ضعف الثقافة السياسية لا يعني فقط الجهل بالأحداث، بل هو خلل في طريقة التفكير والتفاعل مع الشأن العام.
ينظر كثيرون إلى السياسة على أنها ولاء لأسماء أو رموز، لا التزام بمبادئ أو برامج، فتصبح النقاشات حول من معك ومن ضدك، لا ما الفكرة ولا ما المشروع.
القليل يعرف الفرق بين السلطات، أو معنى الدستور، أو دور البرلمان، أو أهمية الرقابة والمحاسبة. وحين تغيب هذه المعرفة، يسهل على السلطة خلط الأدوار وتغيير القواعد دون وعي شعبي قادر على المقاومة.
يُصاغ الموقف السياسي غالبًا من مشاعر الغضب أو الحماسة أو الخوف، لا من تحليل الوقائع والمصالح والمآلات، فتنتشر السرديات الشعبوية بسهولة.
كثيرون يرون السياسة وسخًا أو لا تعنيهم، فينسحبون من الشأن العام ويتركون ساحته للمغامرين والمتحايلين. وهذه اللامبالاة هي أخطر أشكال الضعف السياسي.
تُختزل القضايا الكبرى في جمل عاطفية مثل نريد التغيير أو نقف مع الوطن، دون تحديد فعلي لما يعنيه ذلك أو كيف يمكن تحقيقه، فتُدار الصراعات بالشعارات بدل السياسات.
قلة يمارسون التشكيك البنّاء في الروايات الرسمية أو الإعلامية؛ إذ يتلقى الناس الخبر كما هو، دون تحليل للسياق أو فهم للمصالح الكامنة وراءه.
تتحول النقاشات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى معارك هوية، لا إلى تبادل أفكار، فيغيب احترام الرأي المختلف، ويحل محله التخوين والسخرية.
ضعف الثقافة السياسية لا يعني فقط قلة المعلومات، بل فقدان القدرة على قراءة الواقع بوعي، والمشاركة فيه بمسؤولية.
فالثقافة السياسية ليست ترفًا فكريًا، بل شرطًا أساسيًا للحفاظ على الحرية، والعدالة، وكرامة الإنسان.
in مقالات
ضعف الثقافة السياسية: حين يتحول الشأن العام إلى شعارات ومشاعر


