد جلسات مماثلة لمساري الاقتصاد والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان.

كما أطلقت البعثة منصة رقمية مخصصة للشباب من 18 إلى 35 عامًا، لتمكينهم من المشاركة بآرائهم في قضايا الحوار.

تجاوز أخطاء الماضي

من جهته، رحّب الحزب الديمقراطي بانطلاق الحوار، معتبرًا إياه فرصة لاقتراح حلول توافقية لقضايا خلافية جرى تجاوزها في حوارات سابقة مثل الصخيرات وجنيف.

وشدد الحزب في بيان له على ضرورة معالجة هذه الملفات بالتوازي مع الاستحقاقات المطلوبة لتسوية سياسية شاملة، داعيًا البعثة الأممية إلى الدفع بالمسار الانتخابي، ومعالجة الوضع القانوني للمفوضية العليا للانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة.

النواب بين التفاؤل والحذر

عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي قال، في تصريح للرائد، إن الحوار قد يسهم في طرح رؤى جديدة حول القضايا الجوهرية، ويمكن أن يشكّل أرضية للوصول إلى الانتخابات.
من جانبه، رأى النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة موسى فرج، في تصريح للرائد، أن من الصعب التكهن بما سيتوصل إليه هذا الحوار.

وتابع أن مخرجات الحوار ستكون جملة من التوصيات والمقترحات لكيفية إنهاء حالة الانقسام التي تمر بها البلاد منذ سنوات.

وعبر فرج عن أمله أن يثمر هذا الحوار في تحقيق توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام وإنجاز الاستحقاق الدستوري وإجراء الانتخابات، مؤكدًا أن نجاحه مرهون بوعي المشاركين وخطورة استمرار الانقسام والتدخلات الخارجية.

أصوات ناقدة

في المقابل، عبّرت عضو مجلس النواب أسماء الخوجة عن عدم ثقتها في البعثة الأممية ومساراتها، معتبرة في تصريح للرائد أن الحوارات المتكررة لم تحقق نتائج فعلية، مطالبة البعثة بمعالجة تدخلات الدول الأجنبية أولًا.

كما وصف عضو مجلس النواب علي الصول في تصريح للرائد، الحوار المُهيكل بأنه “تدوير للأزمة” وتوسيع لدائرة الحوار بشخصيات غير مؤثرة، محذرًا من أن مخرجاته قد تُعقّد المشهد وتُطيل أمد الأزمة وفق تعبيره

اختبار للإرادة

وبين خطاب أممي يَعِد بالشمول والتوافق، ومواقف ليبية متباينة بين التفاؤل والتشكيك، يقف الحوار المُهيكل أمام اختبار حقيقي:
هل ينجح المشاركون في تحويل النقاش إلى حلول ملموسة تُنهي الانقسام وتفتح الطريق أمام الانتخابات، أم يُضاف هذا المسار إلى سجل طويل من الحوارات التي لم تغيّر واقع الأزمة؟

What do you think?

0 نقاط
Upvote Downvote

ليبيا بمعادلة شرق المتوسط: أثر الاتفاقية البحرية التركية الليبية على موازين القوة والسيادة

الدولية للهجرة: اعتراض 564 مهاجرا وإعادتهم إلى ليبيا خلال أسبوع