ما يفعله حميدتي اليوم في دارفور ليس حدثًا سودانيًا صرفًا، بل هو صدى بعيد لمغامرة ليبية قديمة صنعها القذافي بأموال الليبيين ودمائهم.
القصة لا تبدأ من الفاشر، بل من طرابلس وسرت، حين قرر حاكم ليبيا أن يجعل من خزائن الدولة وسلاحها وسواعد أبنائها أدواتٍ لمشاريعه في إفريقيا، لا لمستقبل وطنهم.
القذافي لم يكتفِ بإرسال الجنود الليبيين إلى تشاد ودارفور، بل أنفق مليارات الدولارات من أموال الليبيين على حروب لا تخصهم.
أموال النفط التي كان يُفترض أن تبني المدارس والمستشفيات والموانئ، كانت تذهب لشراء ولاءات قبائل في الصحراء، وتمويل جبهات متمردة، وتسليح جماعات تدين له بالولاء لا بالمنطق.
كان يرى في خزائن ليبيا “صندوقًا شخصيًا لمغامراته”، وفي إفريقيا ملعبًا لتجربة نظرياته الجنونية الوهمية عن الوحدة والتحرر.
النتيجة أن ليبيا خسرت اقتصادها وهيبتها، بينما تحولت دارفور وتشاد والنيجر إلى شبكة مصالح مرتبطة بطرابلس، لا عبر الدبلوماسية، بل عبر التهريب والسلاح.
القبائل التي موّلها القذافي بمال الليبيين هي ذاتها التي تمدّ اليوم حميدتي بالمقاتلين وتفتح له الطرق القديمة بين فزّان ودارفور.
لقد كان القذافي يتحدث عن “الوحدة الإفريقية”، بينما كان يمزّق ليبيا من الداخل ويحوّل مالها إلى وقودٍ لحروبٍ لا معنى لها.
بأموال الليبيين رُسمت خرائط الفوضى التي نراها اليوم، وبأموالهم اشتُري الذهب والسلاح الذي يعيش عليه أمراء الحرب في السودان.
من سرت إلى الفاشر، السردية واحدة:
حاكمٌ أنفق ثروة بلاده على وهم الزعامة، وترك خلفه حدودًا مفتوحة تتنفس منها الفوضى.
حميدتي اليوم ليس سوى الوريث الطبيعي لمغامرةٍ بدأت بيد القذافي، مغامرةٍ بُنيت بالمال الليبي واستُكملت على حساب أمن ليبيا والسودان معًا.
لقد مات القذافي، لكن أثر ماله وسلاحه لم يمت — هو حاضر اليوم في الفاشر كما كان حاضرًا بالأمس في وادي الدوم، يذكّر الليبيين بأن أموالهم حين تُبدَّد في الخارج تعود إليهم على شكل خرابٍ في الداخل.
أرى كثيرًا من الليبيين اليوم يعلّقون بأسف على الصور التي تأتي من الفاشر ويتساءلون عن الأسباب — وأول سبب هو طمع الزعامة وأوهام التسيد من قِبل شخصٍ يقع عليَّ اللوم دائمًا في الانتقاص من قدره، ولكن الحقيقة أن ذاك الرجل هو سبب معظم خراب ليبيا ومحيطها، وستكون مهمّتي لبقية عمري فضحه، وإن كلّفني ذلك الكثير.
ما يفعله حميدتي اليوم في دارفور ليس حدثًا سودانيًا صرفًا، بل هو صدى بعيد لمغامرة ليبية قديمة صنعها القذافي بأموال الليبيين ودمائهم.
القصة لا تبدأ من الفاشر، بل من طرابلس وسرت، حين قرر حاكم ليبيا أن يجعل من خزائن الدولة وسلاحها وسواعد أبنائها أدواتٍ لمشاريعه في إفريقيا، لا لمستقبل وطنهم.
القذافي لم يكتفِ بإرسال الجنود الليبيين إلى تشاد ودارفور، بل أنفق مليارات الدولارات من أموال الليبيين على حروب لا تخصهم.
أموال النفط التي كان يُفترض أن تبني المدارس والمستشفيات والموانئ، كانت تذهب لشراء ولاءات قبائل في الصحراء، وتمويل جبهات متمردة، وتسليح جماعات تدين له بالولاء لا بالمنطق.
كان يرى في خزائن ليبيا “صندوقًا شخصيًا لمغامراته”، وفي إفريقيا ملعبًا لتجربة نظرياته الجنونية الوهمية عن الوحدة والتحرر.
النتيجة أن ليبيا خسرت اقتصادها وهيبتها، بينما تحولت دارفور وتشاد والنيجر إلى شبكة مصالح مرتبطة بطرابلس، لا عبر الدبلوماسية، بل عبر التهريب والسلاح.
القبائل التي موّلها القذافي بمال الليبيين هي ذاتها التي تمدّ اليوم حميدتي بالمقاتلين وتفتح له الطرق القديمة بين فزّان ودارفور.
لقد كان القذافي يتحدث عن “الوحدة الإفريقية”، بينما كان يمزّق ليبيا من الداخل ويحوّل مالها إلى وقودٍ لحروبٍ لا معنى لها.
بأموال الليبيين رُسمت خرائط الفوضى التي نراها اليوم، وبأموالهم اشتُري الذهب والسلاح الذي يعيش عليه أمراء الحرب في السودان.
من سرت إلى الفاشر، السردية واحدة:
حاكمٌ أنفق ثروة بلاده على وهم الزعامة، وترك خلفه حدودًا مفتوحة تتنفس منها الفوضى.
حميدتي اليوم ليس سوى الوريث الطبيعي لمغامرةٍ بدأت بيد القذافي، مغامرةٍ بُنيت بالمال الليبي واستُكملت على حساب أمن ليبيا والسودان معًا.
لقد مات القذافي، لكن أثر ماله وسلاحه لم يمت — هو حاضر اليوم في الفاشر كما كان حاضرًا بالأمس في وادي الدوم، يذكّر الليبيين بأن أموالهم حين تُبدَّد في الخارج تعود إليهم على شكل خرابٍ في الداخل.
أرى كثيرًا من الليبيين اليوم يعلّقون بأسف على الصور التي تأتي من الفاشر ويتساءلون عن الأسباب — وأول سبب هو طمع الزعامة وأوهام التسيد من قِبل شخصٍ يقع عليَّ اللوم دائمًا في الانتقاص من قدره، ولكن الحقيقة أن ذاك الرجل هو سبب معظم خراب ليبيا ومحيطها، وستكون مهمّتي لبقية عمري فضحه، وإن كلّفني ذلك الكثير.
الكاتب السياسي: عبدالمجيد العويتي


