في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتوضيح تفاصيل خارطة الطريق المقترحة، نشرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إجاباتٍ على مجموعة من الأسئلة التي طرحها المواطنون الليبيون حول مضمون الخارطة التي قدّمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، السيدة حنّا تيتيه، أمام مجلس الأمن.
وقد تناولت الأسئلة عدداً من القضايا الجوهرية، أبرزها مدة الحوار، ومعايير اختيار المشاركين فيه، وآلية معاقبة المعرقلين، إضافة إلى موقف البعثة من مسألة الحكومة المقبلة.
ومن خلال الاطلاع على الإجابات المنشورة، يبدو أن ردود البعثة جاءت إجرائية وشكلية أكثر منها جوهرية، إذ لم تقدّم رؤية واضحة أو آليات محددة لتنفيذ خارطة الطريق، واكتفت بعبارات عامة جاءت في سياق الرد على التساؤلات المتكررة منذ إعلان الخارطة.
فضلاً عن ذلك، التركيز على المدد الزمنية للحوار لا يجب أن يكون هو المعيار الأهم، فالقضية الليبية لا تُقاس بالوقت، بل بقدرة الحوار على تناول القضايا الخلافية الجوهرية التي يقود التوافق حولها إلى إجراء الانتخابات العامة واستعادة مؤسسات الدولة.
أما بخصوص معايير اختيار المشاركين، فقد اكتفت البعثة بتأكيد مبادئ عامة دون تحديد آلية واضحة، وهو ما يذكّر بتجربة حوار جنيف السابقة التي شهدت تشكيل لجنة لم تمثّل جميع الأطراف بشكل متوازن.
كما تجاهلت البعثة الإشارة إلى أطراف الصراع الحقيقيين ضمن فئات الحوار، وهو ما يُعدّ خللاً كبيراً في حال كان الهدف المعلن هو استعادة الدولة عبر توافق وطني شامل.
ويبقى الغياب الأبرز في إجابات البعثة هو جدول أعمال الحوار، وهو ما يهمّ الليبيين بالدرجة الأولى، إذ سئم الشارع الليبي من الحوارات التي تنتهي بتقاسم السلطة واستمرار الوضع القائم، دون تحقيق تقدّم حقيقي نحو الاستقرار والانتخابات.
وفي الختام، يمكن القول إن نجاح أي حوار وطني مرهون بمدى شفافيته وشموليته، وبقدر ما يُتيح مشاركة فاعلة لكل القوى الوطنية دون إقصاء أو تهميش. كما أن على بعثة الأمم المتحدة أن تكون أكثر وضوحًا في طرحها، وأقرب إلى تطلعات الليبيين، إذا كانت تسعى فعلاً إلى مرافقة البلاد نحو انتخابات حقيقية تؤسس لاستقرار دائم واستعادة مؤسسات الدولة.


