in

دعوة لإنقاذ الاقتصاد الوطني في ظل المتغيرات والمستجدات في سوق النفط العالمية

مع تصاعد مؤشرات الانخفاض في أسعار النفط الخام العالمية ، والمتغيرات التي ستشهدها أسواق الطاقة ، إثر السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية والتي ستفضي في نهاية المطاف إلى تراجع أسعار النفط إلى مادون 65 دولارا للبرميل .
باشر بعض الاقتصاديين طرح و مناقشة آفاق وامكانات واقتصاديات الاقتراض من الخارج ، من مصادره المختلفة ، رغم أن ليبيا غير مضطرة للاستدانة ، بحجة علاج العجز المتوقع في دخل النفط ، إذا ما انخفضت أسعاره ، دون المستوى الذي يغطي بند المرتبات والتسيير ، بالميزانية العامة للدولة ، أي لتفادي إقفال الحكومة وعجزها عن تلبية الاحتياجات الأساسية لليبيين ، وهو أسوأ وأخطر مايمكن أن يتعرض له الاقتصاد الليبي في ظل أزمته الراهنة ، ويهدد استدامة المالية العامة مستقبلاً .

والأولى بالنقاش والبحث هو البدائل و السياسات الاقتصادية التي تفضي إلى تحديد أولويات الإنفاق العام وضبطه ، وترشيد الإنفاق بالنقد الأجنبي ، واستقرار سعر صرف الدينار الليبي ، وإيقاف الهدر في بعض اوجه الإنفاق ، والحد من الفساد ، وتغني عن اللجوء إلى الاقتراض من الخارج .
وإن حدث ووقع المحظور ، فإن المسؤول الأول عن ذلك الوضع المحتمل هو الحكومات المتعاقبة ومن يدير المشهد السياسي والاقتصادي ، طوال السنوات الماضية ، إذ لم يعيروا اهتماماً للتحذيرات المتتالية من مغبة الاعتماد على إيرادات النفط كمصدر وحيد للدخل ، واستمرارهم في تنفيذ ميزانيات سنوية وإنفاق عام يتجاوز الدخل المتاح من إيرادات النفط ، والذي يمكن التصرف فيه ، وعدم الاهتمام بتنمية موارد الدخل الأخرى ، والدليل على ذلك حجم الدين العام المحلي الذي تجاوز حجمه الناتج المحلي الإجمالي بأضعاف.

لقد تم تجاهل كل المقترحات التي نادى بها الاقتصاديون لضبط الإنفاق العام ، ولتنويع مصادر الدخل ، وتوجيه الجهود نحو نشاطات اقتصادية واستثمارات تدر عوائد بالنقد الأجنبي ، وإعادة هيكلة نشاط المؤسسة الليبية للاستثمار ، أو على الأقل تبني رؤية تفضي إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على دخل النفط، بل إن الأمر وصل إلى إضاعة فرص لزيادة الدخل المتولد عن تصدير النفط إبان ارتفاع أسعاره ، التي لامست حاجز المائة دولار للبرميل ، ناهيك عن الإيقاف المتعمد لاستخراج وتصدير النفط أكثر من مرة ، رغم أن دولا نفطية كثيرة وضعت رؤى وبدأت تنفيذها مستشعرة خطر تدهور أسعار النفط واستحقاقات الثورة الصناعية الرابعة .

وفي تقديري أن اللجوء إلى الاقتراض من الخارج ، سواء من مؤسسات التمويل الدولية أو من السوق المالي عن طريق إصدار السندات ، هو أسوأ خيار يمكن اللجوء إليه ، للتكلفة الباهظة التي ستترتب عليه ، وللتصنيف المتدني للدولة الليبية ائتمانياً ، و أن هناك بدائل أخرى يمكن اللجوء إليها عوضاً عن الاستدانة ، وأن أي أموال قد يتم اقتراضها قد يلتهمها الفساد قبل أن يستفاد منها في غياب أولويات محددة للإنفاق العام ، واستراتيجية للاستثمار تموّل بغير إيرادات النفط ، هذا إن وجد من يقرض الدولة الليبية في ظل استمرار أوضاعها الحالية.

وعليه ، فالأجدى والأولى أن تتجه الجهود والأنظار ، في المدى القصير ، نحو إصلاح المالية العامة وضبط الإنفاق العام ، ومكافحة الفساد ، وترشيد استخدامات النقد الأجنبي ، وتطبيق سياسة تجارية متوافقة مع أهداف ترشيد الإنفاق بالنقد الأجنبي ، والعمل وفقا لميزانية عامة موحدة للدولة في حدود تقديرات الدخل المتوقع ، توضع لها أولويات واضحة ، وبسعر نفط تحفظي لا يتجاوز 60 دولارا للبرميل . وفي ذات الوقت ، تشكيل حكومة موحدة ، والذي نعتبره شرطاً ضرورياً ، تعكف على تنفيذ استراتيجية لتنويع الاقتصاد رأسياً ، من خلال عمل مؤسسي محكم يتحمل فيه الجميع مسؤولياتهم ، والاستثمار في الموارد الطبيعية المتاحة ، وفقاً لأولويات مدروسة ، وإطار زمني محدد ، بمعنى آخر وضع استراتيجية لإنقاذ الاقتصاد الليبي ، في مواجهة المستجدات الدولية ، قبل فوات الأوان.

ما رأيك ؟

0 نقاط
Upvote Downvote

كُتب بواسطة سلسبيل الرايد

الأهلي طرابلس يواجه فلامينغو البرازيلي على برونزية بطولة العالم للسلة

العابد: أكثر من 100 ألف طالب أجنبي في المدارس الحكومية